أنقرة ـ جلال فواز
أعلن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، أن "بلاده سلمت كلاً من السعودية وبريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وألمانيا، تسجيلات تتعلق بمقتل الصحافي السعودي المعارض، جمال خاشقجي"، ما يدل على أن أول إعتراف رسمي بأن الدقائق الأخيرة في حياة خاشقجي قد تم تسجيلها.
وذكرت صحيفة الـ"إندبندنت" البريطانية، أن مسؤوليين أميركيين وأتراكاً لم تّكشف أسماءهم، أبلغوا الصحافيين أن "السلطات التركية لديها تسجيل صوتي يزعم أنه يوثق تعذيب ومقتل خاشقجي، والذي كان منتقدا بارزا للحكومة السعودية، وولي العهد محمد بن سلمان". ولكنَّ إعلان إردوغان العلني عن وجود التسجيلات، سيزيد من الضغط على السعودية، وكذلك حدة التوتر بين الرياض، وحلفائها في واشنطن ولندن وباريس.
وقال الرئيس التركي في خطبة نقلت على التلفاز في أنقرة، قبل سفره إلى باريس للمشاركة في الذكرى المئوية للحرب العالمية الأولى:" سلمنا التسجيلات للسعوديين، والأميركيين، والألمان، والفرنسيين، والبريطانيين، وجميعهم سيعرفون كل شيء حين يستمعون إليها."
وجاء كشف أردوغان في الوقت الذي لفتت فيه السلطات التركية إلى أنها أنهت عملية البحث عن جثة خاشقجي، والتي يفترض المسؤولون أنها "أُذيبت في محلول حمضي"، ومع ذلك، أصرت الحكومة التركية على أن التحقيق الجنائي سيستمر.
وقُتل خاشقجي في 2 أكتوبر/ تشرين الأول، في السفارة السعودية في أسطنبول، على يد فريق من المسؤولين الأمنيين السعوديين، الذين استدرجوه إلى قنصلية البلاد ثم قتلوه. وحاولت المملكة العربية السعودية في بادئ الأمر التغطية على عملية القتل بدعوى أن الصحافي قد غادر مبنى القنصلية، لكنها قالت فيما بعد إنه توفي في شجار باليد مع الفريق الأمني داخل القنصلية، وفي نهاية الأمر أعترفت بأنه قُتل.
وتقول السلطات السعودية إنها اعتقلت 18 مشتبها بهم، والذين تريد تركيا تسليمهم؛ لمحاكمتهم على أراضيها، ولكن ازداد شعور الأتراك بالإحباط بسبب ما يصفونه بعدم التعاون من جانب المسؤولين السعوديين، كما يشعرون بخيبة أمل إزاء الرد الغربي، الذي يقولون إنه يهدف إلى الحفاظ على مكانة ولي العهد كحاكم فعلي للبلاد، كما يرون التصرفات الغربية الأخيرة، مثل الحد من التعاون مع الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، غير كافية.
وفي تسريبات أميركية، ذكرت الولايات المتحدة أنها قد لا تزود الطائرات السعودية التي تشارك في حرب اليمن بالوقود، وذلك قبل ساعات من إعلان وكالة الأنباء السعودية الرسمية أنها طلبت من الولايات المتحدة وقف عمليات التزويد هذه.
وسيزيد تسليم أردوغان للتسجيلات من الضغط على المسؤولين في الغرب، إذ أصبح عليهم وضع تعريف لعلاقتهم القوية مع السعودية، التي يرونها سوقا كبيرا لبيع الأسلحة، ومصدر استقرار في الشرق الأوسط. وفي هذا السياق، قال مسؤول تركي للإندبندنت:" نريد التأكد من عدم إخفاء جانب من جوانب مقتل خاشقجي، لذلك نشارك الأدلة مع أصدقائنا وحلفائنا لكشف هذا الأمر."
ونقلت وكالة "رويترز" عن مسؤولين فرنسيين لم تذكر أسماءهم قولهم: إن "الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، ونظيره الأميركي دونالد ترامب، تحدثا عن قضية خاشقجي في اجتماع مغلق في باريس قبل إحياء ذكرى الحرب".
ويدعي أردوغان أن أمر قتل خاشقجي جاء من شخصيات رفيعة المستوى في الحكومة السعودية، رغم أنه لم يتهم مباشرة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، مؤكدا أن "السعودية تعرف الشخص القاتل الذي كان بين الـ15 رجلا في القنصلية في أسطنبول".