واشنطن - يوسف مكي
يترقّب العالم أجمع شن الولايات المتحدة وحلفاؤها هجوما على الدولة السورية بحجة استخدامها للسلاح الكيماوي في دوما ضد المدنيين، وإذا وقع هذا التهديد الذي يتبناه الرئيس الأميركي دونالد ترامب، سيكون الثاني بعد عام من شنه هجوما في نفس التوقيت من العام الماضي على سورية بحجة استخدام الكيماوي ضد المدنيين في مدينة خان شيخون.
وأكد الرئيس دونالد ترامب أنه لم يكشف حتى الآن عن موعد شن هجوم على سورية، بسبب هجمات السلاح الكيماوي المزعم أن النظام السوري شنها على المدنيين، لكن تحذيره لروسيا يوم الأربعاء بالاستعداد إلى الصواريخ الأميركية يمكن أن يكون انقلابا مذهلا، حيث قال في تغريدة لع عبر "تويتر" صباح الخميس "لم أحدد أبدا موعد شن الهجوم على سورية، ربما يكون قريبا جدا، وربما ليس قريبا على الإطلاق! وعلى أي حال قامت الولايات المتحدة تحت إداراتي بعمل عظيم في تخليص المنطقة من داعش، والآن أين شكرا أميركا؟".
وجاءت أحدث تصريحات ترامب في الوقت الذي زعمت فيه روسيا أن الخط الساخن الخاص بالجيش الأميركي ونظيره الروسي للتواصل حول عملياتهم في سورية كان نشطًا ويستخدمه الطرفان.
من جانبه، قال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحافيين "هذا الخط موجود وهو في حالة نشطة"، مضيفا أن الخط الذي يهدف إلى منع الاشتباكات غير المقصودة والوساطة الجوي قرب حالات الاخطاء "يستخدم من قبل الجانبين".
وأعلنت روسيا تعليق الخط الساخن عدة مرات خلال فترات التوتر بين الدول التي تنفذ حملات قصف منفصلة، وتم إنشاء الخط بموجب مذكرة موقعة مع الولايات المتحدة في عام 2015، ويعرف باسم خط تجنب الصراع، لأنه يستخدم للحفاظ على منطقة محددة دون صراع بين الجانبين، واستخدمت الولايات المتحدة الخط الساخن في أبريل/ نيسان من العام الماضي، عندما أطلقت أول ضربة صاروخية على قاعدة جوية سورية.
وحذر خبير روسي من أن هجوما روسيا مضادا في سورية قد يستهدف السفن أو الطائرات الغربية، كما قال إيفان تيموفيف، من مركز أبحاث مجلس الشؤون الدولية الروسي "من المحتمل أنه إذا تأثرت الطائرات أو الجيش الروسي بشكل مباشر، فستكون هناك إمكانية لشن ضربات مضادة، بما في ذلك غرق سفن أو اصطدام طائرة مهاجمة"، مضيفا "على الرغم من أن احتمال حدوث مثل هذا السيناريو ليس مرتفعا ولا ينبغي لنا أن نكون أكثر إثارة للقلق بشأنه، نحن في موقف خطير للغاية، المشكلة هي أننا نفتقر إلى التواصل مع بعضنا البعض".
وفي هذا السياق، قال السير جون سوير، الرئيس السابق للمخابرات البريطانية، إن هناك خطرا من أن "الروس سيفكرون في الغرب يقف خلف ذلك من خلال استخلاص استنتاجات من مزيج من رد الغرب على ما حدث في سورية، وهجوم عميل الأعصاب سكريبال في ساليسبري والعقوبات الإضافية على الرعايا الروس"، وسلط السيد سوير الضوء على "أهمية التواصل الجيد، ولكن ليس من خلال تويتر"، في إشارة إلى النهج المفضل لترامب، إذ حذر روسيا من زيادة التوترات، قائلا "روسيا تتعهد بإسقاط جميع الصواريخ التي تطلق على سورية، استعدي يا روسيا لأن الصواريخ قادمة وستكون لطيفة وجديدة وذكية!".
