الرباط - المغرب اليوم
أثار مقطع فيديو متداول في المغرب، يظهر طلاب طب وصيدلة يصوتون ضد فتح كليات الطب أمام الطلاب المغاربة الفارين من أوكرانيا، جدلا كبيرا تحول إلى ما يشبه حربا كلامية بين الجانبين وقد عزز الطلاب موقفهم ببلاغ رسمي صدر عن اللجنة الوطنية لطلب الطب وطب الأسنان والصيدلة، صاغوا فيه أبرز الأسباب التي تدفعهم إلى رفض خيار إدماج نظرائهم العائدين من أوكرانيا في الجامعات المغربية.
ويوجد أكثر من 3700 طالب طب من أصل 8400 من الطلاب الذين كانوا يتابعون الدراسة في أوكرانيا قبل العملية العسكرية الروسية.ووقد رفض وزير التعليم العالي عبد اللطيف ميراوي، التعليق على الجدل الدائر، واكتفى، في تصريح بالقول إن "جميع الطلاب أبناؤنا" وفضل الوزير عدم الإدلاء بأية تفاصيل إلى حين وضع اللمسات الأخيرة على الحلول التي سيتم اتخاذها بصفة نهائية، من أجل حل مشكل الطلاب.وأكد المسؤول المغربي أن الأمر الذي "لا جدال فيه" هو أن مستقبل الطلاب العائدين من أوكرانيا لن يضيع.
ومن المنتظر أن تعقد وزارة التعليم اجتماعا، أواخر الشهر الجاري، مع عمداء كليات الطب والصيدلة واللجنة الوطنية الممثلة للطلاب من أجل النظر في الحلول الممكنة.وتعمل الوزارة حاليا على إحصاء الطلاب من خلال منصة إلكترونية تم إطلاقها مؤخرا، كما تعمل على التواصل مع جامعات في الدول المجاورة لأوكرانيا من أجل النظر في إمكانية استقبال الطلاب المغاربة.
توضيح الموقف
وفي تعليقه على موجة الانتقادات التي وجهها جزء من المغاربة للفيديو، الذي تم تصويره بجامعة الطب والصيدلة في مدينة وجدة، شرقي المغرب، يؤكد محمد القاسمي العلوي، رئيس اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، أن المقطع المتداول تم فهمه بشكل مغلوط.
ويوضح أن الطلاب كانوا قد ناقشوا قبل ذلك الأوضاع "المزرية" التي تعيشها كليات الطب والصيدلة، والتي تجعل من الصعب استقبال عدد إضافي من الطلاب.
ويستعرض ممثل الطلاب، وهو طالب في طب الأسنان، ثلاثة "خطوط حمراء" لا يمكن تجاوزها عن طريق الإدماج. وفي هذا الإطار يدعو الطلاب الحكومة إلى إحترام مبدأ تكافؤ الفرص، حيث يوضح محمد قاسمي علوي أن معظم الطلاب توجهوا إلى أوكرانيا، "بعد أن اخفقوا في اجتياز مباريات الطب في المغرب، أو أنهم لم يتمكنوا من الحصول على مجموع النقط المؤهلة لاجتياز الإختبار"، ومنهم من كان يتابع دراسته الثانوية في سلك الآداب، وبالتالي فإن إدماجهم "لن يكون منصفا للطلاب الذين ولجوا الجامعات عن جدارة".
أما العائق الثاني، فيتمثل حسب المصدر نفسه، فيما يصفه بالاكتظاظ، الذي تعرفه المستشفيات الجامعية على مستوى تداريب طلاب الطب، مؤكدا أن الطلاب المتدربين في بعض الأقسام الاستشفائية يضطرون لتقسيم أيام التداريب بينهم حتى يتمكن الجميع من الاستفادة. وفي هذا السياق، يبرز الطالب، الذي يتابع دراسته في السنة السادسة، أن المستشفيات الجامعية لا يمكنها أن تستوعب أكثر من 3700 طالب إضافي.
وتوجد في المغرب تسع جامعات طب يدرس فيها أكثر من عشرين ألف طالب، معظمهم يجري التداريب، التي تعد ضرورية، في المستشفيات الجامعية.ويؤكد محمد قاسمي علوي، أن إدماج العائدين من أوكرانيا في ظل الظروف الحالية، ستكون له تداعيات سلبية على "جودة أداء اطباء المستقبل" وبالتالي سيكون هناك "خطر على صحة المواطن".
ويسلط طالب طب الأسنان الضوء على الوضعية الصعبة التي يعيشها الطلاب وهم في انتظار تحقق الوعود التي تضمنها اتفاق طلاب الطب مع الحكومة، عام 2017.ومن أبرز التعهدات، الرفع من قيمة التعويضات المقدمة للطلاب في سنوات التحصيل الأخيرة، والرفع من عدد الجامعات.
الحلول الممكنة
ويقترح ممثل طلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة، بناء جامعات جديدة وتزويدها بالكوادر الطبية التعليمية اللازمة من أجل إدماج الطلاب القادمين من أوكرانيا، أو إدماجهم في الجامعات الخاصة.
ويتوفر المغرب حاليا على ثلاث جامعات خاصة توجد بالرباط والدار البيضاء ومراكش، ويدفع الطلاب مبالغ كبيرة لمتابعة دراستهم بها.وقبل الحرب، كان الطلبة المغاربة يمثلون ثاني أكبر جالية أجنبية في الجامعات الأوكرانية بعد الجالية الهندية، بما يزيد عن 8200 طالب.
وقد عاد الآلاف منهم إلى المغرب، على متن رحلات خاصة سيرتها شركة الخطوط الجوية المغربية. ويطالب هؤلاء بإدماجهم في الجامعات المغربية، كما يعملون على خلق تنسيقية لمباشرة محادثات مع المسؤولين الحكوميين حول وضعيتهم.وكان جزء من الطلاب الفارين من أوكرانيا، قد دخل في تراشق كلامي مع طلاب الطب، الذين يتعابعون دراستهم في المغرب، وهو ما خلق نقاشا انخرط فيه جزء من المغاربة بين مؤيد ورافض للإدماج.
المتاعب المادية
وكانت مصادر في وزارة التعليم أكدت في وقت سابق وجود اتصالات مع بعض البلدان المجاورة لأوكرانيا من أجل استقبال الطلاب المغاربة، وتم التأكيد على التواصل مع رومانيا بهذا الشأن.
ويقول سعد، الطالب بالطب العام بجامعة دنيبرو الأوكرانية، إنه مطالب بدفع أكثر من ستة آلاف دولار إذا أراد أن يتسجل بإحدى الجامعات الأوكرانية.وفي تصريح يؤكد سعد أنه لا يستطيع إخبار أسرته بالأمر، لأنها كانت قد دفعت مبلغا مماثلا قبل أشهر لجامعة الطب في أوكرانيا.
وتتخوف أسر الطلاب الفارين من أوكرانيا، من إمكانية مطالبتهم بدفع تكاليف جديدة لجامعات جديدة، خاصة بالنسبة للطلاب الذين يدرسون في السنة الأخيرة والذين كانوا قد دفعوا مسبقا أقساط عام دراسي كامل.وتتراوح تكلفة العام الدراسي في أوكرانيا بين أربعة وعشرة آلاف دولار.
قد يهمك أيضا
مشروع قانون التعليم العالي يثير الجدل في الجامعات المغربية