الجزائر – ربيعة خريس
يلف الشارع الجزائري، صمتًا حيال الانتخابات البرلمانية المزمع تنظيمها في الرابع من مايو / آيار المقبل، فالزائر إلى عدد من شوارع محافظة الجزائر العاصمة، يلاحظ مظاهر اللامبالاة وعدم الاكتراث بالموعد الانتخابي المقبل، وكأن المواطن الجزائري "مضرب" سياسيا. وانتشرت، أخيرا، في عدد من شوارع محافظة الجزائر العاصمة، مظاهر تخريب اللافتات الإشهارية المخصصة لتعليق القوائم الانتخابية، وتم تشويهها، وتؤكد هذه الظواهر التي تتكرر مع اقتراب كل موعد استحقاقي في الجزائر، على أن ثقافة الوعي الانتخابي تراجعت لدى الجزائريين نتيجة تراكمات سابقة.
وفي جولة استطلاعية قام بها "المغرب اليوم" في عدد من شوارع المناطق التابعة لمحافظة الجزائر العاصمة، لوحظ العبث باللافتات الإشهارية، وأقدم أشخاص على تعليق أكياس "القمامة" عليها بدل صور المترشحين الذين سيشرع في تعليقهم، بداية من الأسبوع المقبل تزامنا مع انطلاق موعد الحملة الانتخابية. وعمدت السلطات الجزائرية، مع اقتراب موعد الانتخابات البرلمانية، إلى تبني ترسانة من وسائل التوعية.
وشهدت الجزائر، طيلة عملية المراجعة الاستثنائية لقوائم الناخبين بالجزائر، حملة رسمية ضخمة تحت عنوان "كلنا معنيون" لحث المواطنين على التسجيل، أشرفت عليها وزارة الداخلية الجزائرية، وضخت أموالا كبيرة لإنجاحها. وبثت التلفزيونات والإذاعات الرسمية، على مدار يوم كامل، إعلانات ترويجية للعملية تحت شعار "انتخابات 4 مايو.. كلنا معنيون"، و"اسمع صوتك عبر بطاقة الانتخاب".
ويصادف الزائر لمحافظة العاصمة والمدن الكبرى لافتات طبرى عند مداخلها ومعلقات أخرى في الطرق الرئيسية تحمل نفس العبارات. وشنّت الأحزاب السياسية التي أعلنت عن مشاركتها في الانتخابات البرلمانية المقررة يوم 4 مايو / أيار القادم، حملة انتخابية مسبقة، في الميدان وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة منها لاستدارج الناخبين وحثهم على التوجه نحو صناديق الاقتراع يوم الانتخاب.
وأبدت الأحزاب السياسية المحسوبة على السلطة في الجزائر، تفاؤلها بارتفاع نسبة التصويت مقارنة بالاستحقاقات الماضية، وسجلت آخر انتخابات نيابية في 2012 عزوف قياسي، وبلغت نسبة المشاركة 43 بالمائة فقط. وراهن الأمين العام لحزب الرئيس الجزائري، عبد العزيز بوتفليقة، على نسبة تصويت تفوق الـ50 بالمائة تكون أغلبيتها المطلقة والساحقة لجبهة التحرير الوطني. وذكر الأمين العام، جمال ولد عباس، الجمعة، في لقاء جمعه بأمناء المحافظات ورؤساء اللجان الانتقالية ومتصدري القوائم الانتخابية، أنه وعد رئيس الحزب عبد العزيز بوتفليقة بتحقيق هذه النسبة.
وأبرق الأمين العام للحزب الحاكم، بتعليمات إلى القواعد النضالية للحزب، يدعوهم فيها إلى إعداد برنامج الحملة على مستوى كل منطقة مع التركيز على العمل الجواري الميداني، واستغلال كل المناسبات في التعبئة والتجنيد، في محاولة لاستدراج المواطن الجزائري الذي يغيب عن المواعيد الانتخابية، إما مقاطعا أو غير مكترث أو معاقبا لكل المترشحين والمنتخبين.
وكان الرئيس الجزائري، عبدالعزيز بوتفليقة، قد ناشد الشعب الجزائري، في رسالة بعث بها سابقا للجزائريين بمناسبة يوم الشهيد، للتوجه نحو صناديق الاقتراع والتصويت، قائلا "أناشد بنات وأبناء بلادي استعمال حقهم واختيار ممثليهم بالذهاب إلى صناديق الاقتراع بقوة، وفي كنف الضمانات التي أقرها الدستور والقانون لاحترام خيارهم الحر والسيد". ويرى رئيس حزب الجيل الجديد، سفيان جيلالي، الذي أعلن عن مقاطعته للانتخابات البرلمانية المزمع تنظيمها في الرابع من مايو/آيار القادم رفقة طلائع الحريات، الذي يقوده منافس الرئيس الجزائري السابق، على بن فليس، أن غياب الجزائريين عن صناديق الاقتراع هي عزوف انتخابي وليس مقاطعة.
وقال المتحدث، في تصريحات صحافية، لـ "المغرب اليوم" إن نسبة الإقبال على الانتخابات البرلمانية المقبلة ستكون ضعيفة جدا، فأغلبية الشعب الجزائري غير مبالٍ بالانتخابات التشريعية المقبلة، نظرا لانعدام الثقة بين المواطن الجزائري والجهة المشرفة على الانتخابات، فالسلطة غير قادرة على ايجاد أي سبب لتبرير تراجع نسبة التصويت وحتى الأحزاب السياسية التي أعلنت عن مشاركتها فهي تتجاهل ظاهرة العزوف الانتخابي وتتفادى الحديث عنها في خطابتها.