الرباط - وسيم الجندي
قرّر حزب العدالة والتنمية المغربي، فتح تحقيق بشأن بث الموقع الرسمي للحزب مقطع فيديو من مداخلة لأحد قيادييه، وهو ينتقد فيها النظام الملكي، بعد أن أثارت ردود فعل واسعة. وأعلن الحزب الذي يقود الائتلاف الحكومي، عبر موقعه الإلكتروني، عن تشكيل لجنة يشرف عليها أمينه العام سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، ويرأسها إدريس الأزمي الإدريسي، الوزير السابق ورئيس الفريق النيابي للحزب، وبعضوية كل من نبيل شيخي ومحمد الحمداوي ورشيد المدور، بهدف "التحقيق في نشر الموقع الرسمي للحزب لبعض المداخلات في الندوة الوطنية للحوار الداخلي، دون قرار من قيادات الحزب".
وحذف الموقع الإلكتروني للحزب كل الفيديوهات، التي كان قد بثها عن مداخلات وتعقيبات عدد من قيادييه، بينهم بلال التليدي، ومصطفى الرميد، وعزيز رباح، ومحمد الحمداوي، وعبد العزيز أفتاتي، خلال الحوار الداخلي الذي أطلقه الحزب نهاية الأسبوع الماضي، والذي يسعى من خلاله إلى إنجاز قراءة للسياق السياسي العام في البلاد، وتقييم تجربته الحكومية، بعد إعفاء أمينه العام السابق عبد الإله ابن كيران من رئاسة الحكومة، وما خلفه ذلك من تصدعات داخله.
وكان عبد العالي حامي الدين، القيادي في الحزب، وأحد الأصوات المعارضة داخله، قد قال في تعقيبه، إن "الملكية بشكلها الحالي معيقة للتقدم وللتطور وللتنمية". وقرر الحزب حذف الفيديو بسبب الجدل الذي أثاره، فضلا عن اعتراض حامي الدين نفسه على نشر حزبه لـ"مقطع قصير من أربع دقائق من نقاش حزبي داخلي، معزولا عن سياقه وحيثياته، وعن سياق مداخلته الكاملة".
وانتقد "ردود الفعل المغرضة" من المناهضين للحزب من "بقايا اليسار"، الذين "اعتادوا أن يسبحوا في الماء العكر، ويعتقدون أن الفرصة مواتية لهم لممارسة هوايتهم المفضلة، منذ انتخابات 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 2011، ومنذ تشكيل حكومة ابن كيران الأولى، والمتمثلة في محاولة استعداء المؤسسة الملكية ضد حزب العدالة والتنمية"، على حد تعبيره.
ودافع حامي الدين عن رأيه، وموقف حزبه من الملكية، بقوله إنه: "يتحمل مسؤولية الأفكار التي عبر عنها، والتي تستند في جوهرها إلى التراكم الفكري، الذي طوره الحزب في موضوع إصلاح النظام السياسي، وتم بسطه بشكل مفصل في أطروحة النضال الديمقراطي، وفي ورقة الإصلاحات الدستورية، التي تقدم بها الحزب سنة 2011 أمام اللجنة الملكية لتعديل الدستور"؛ مشيرا في تدوينة، ردا على الجدل الذي أثارته مداخلته، إلى أن "الظروف السياسية التي تمر منها البلاد هي ظروف مطبوعة بالقلق العام من أجواء التوتر الموجودة، والنقاش داخل الحزب يندرج في سياق البحث عن الحلول المطلوبة من الجميع خلال هذه المرحلة".
كما شدد القيادي الحزبي على أنه "يمكن اعتبار عهد الملك محمد السادس هو انطلاق مرحلة جديدة في العلاقة بين القصر والأحزاب السياسية الجادة، حيث انتهى منطق الصراع بعدما اختارت الملكية أن تتموقع كقائدة لمشروعات الإصلاح، وهي قادرة على التطوير والتطور بكل شجاعة. ولذلك نتوجه إليها بمطالبنا دون خوف من عودة سنوات الرصاص، التي يخيفنا بها البعض، ولأننا نؤمن جازمين بأن الاختيار الديمقراطي اختيار لا رجعة فيه". مؤكدا أن "مدرسة (العدالة والتنمية) كانت وما زالت تؤمن بالإصلاح في نطاق الثوابت الوطنية، وعلى رأسها النظام الملكي، وتسعى لتطوير النظام السياسي عن طريق الحوار والتوافق وليس عن طريق الغلبة والقوة".