واشنطن ـ يوسف مكي
كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أن إدارته "ستتخذ إجراءً قويّاً" بشأن الهجرة، وذلك بعد يوم من إعلانه أنه سينشر الجيش لحماية الحدود الجنوبية مع المكسيك، وواصل ترامب انتقاده لإجراءات الأمن الأميركية على الحدود في تغريدة على "تويتر"، وحثَّ الكونغرس مجدداً على سَنِّ قوانين أشد.
وقال ترامب: "قوانين الحدود لدينا ضعيفة للغاية، لكنها قوية للغاية في المكسيك وكندا. ينبغي للكونغرس أن يغير هذه (القوانين) المرتبطة بفترة أوباما وقوانين أخرى الآن. سوف نتخذ إجراءً قويّاً، ولم يرد ممثلون عن البيت الأبيض بعد على سؤال بشأن الإجراء الذي يعتزم ترمب اتخاذه، كما ذكرت وكالة "رويترز".
وكان الرئيس قد أبلغ صحافيين أول من أمس أنه يرغب في نشر قوات عسكرية إلى أن يتم بناء السياج الحدودي الذي وعد به. وقال البيت الأبيض في وقت لاحق إن الاستراتيجية تشمل الاستعانة بالحرس الوطني.
من جهتها، أوضحت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أمس أنها تبحث سبل دعم وزارة الأمن الداخلي في مسألة أمن الحدود. وقال مسؤولون كبار بإدارة ترمب إن وزارة الأمن الداخلي تُعِدّ تشريعاً يهدف إلى تسريع إجراءات ترحيل بعض المهاجرين غير الشرعيين.
من جانبها، طالبت المكسيك، أول من أمس، بتوضيحات بعد إعلان الرئيس الأميركي أنه ينوي نشر الجيش الأميركي على الحدود التي أصبحت غير آمنة بسبب تقصير السلطات المكسيكية وقرارات سلفه باراك أوباما. في غضون ذلك، عبّر مشرعون من الحزبين الجمهوري والديمقراطي عن معارضتهم لاستخدام ميزانية وزارة الدفاع الأميركية في تمويل بناء الجدار الحدودي مع المكسيك.
وقال ترامب على هامش لقاء مع قادة دول البلطيق الثلاث في البيت الأبيض، أول من أمس: "إلى أن نحصل على جدار وأمن مناسب، سنقوم بحماية حدودنا بجيشنا. إنها خطوة كبيرة". ومباشرة بعد ذلك، أعلن سفير المكسيك لدى الولايات المتحدة جيرونيمو غوتيريس أنه طلب توضيحات من السلطات الأميركية.
من جهته، كتب وزير الخارجية المكسيكي لويس فيديغاراي في تغريدة على "تويتر" أن "الحكومة المكسيكية ستقرر الرد بحسب هذه التوضيحات، وستدافع دائماً عن سيادتنا ومصلحتنا الوطنية".
وأوضح البيت الأبيض، مساء الثلاثاء، أن دونالد ترمب "أبلغ الأسبوع الماضي من قبل مسؤولين كبار في الإدارة بتدفق متزايد لمهاجرين بطريقة غير مشروعة والمخدرات وأفراد عنيفين في عصابات قادمة من أميركا الوسطى".
وأضاف أن ترمب وخلال هذا الاجتماع مع وزراء الدفاع والأمن الداخلي والعدل خصوصاً "طالب باستراتيجية صارمة لإدارته من أجل مواجهة هذا التهديد وحماية أمن أميركا". وتابع أن ترمب "عقد الثلاثاء اجتماع متابعة للبحث في استراتيجية إدارته التي تشمل تعبئة الحرس الوطني".
وكان الحرس الوطني الذي يشكل قوات احتياط في الجيش الأميركي تدخل على الحدود في 2010 بأمر من أوباما، وكذلك بين 2006 و2008 في عهد الرئيس جورج بوش الابن. وينص قانون يعود إلى عام 1878 على أن الجيش لا يمكنه بشكل عام التدخل على الأرض الأميركية بهدف حفظ النظام أو تطبيق قوانين، لكن يمكنه أداء دور مساعدة ودعم لمراقبة الحدود خصوصاً، كما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية.
