صنعاء - عبد الغني يحيى
في الوقت الذي تواصل الميليشيات الحوثية جرائمها بحق سكان محافظة الحديدة، اقتحم عناصرها، الخميس، مخزنًا لمنظمة الغذاء العالمي، وقاموا بنهبه واعتقال اثنين من موظفي المنظمة الأممية، واقتيادهم إلى مكان مجهول، استمرارًا لأعمال السطو على المساعدات الدولية والتضييق على عمل المنظمات الإنسانية.
وأفاد شهود بأن عناصر الميليشيات اقتحموا، مخازن لمنظمة الغذاء العالمي في "كيلو 7" جنوب شرقي المدينة، وقاموا بنهبها، قبل أن يقدموا على اعتقال اثنين من موظفي المنظمة، واقتيادهم إلى مكان مجهول، وفي حين لم يتسن الحصول على تعليق رسمي من قبل المنظمة جراء الانتهاك الحوثي الجديد، رجحت مصادر محلية أن الميليشيات تسعى من خلال نهب مخازن المنظمة إلى توزيع الغذاء على مقاتليها والموالين لها، كما تحاول أن تسخره لاستقطاب السكان من أجل الانخراط في صفوفها.
إدانة محلية للممارسات الحوثية
واستنكر وزير الإدارة المحلية اليمني رئيس اللجنة العليا للإغاثة، عبد الرقيب فتح، استمرار الميليشيا الحوثية الانقلابية في مضايقتها للمنظمات الأممية والدولية العاملة في مجال الإغاثة في اليمن، وأدان، في تصريح نقلته وكالة الأنباء اليمنية الرسمية "سبأ" اقتحام ميليشيا الحوثي الانقلابية لمخازن برنامج الأغذية العالمي في محافظة الحديدة، وخطف اثنين من الموظفين في المنظمة الأممية، واقتيادهم إلى جهة مجهولة، معتبرًا ذلك جريمة حرب، ومخالفة للقوانين الدولية والإنسانية.
وقال فتح "إن مضايقات المنظمات العاملة الإغاثية التي تؤدي عملًا إنسانيًا، الشعب اليمني بأمسّ الحاجة إليه، عمل إرهابي بامتياز، ويستوجب من المجتمع الدولي والمنظمات الأممية إدانة هذا العمل، والوقوف بوجهه بكل قوة وحزم، واتخاذ كل الطرق والوسائل الكفيلة بردع الميليشيات عن التدخل في العمل الإنساني وعمل المنظمات الإغاثية".
وأضاف فتح "إن استهداف المنظمات الإغاثية في محافظة الحديدة، من قبل الميليشيات وسيطرتها على الميناء، واستخدامه لخطف السفن الإغاثية واحتجازها، يزيد من معاناة أبناء المحافظة، والشعب اليمني كله"؛ مجددًا دعوته للمنظمات بتطبيق اللامركزية في العمل الإغاثي، للحيلولة دون التعرض لها من قبل الميليشيات، ولضمان إيصال مواد الإغاثة إلى مستحقيها.
وطالب الوزير منسقة الشؤون الإنسانية في اليمن ليزا غراندي، والمنظمات الإنسانية، بإدانة هذه الأعمال، ومتابعة المختطفين العاملين في المجال الإغاثي، والعمل بكل السبل للإفراج عنهم، وضمان سلامتهم، وتحميل الميليشيات الانقلابية مسؤولية اختطاف الموظفين، والتدخل في نشاط المنظمات وإعاقة أعمالها، وإيضاح ذلك للمجتمع الدولي والإقليمي والأمم المتحدة ومجلس الأمن.
محاولات لتجنيد الشباب بالقوة والإغراء
إلى ذلك، ذكرت المصادر أن الجماعة واصلت توزيع مبالغ مالية على العشرات من الشبان في أحياء مدينة الحديدة، بعد أن دونت بياناتهم الشخصية، بذريعة أنها ستكلفهم بتأمين الأحياء التي يسكنونها، غير أن ناشطين مناهضين للجماعة يؤكدون أن الميليشيات تمهد بتوزيع هذه المبالغ التي لا تتجاوز 10 آلاف ريال "نحو 20 دولارًا" لتجنيد هؤلاء الشبان بالقوة في صفوفها.
وعلى وقع استمرار الميليشيات في إغلاق شوارع مدينة الحديدة بالحواجز، ونصب المدافع وسط الأحياء السكنية، تلقت الجماعة، الخميس، ضربات موجعة في الساحل الغربي "جنوب الحديدة" كبدتها أكثر من 80 قتيلًا وعشرات الجرحى، جراء عمليات تقدم وتمشيط لقوات الجيش والمقاومة الشعبية، وغارات لمقاتلات التحالف الداعم للشرعية.
المقاومة تسيطر غربًا
وأكدت في هذا السياق مصادر عسكرية يمنية لـ"الشرق الأوسط"، أن قوات الجيش والمقاومة توغلت شرقًا من أماكن تمركزها في الساحل الغربي، في منطقة الفازة، ضمن عملية واسعة، قطعت خلالها أكثر من 15 كيلومترًا، وباتت تحكم الحصار على مركز مديرية التحيتا، وتقترب من مدينة زبيد، ثاني أكبر مدن محافظة الحديدة.
