الرئيسية » أخبار محلية وعربية وعالمية
العاهل المغربي الملك محمد السادس

الرباط - رشيدة لملاحي

عرف عام 2017 الذي نودعه أحداثا مثيرة في الساحة السياسية المغربية ميزته عن الأعوام الماضية، إذ أحدث العاهل المغربي الملك محمد السادس زلزالا سياسيا غير مسبوق سيذكره التاريخ، ويعتبره المتتبعون للمشهد السياسي أهم حدث عرفته هذه السنة، بإعفاء رئيس الحكومة عبدالإله ابن كيران عقب أزمة حكومية دامت شهورا، قبل أن يتم تعيين خلفه سعد الدين العثماني على رأس التحالف الحكومي الذي تلقى ضربة قوية بإعفاء عدد من الوزراء، على خلفية تحقيق اختلالات مشروع الحسيمة المنارة المتوسط إلى جانب الإطاحة بكبار مسؤولي الدولة والولاة والعمال في عدد من مناطق المغرب.

في المقابل، شهدت الأحزاب المغربية هزة قوية أسقطت رؤساءها من زعامات الأحزاب التي عرفتها الأحزاب عقب تلقي الزعامات الشعبوية ضربة قوية، ويرى رشيد لزرق، الأستاذ في العلوم السياسية المتخصص في الشأن الحزبي في حديث خاص لـ"المغرب اليوم"، أنه حدث ما بعد التعاقد الدستوري 2011 شيء استثنائي في المشهد السياسي المغربي؛ إذ برزت قيادات شعبوية بسرعة وزمن مفاجئين: عبد الإله ابن كيران رئيس الحكومة، وحميد شباط على رأس حزب الاستقلال إدريس لشكر الكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي، ومحند العنصر الأمين العام للحركة الشعبية وإلياس العماري على رأس الأصالة والمعاصرة  وغيرهم.

وأكد لزرق أنه وفي ظل حراك سياسي متباين إلى حد كبير، اتسم بظهور نزعة التصادم وخطاب متشابه يعتمد التشكيك والفرجوية. جعلت هناك ردة سياسية شهدها المغرب بعد التعاقد الدستوري تمثلت في بزوغ مرحلة الشعبوية، التي عوض تثبيت الخيار الديمقراطي، عملت على جعل المنظومة الحزبية أحزابا أفرادا، مما أدى إلى شخصنة الصراع السياسي، وتغيير البنى الحزبية بجعلها قائمة على أفراد، فبتنا نسمع حزب بنكيران وإلياس وشباط ولشكر.

وتابع المتحدث نفسه المتخصص في الشأن الحزبي: "وهو الأمر الذي يفسر الاهتزازات التنظيمية، وعدم بروز حركات للتغيير هو نتيجة لكون القيادات الشعبوية فرضت مركزيتها بمختلف الطرق، وولدت مشهدا حزبيا يسوده الاضطراب على مستوى التحالفات، التي تظل سمتها الأساسية التغيير بشكل مستمر دون أساس إيديولوجي أو فكري وذي رؤية سياسية، فأضحت البنية الحزبية تعاني الجمود، ولا توجد بها ممارسة سياسية وحراك سياسي، بفعل أن شبكة الاتباع تفتقر إلى الفكرة السياسي".

وأوضح الأستاذ لزرق "وباتت الأدوات الحزبية لا تملك كوادر سياسية قوية، وانحصرت الصراعات التنظيمية في الوصول إلى مواقع قيادية. هذا الواقع أفرز ارتدادات عطلت القنوات المؤسساتية، وولدت أزمة وساطة، وباتت هذه الموجة الشعبوية خطرا على الدولة والمجتمع، بفعل ممارستها لغة التكتيكات والمصالح الآنية، الأمر الذي يفرض التغيير الذي يمر لزاما بتجديد الطبقة السياسية المتجاوزة، وبروز وجوه شابة متحررة من عقد الماضي، وقادرة على المبادرة، والانسجام مع دستور 2011، وإقناع المزاج العام الذي أصبحت له ثقافة متقدمة، فالمجتمع عكس الانطباع السائد بكونه محافظا بالمعنى الديني وإنما بالمعنى الثقافي هو الأقرب إلى الهدوء وعدم المغامرة، لأن العناصر المتحكمة في التنظيمات السياسية نهجت سياسة ضبط بحث في تحقيق تقاعد سياسي، وعملت على نهج سياسة التكتيكات، وإقصاء كل القوى الداعية إلى التعاقد من أجل المشروع".

