هراري ـ عادل سلامه
هدَّد قادة الجيش الزيمبابوي، الرئيس السابق روبرت موغابى، أنَّه سيتعرض لمحاكمة فساد وقتل جماعي ما لم يُقدِّم "استقالته" طواعية. وتلقى موغابي، البالغ من العمر 93 عاما، تحذيرًا من أنَّ سمعته ستُدمر مع الإفراج عن ملفات الشرطة السرية التي تحتوي على سجلات أوامره الشخصية لذبح الآلاف في أوائل الثمانينيات. وقُتِلَ أكثر من 20 ألف من أفراد قبيلة "نديبيل"، حيث تعرضت النساء الحوامل للطعن والإجهاض المتعمد في الثمانينات، لأنَّهنّ دعمنّ حزبًا منافسًا يُعارض موغابي.
ومن شأن تفاصيل المشاركة المباشرة للمستبد، التي تؤكدها البرقيات وسجلات الهاتف التي حصلت عليها الشرطة السرية، أن تجعله يقف أمام اتهامات بارتكاب جرائم حرب. وقبل ساعاتٍ من استقالته ليلة الثلاثاء، ما دفع احتفالات السعادة أن تعم البلاد مع تدفق الأف إلى الشوارع، تلقى موغابى زيارة باردة من الجنرال كونستانتينو تشوينجا، قائد الانقلاب العسكري.
وفي المحادثات التي استمرت على مدار أسبوع في قصر بلو روف، قصر موغابي المترامي الأطراف المكون من 25 غرفة نوم والمقام على مساحة 44 فدانا من الأراضي، كان الطاغية قد جادل بشأن القضايا القانونية والدستورية المعقدة. بعد اعتقاله يوم الثلاثاء الماضي. وقدَّم قادة الانقلاب العسكري "عروضاً سخيةً" في الأيام التالية إلى موغابي كانت تتمثل في أنَّه يُمكن أن يتقاعد بمعاشه الكامل من الدولة وجميع المزايا الأخرى طالما قد تنحى. ولكن عندما أخلف موغابى اتفاق على الاستقالة في بثٍ تليفزيون مباشر يوم الأحد، تحوَّل تشيونجا إلى شخصٍ بلا رحمة.
وواجه تشيونجا والمسؤولون العسكريون موغابي بحزمٍ من ملفات الاستخبارات المتعلقة بأوامره بقتل الأبرياء خلال ما يسمى مذابح "غوكاهروندي"، وكذلك تفاصيل فساد الضخم وراء تكوين ثروته التي وصلت إلى 3 مليار جنيه إسترليني (4 مليار دولار أميركي). وقال أحد المسؤولين الذين شاركوا في المفاوضات: "حاولنا أن نكون لطفاء معه. إنَّه رجلاً عجوز. كان يتحدث لساعات، ثم يغفو في منتصف الجملة. إنَّه لا يستطيع المشي دون مساعدة ويجب أن يرتدي حفاضات خاصة. لم يستطع الاستمرار في السلطة".
وقيل لموغابي "إذا أردت الإصرار على التحدي والغطرسة سنُفرج عن كل هذه الوثائق. سيتم إهانتك ومحاكمتك وسجنك. تراثك ستلاشى". وكان من المقرر تسليم الوثائق إلى البرلمان خلال إجراءات الإقالة لعزله عن منصبه، ونشرها في جميع أنحاء العالم. وعلاوة على ذلك، أُبلغ موغابي أن زوجته غريس، التي كانت محتجزة في الحجز العسكري بعد وقت قصير من الانقلاب، لن "تكون محمية" سواء من الاضطهاد أو عنف الناس العاديين العازمة على الانتقام.
ومُنِحَ موغابي وغريس، الذي أفيد الليلة الماضية بأنهما "غير سعيدين للغاية" و "مكتئبين" بعد إجباره على التنحي، حصانة من الملاحقة القضائية. وتنح موغابى لصالح ايمرسون منانجاجوا نائبه المخلص السابق الذي وصل الليلة الماضية في هراري العاصمة الى حفلة استقبال كبير حضره الألاف الذين ما زالوا يحتفلون بنهاية حكم موغابي الذي دام 37 عاما.