ويعزز ترامب الضغط منذ نهاية الأسبوع الماضي على المكسيك وعلى الكونغرس الأميركي ليتحرك كل منهما من أجل منع وصول مهاجرين سريين من أميركا الوسطى، خصوصاً من هندوراس، موجودين حالياً في جنوب المكسيك، إلى الولايات المتحدة، ويبلغ عدد هؤلاء نحو ألف شخص، لكنهم دفعوا ترمب إلى نشر عدد من التغريدات التي تطالب المكسيك بوقفهم.
وقد أشار مجدداً إلى إعادة التفاوض حول اتفاق التبادل الحر لأميركا الشمالية (نافتا)، وعبّر عن ارتياحه لأن المكسيك لبَّت طلبه على ما يبدو. وكتب: "أعتقد أنهم يفعلون ذلك وعلى كل حال، قبل 12 دقيقة كان يتم تفكيك القافلة" التي تنقل هؤلاء المهاجرين.
من جهة أخرى، اتهم ترمب باراك أوباما بأنه "أجرى تغييرات أدَّت بكل بساطة إلى عدم وجود الحدود"، والديمقراطيين بالتقصير في تطبيق قوانين الهجرة. وهو يريد أيضاً أن يصلح الكونغرس قوانين تتعلق باللاجئين والمهاجرين، وينتقد إجراء يسمح بإطلاق سراح المهاجرين السريين الذين يتم توقيفهم إلى أن تتم محاكمتهم، مما يمكن أن يستغرق أشهراً إن لم يكن سنوات.
وكشف ترامب: "نحتاج إلى جدار يمتد 1100 - 1330 كيلومتراً" على طول الحدود. وحاليا هناك مناطق فقط من الحدود التي يبلغ طولها 3200 كيلومتر مؤمنة بسياج ما. لكن الكونغرس رفض حتى الآن تخصيص أموال لبناء جدار إسمنتي كبير يريده ترمب.
وقال النائب الجمهوري فرنسيس روني في مقابلة تلفزيوني على شبكة "سي إن إن": "لا أشعر حقاً بالارتياح حيال نشر القوات العسكرية وخلق إمكانية زيادة العنف وتصعيد النزاع، يجب إيقاف هؤلاء الناس على الحدود،
ومعاينتهم من خلال الإجراءات الاعتيادية. ويجب أن يكون لدينا الكثير من عناصر الأمن الحدودي للقيام بذلك". وتابع روني قائلاً: "أفضِّل التعامل مع قضايا الهجرة في سياق مدني، وليس من خلال إجراءات عسكرية".
بدورهما، حذر مشرِّعان ديمقراطيان في مجلس الشيوخ، البنتاغون، من استخدام الميزانية العسكرية للمساعدة في بناء الجدار الحدودي بين الولايات المتحدة والمكسيك، مرجحين أن هذه الخطوة غير قانونية.
وأرسل كل من ديك دوربين والسيناتور جاك ريد رسالة إلى وزير الدفاع جيمس ماتيس يطلبان فيها رأيه حول مشروعية استخدام مخصصات الوزارة المالية لتمويل الجدار الحدودي. وجاء في الرسالة: "بما أنه لم يتم تخصيص أي أموال لهذا الغرض، فإننا نستنتج أن إنفاق الأموال من قبل وزارة الدفاع لبناء جدار حدودي من شأنه أن ينتهك قانون العجز المالي".
يُشار إلى أن قافلة مهاجرين تتوجّه إلى الحدود المكسيكية - الأميركية. وقد انطلقت في 25 مارس (آذار) من تاباشولا على الحدود مع غواتيمالا. وهي تضم نساء وأطفالاً ومسنين، وتتمركز منذ بداية الأسبوع في ماتياس روميرو بقلب ولاية واهاكا الجبلية. وأمضى هؤلاء ليلتهم في حدائق وملعب رياضي حيث ناموا على الأرض، تحيط بهم حقائبهم.
ويريد هؤلاء المهاجرون دخول الولايات المتحدة، لكن يبدو أن ناشطي حقوق الإنسان وسلطات الهجرة المكسيكية بدأوا حواراً. وقال ناشط إن السلطات المكسيكية لم تعرقل تقدم المجموعة، وإن كان لقاؤهم مع السلطات تضمن تحذيرات.