وشدد أستاذ العلوم السياسية على أن هذه العقلية هي التي حالت دون إيجاد نخبة مؤثّرة من جيل الشباب الواعي والمسؤول، فمنذ الاستقلال إلى اليوم نجد نفس الشعارات وبروز ظاهرة المرشح الوحيد، التي هي ضرب في الاتجاه التصاعدي للتجربة الديمقراطية، الأمر الذي يفرض بقوة الحاجة إلى تجديد ما يُسمى بالنخبة السياسية، وفي الواقع انتهى عهد النخبة السياسية الشعبوية، من أجل المضي في مسار الدول الصاعدة وبناء ديمقراطي مغربي حقيقي ينطلق من مطالب المغاربة.

وقال لزرق: "نحن في حاجة إلى حلول مغربية تنطلق من مطالبنا وشعاراتنا وإمكانياتنا، وتحقق التنمية المستدامة، في ظل سيادة دولة القانون والمواطنة، عبر الانطلاق من معطيات الواقع من أجل تجاوزه عبر جعل الصراع السياسي صراع بدائل وليس صراع نزعات ذاتية"، مشيرا إلى أن "أحداث الحسيمة أظهر عجز قيادات الأحزاب عن ترجمة قيم الدستور إلى واقع حزبي معاش، إذ أسهمت طبيعة الممارسة السياسية في توسيع الهوة بين المواطن والمؤسسات، ما قوى الشعور بالاستياء والإقصاء. هذا الواقع الذي تفاعل معه العاهل المغربي في خطاب العرش، معبرا عن عدم ثقته في جزء كبير من الطبقة السياسية؛ الأمر الذي يجب معه تسليط الضوء على القيادات الحزبية التي امتهن جزء كبير منها الشعبوية كأسلوب للممارسة السياسية. واستمرار هذه القيادات سيقودنا نحو الأسوأ، لكونها جعلت من العمل السياسي وسيلة لإلهاء المخيال الشعبي بشكل وصل إلى درجة غير مسبوقة من الانحطاط القيمي، ما ضيع على المغرب خمس سنوات من الصراع السياسي.. فهل يعتبر عزل بنكيران واستقالة إلياس العماري مؤشرين على أن هذه القيادات ستخضع لنظرية "الدومينو"؟ وفق تعبيره.

وفِي مقابل ذلك يرى أستاذ العلوم السياسية لزرق، أن البرلمان المغربي بمجلسيه لم يرق بعد إلى المستوى الدستوري لكون التحقيق في تعثر برامج تنموية وغيرها هي إجراءات كان يمكن أن تتم عن طريق البرلمان من خلال تفعيل لجنة تقصي الحقائق وإثارة المسؤولية الفردية للحكومة ككل.

وأوضح المتحدث السالف ذكره أن "المزايدات السياسية حالت دون توفر النصاب القانوني لتشكيل لجنة تقصي الحقائق ولم يستطع البرلمان المغربي بمجلسيه، القيام بالأدوار المنوطة به دستوريا في تفعيل الرقابة البرلمانية على عمل الحكومة، في إثارة المسؤولية الفردية للحكومة ووزرائها، مما جعل الملك التدخل بموجب الفصل 42"، على حد قوله.