وتواصل المعارك في كثير من مناطق الحديدة الساحلية اشتداد وتيرتها؛ حيث فشلت الميليشيات الحوثية في تنفيذ عمليات التفاف ضد "قوات العمالقة" التي باتت تفرض سيطرتها العسكرية على ثلثي مساحة المدينة الإستراتيجية، وفق ما أفاد به لـ"الشرق الأوسط" مدير غرفة العمليات المشتركة بالساحل الغربي، عدنان الماتري.
وأفادت المصادر بأن القيادة العسكرية لقوات الجيش والمقاومة اليمنية، بالتنسيق مع تحالف دعم الشرعية، اتخذت قرارًا يقضي بحسم المعارك المؤجلة في الجزء الشرقي من الساحل الغربي، قبل إطلاق عملية تحرير مدينة الحديدة ومينائها، حرصًا على تأمين طرق الإمداد وقطع الطريق على الميليشيات الحوثية التي تحاول بين وقت وآخر أن تنفذ عمليات التفاف لقطع الطريق الساحلي.
وذكرت المصادر أن العمليات العسكرية ستتواصل في الوقت الراهن لتحرير مركز مديرية التحيتا، ومدينة زبيد، التي باتت على بعد 11 كيلومترًا فقط من الخطوط الأمامية لقوات الجيش والمقاومة الشعبية، وكذلك تحرير مركز مديريتي الجراحي وبيت الفقيه، وهو ما يعني إحكام السيطرة على كافة الأرياف الجنوبية لمحافظة الحديدة، قبل اقتحام المدينة التي أصبحت القوات مرابطة في مطارها وعند أطراف أحيائها الجنوبية والشرقية.
وأكدت المصادر أن طيران التحالف كثف، ضرباته على مواقع الميليشيات وتعزيزاتها، وأماكن اختباء عناصرها في أوساط المزارع، في كل من مديريات التحيتا والدريهمي وزبيد، ما أدى إلى مقتل أكثر من 40 حوثًيا، وجرح العشرات، إضافة إلى تدمير 10 عربات عسكرية.
وكانت قوات الجيش والمقاومة، قد تمكنت، الأربعاء، من شن عملية واسعة شارك فيها عدد من الكتائب المقاتلة، وسيطرت خلالها على مناطق واسعة شرقي منطقة الفازة الساحلية، وصولًا إلى مركز مديرية التحيتا ومشارف زبيد، بإسناد من مقاتلات التحالف ومروحيات الأباتشي.
خسائر للحوثيين فادحة
وفي جبهة مديرية حيس المحررة الواقعة في الجزء الشرقي الجنوبي من محافظة الحديدة، أكدت مصادر ميدانية لـ"الشرق الأوسط" أن وحدات الجيش التابعة للواء السابع عمالقة، خاضت مواجهات عنيفة مع عناصر الميليشيات، أسفرت عن مقتل 25 حوثيًا على الأقل وجرح العشرات، وتدمير ثلاث عربات عسكرية كانت قادمة من العدين وجبل رأس، غربي محافظة إب المجاورة لحيس من جهة الشرق.
وأسقطت قوات الجيش في حيس - طبقًا للمصادر - طائرة تجسس حوثية إيرانية الصنع، مزودة بأربع كاميرات مراقبة عالية الدقة، كانت ترصد تحركات الجيش والمقاومة، بموازاة قصف مدفعي متبادل ومواجهات مباشرة مع الميليشيات في شمال حيس وشرقها.
وقال شهود في مدينة الحديدة، إن الجماعة الحوثية واصلت إغلاق الشوارع بالحواجز الترابية، كما استمر عناصرها في إقامة المتاريس، وزرع الألغام، ونشر الأسلحة الثقيلة في الأحياء الجنوبية من المدينة، مضيفين أن الميليشيات نصبت مدافع الهاون في حي "غليل" جنوبي المدينة، وواصلت القصف باتجاه المطار جنوبًا؛ حيث تسيطر قوات الجيش، في حين كان القصف المدفعي الحوثي قد تسبب في مقتل سبعة مدنيين، بعد استهدافه منزلًا في أحد الأحياء الجنوبية للمدينة.
تحذيرات لتجنب زيارة الحديدة
في غضون ذلك، واصلت مقاتلات التحالف الداعم للشرعية، الخميس، إلقاء المنشورات التحذيرية للسكان في مدينة الحديدة وضواحيها الشمالية، إذ تضمنت المنشورات دعوات لتجنب الذهاب إلى الحديدة، إلا للضرورة، كما دعت إلى تجنب الاقتراب من أماكن تمركز الميليشيات الحوثية وتجمعاتها.
ويرجح السكان أن تحذيرات التحالف المتكررة في اليومين الأخيرين، تنبئ باقتراب إطلاق العمليات العسكرية لاستعادة مدينة الحديدة ومينائها، بعد أن كانت توقفت منذ أيام، إثر تحرير المطار وتأمين محيطه، والوصول إلى الأحياء الجنوبية والشرقية.
وفي سياق متصل، أجبرت الميليشيات المئات من الأسر على البقاء في منازلها، وعدم السماح لها بالنزوح من المدينة، كما أفادت مصادر محلية بأن عناصر الجماعة اعترضوا 25 حافلة محملة بالنازحين في مديرية الجراحي، كانت في طريقها إلى محافظة إب، وأجبروها على العودة إلى الحديدة.
ووفق مصادر حقوقية، أقدمت الميليشيات في منطقة السرايا بمديرية الراهدة جنوب شرقي تعز، على احتجاز عشرات النازحين نحو عدن، بينهم نساء وأطفال، كما احتجزوا أكثر من 40 حافلة، وأعادوها باتجاه إب وصنعاء.