ودعت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، حكومتها إلى اجتماع طارئ في وايت هول بعد ظهر اليوم، وسط مؤشرات على أنها تستعد لدعم العمل العسكري للولايات المتحدة بشأن سورية دون الحصول على تصويت برلماني، ومن المتوقع أن تحدد ماي الأسباب والدلائل التي تشير إلى أن النظام السوري مسؤول عن الهجوم الكيميائي خارج دمشق، والخطوات التي تخطط الولايات المتحدة اتخاذها، كما من المتوقع أن تدعم الحكومة السيدة ماي، حيث غير ديفيد ديفيس، الذي عارض العمل العسكري في عام 2013، رأيه اليوم، وفي معرض تعليقه على أسباب تصويته في السابق، قال في مؤتمر في لندن "كان أحدهم هو ديفيد كاميرون لم يقدم الأدلة والمعلومات الاستخباراتية التي تؤكد لنا من ام بالهجوم، وثانيا لأنه لم تكن هناك خطة مناسبة تعمل بشكل صحيح".
ويجتمع مجلس الوزراء لمناقشة الأزمة السورية اليوم، وقال ديفيد في إشارة إلى اجتماع مجلس الوزراء القادم بعد ظهر اليوم "أنا متأكد أننا سنرد اليوم"، كما سيجتمع مجلس الأمن القومي لترامب في وقت لاحق اليوم لوضع اللمسات الأخيرة على توصياته بشأن سورية، وفي الليلة الماضية، قالت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض سارة ساندرز، إنه لم يتم اتخاذ أي قرارات نهائية وإن "كل الخيارات مطروحة على الطاولة"، مضيفة "الرئيس يحمل سورية وروسيا المسؤولية عن هذا الهجوم بالأسلحة الكيميائية".
وقالت مصادر في "وايتل هول" إن الحكومة تبذل كل ما هو ضروري كي تتمكن من إطلاق صواريخ "توماهوك" من الغواصات التي تعمل بالطاقة النووية ضد الأهداف العسكرية في سورية.
وفي هذه الأثناء، قالت وزارة الدفاع الروسية إن الجيش السوري يسيطر الآن بالكامل على الغوطة الشرقية، بينما ترفع الأعلام السورية الآن في دوما، وهي آخر معقل للمتمردين تسقط في يد النظام، إذ قال الجنرال يوري يفتوشنكو، رئيس المركز العسكري الروسي للمصالحة في سورية "اليوم حدث مهم في تاريخ سورية، حيث رفع علم الدولة على مبنى مدينة دوما، وهو يعني السيطرة على هذه البلدة؛ وبالتالي على الغوطة الشرقية كلها".
وعرض التلفزيون الروسي لقطات للعلم السوري على مبنى غير محدد الهوية بينما لوحت الجماهير المحتشدة بأعلام بين المباني التي دمرتها بالقذائف. وقالت وزارة الدفاع الروسية أيضا الخميس إن الشرطة العسكرية السورية بدأت في القيام بدوريات في دوما، بعد الإعلان عن نشرها المخطط له في اليوم السابق. وأكد الجيش الروسي أن الوضع في دوما كان طبيعيا وتم إجلاء أكثر 644 ألف شخص من المدينة عبر ممر إنساني.
وخاض النظام السوري، بدعم من الغارات الجوية الروسية والقوات على الأرض، حملة لمدة شهر في الغوطة الشرقية، وفي غضون أسابيع تمكنوا من السيطرة على الجيب، الذي كان موطنا لنحو 400 ألف شخص.
واتفق المتمردون في الجيوب الأخرى بسرعة على صفقات الإخلاء، تحت ضغط من المدنيين لأن لم يعد بإمكانهم مقاومة الهجوم الجوي العنيف.
ويمثل سقوط الغوطة الشرقية خسارة كبيرة للمعارضة التي تسيطر فقط على معاقل رئيسية أخرى في الشمال في إدلب ودرعا في الجنوب.