وخلص لزرق المتخصص في الشؤون الحزبية "أن الأمر الذي يشكل عقبة في طريق تكريس دولة المؤسسات في أزمة الحسيمة أظهرت ولا شك أن النخبة البرلمانية أضاعت فرصة ذهبية في توفير التراكم المنشود في تفعيل اختصاصات البرلمان والاتجاه نحو تفعيل الرقابة البرلمانية الذي يؤهل التجربة المغربية في المضي بها نحو الملكية البرلمانية".

يشار إلى أن المغاربة عاشوا خلال عام 2017 على إيقاع خبر هو الأول في تاريخ المشهد السياسي المغربي، عقب إعفاء الملك محمد السادس لرئيس الحكومة المكلف من تشكيل الحكومة، بسبب ما أسماه بلاغ الديوان الملكي بـ"التأخر في تشكيل الحكومة المغربية".

يذكر أن عام 2017 عرف الإطاحة بعدد من الزعامات وتلقى عبدالإله بن كيران رصاصة قاتلة بإنهاء مشواره السياسي عقب حسم برلمان حزب العدالة والتنمية الجدل المثير بشأن قيادة الرئيس السابق بن كيران الترشح لولاية ثالثة للأمانة العامة.

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

انفجار صواريخ بمواقع إسرائيلية حدودية و"سرايا القدس" تبث شريطا…
المروحيات الإسرائيلية تحلّق في أجواء الجنوب وترامب يمنح الضوء…
مجلس الحكومة المغربية يُصادق على مشروع قانون يتعلق بمدونة…
مجلس النواب المغربي يُصادق بالأغلبية على الجزء الأول من…
الولايات المتحدة تُسلم لبنان مسودة لمقترح هدنة لوقف إطلاق…

اخر الاخبار

السفير الإيراني السابق في بيروت يكشف عن اتصال نصرالله…
تعيين المغربي عمر هلال رئيساً مشاركاً لمنتدى المجلس الاقتصادي…
عبد اللطيف لوديي يُبرز طموح المملكة المغربية في إرساء…
لقجع يُبرز المكانة التي وصل إليها المغرب والتحديث الشامل…

فن وموسيقى

توتنهام ونيوكاسل يتنافسان على تين هاغ
مهرجان القاهرة السينمائي الدولي يُكرّم "الفتى الوسيم" أحمد عز…
هيفاء وهبي تعود إلى دراما رمضان بعد غياب 6 سنوات وتنتظر…
المغربية بسمة بوسيل تُشوّق جمهورها لأغنيتها الجديدة التي تستعد…

أخبار النجوم

محمد فراج يكشف تفاصيل أحدث أعماله الفنية
أشرف عبدالباقي يعود للسينما بفيلم «مين يصدق» من إخراج…
أحمد فهمي ضيف شرف سينما 2024 بـ 3 أفلام
هند صبري تكشف سر نجاحها بعيداً عن منافسة النجوم

رياضة

محمد صلاح يتصدر ترتيب أفضل خمسة لاعبين أفارقة في…
كريستيانو رونالدو يعتلي صدارة هدافي دوري الأمم الأوروبية
محمد صلاح على رأس قائمة جوائز جلوب سوكر 2024
الهلال⁩ السعودي يتجاوز مانشستر يونايتد في تصنيف أندية العالم

صحة وتغذية

نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية
الكشف عن وجود علاقة بين النوم المبكر وصحة أمعاء…
هل تختلف ساعات نوم الأطفال عند تغيير التوقيت بين…
أدوية علاج لمرض السكري قد تُقلل خطر الإصابة بحصوات…

الأخبار الأكثر قراءة

إسرائيل تستعد لعمليات إنزال بحرية في جنوب لبنان وتحدّر…
قيس سعيد رئيساً لتونس لفترة رئاسية ثانية
ترامب وهاريس يتبادلان الاتهامات بـ"الكذب" و"عدم الكفاءة" مع دخول…
إسرائيل تبدء عملية برية جنوب لبنان للمرة الثانية وتطالب…
في ذكرى 7 أكتوبر خسائر فادحة للاحتلال وحداد عام…