واشنطن ـ يوسف مكي
أكد تحالف قوى المعارضة السورية بدء هجوم كبير، الجمعة، لكسر الحصار المفروض الذي دام لأشهر عدة على مدينة حلب، من قبل القوات الحكومية التابعة للرئيس بشار الأسد والقوات الروسية
وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية أن 15 شخصًا على الاقل، قتلوا في معارك شهدتها المناطق الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية السورية داخل حلب، وأفاد المراقبون أن المدينة السورية شهدت إطلاق نار كثيف وقذائف الهاون وبالإضافة إلى انفجار العديد من السيارات المفخخة، حيث أن ما لا يقل عن 275 ألف شخص، يمثّلون الكثافة السكانية لمدينة حلب، يعيشون في ظل ظروف بائسة، مشيرة إلى أن الدخان الأسود تصاعد بصورة كبيرة من الاطارات المشتعلة، في محاولة لطمس الرؤية لدى الطائرات الحربية الروسية في سماء المنطقة.
وأوضحت الصحيفة أن الجماعات المتمردة المقبولة من قبل الولايات المتحدة مازالت مستمرة في تحالفاتها التكتيكية مع جماعات مرتبطة بتنظيم القاعدة، بالرغم من النداءات الأميركية والروسية لهم بالابتعاد عن تلك الجماعات، واحتفظت روسيا بالحق في مهاجمة أي شخص يعمل مع جماعات مرتبطة بالقاعدة أو غيرها من الجماعات المتطرفة، حيث أكدت أنه من الصعب التمييز فيما بينهم، في حين قال المتمردون إنهم لا يستطيعون تجنّب أي حلفاء محتملين بينما يعانون من القصف المتزايد من قبل القوات النظامية وحلفاءهم الروس ، خاصة وأن الجماعات الجهادية تبدو مسلحة بصورة كبيرة.
وشهدت مدينة حلب السورية، والتي تعد أكثر المدن اكتظاظا بالسكان في سورية، بعضا من أعنف المعارك منذ ما يقرب من 6 أعوام منذ اندلاع "الانتفاضة السورية"، حيث أن القوات الحكومية والمدعومة من روسيا، تحاصر المتمردين الذين يتحصّنون في الأحياء الشرقية من المدينة، بحسب الصحيفة الأميركية.
وأضافت الصحيفة الأميركية البارزة أن المتمردين، والذين يحملون مجموعة من الأهداف ويحظون بتأييد كبير من جانب قطاع كبير من السوريين، أصدروا بيانات تؤكد على حرصهم على الوحدة الوطنية الجمعة، مشيرة إلى أن المشاركين في الهجوم، ومن بينهم جبهة فتح الشام، والتي كانت تعرف من قبل بإسم جبهة النصرة والمعروفة بموالاتها لتنظيم القاعدة، بالإضافة فصيل اسلامي متشدد آخر، يسمى تجمع أحرار الشام، وعدد من الفصائل المتمردة التي تقاتل الأسد قد تم قبولهم من جانب الولايات المتحدة وحلفائها.
وأسفرت الهجمات التي شنها المتمردون، الجمعة، عن مقتل حوالي 15 شخصا، وإصابة أكثر من 100 آخرين، حيث استهدفت قذائف المعارضة عددًا من المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية غربي مدينة حلب، وفقا لما ذكره المرصد السوري لحقوق الإنسان، والذي يقع مقره في العاصمة البريطانية لندن، ويبدو أن التقدم الذي أحرزته قوات المعارضة يعد حاسمًا بصورة كبيرة، حيث أن المناطق التي استهدفتها القذائف شملت طريقا للإمدادات سبق وأن سيطرت عليه الحكومة في يوليو الماضي، لكن المعارضة تمكنت من السيطرة عليه مرة أخرى في أغسطس، قبل أن تعود القوات الحكومية، بدعم من روسيا، لتحكم قبضتها عليه مجددًا.
ويأتي القتال في أعقاب فترة من الهدوء استمرت نحو أسبوع، حيث أعلنت روسيا عن وقف لإطلاق النار من جانب واحد، كما أصدرت نداء للمدنيين والمتمردين، تم تجاهله على نطاق واسع، مطالبة إياهم بترك المناطق الشرقية من حلب خلال الممرات الإنسانية، كما ألقت الطائرات منشورات لتحذير المواطنين من جراء البقاء في المنطقة، حيث أنهم سوف يكونوا معرضين للقتل.
وألقت القوات الحكومية السورية وحلفائها باللوم على المعارضة في تجاهل النداءات الروسية، متهمة إياهم بإجبار سكان حلب على البقاء في المنطقة، وذلك لاستخدامهم كدروع بشرية في حالة قصف المدينة، وهو الاتهام الذي رفضته تماما الجماعات المتمردة، مؤكّدة أن الممرات التي أشار لها الجانب الروسي ليست آمنة ولا تحظى بضمانات من جانب الأمم المتحدة، ولذلك رفض السكان قبول عمليات الإخلاء إلا إذا تم تسليم المساعدات الإنسانية أيضا إلى المناطق المحاصرة، وتسعى الأمم المتحدة لترتيب عمليات توصيل المساعدات الإنسانية لسكان حلب الشرقية، بالإضافة إلى عمليات الإجلاء الطبي لسكان المدينة، إلا أن عددا كبيرا من مسؤولي المنظمة الدولية أعربوا عن حسرتهم من جراء العوائق التي تضعها الحكومة السورية في طريقهم، في ظل عدم رغبتها في الوصول إلى اتفاق حول هذا الشأن.
واجتمع وزير الخارجية السوري، وليد المعلم مع نظيريه الروسي سيرغي لافروف والإيراني محمد جواد ظريف في العاصمة الروسية موسكو يوم الجمعة لمناقشة شروط وقف الأعمال العدائية، وفشلت المحاولات المبكرة لوقف إطلاق النار وهو الأمر الذي دفع الولايات المتحدة لوقف المحادثات مع الجانب الروسي بشأن الأوضاع في حلب، حيث اتهم وزير الخارجية الأميركي جون كيري الجانب الروسي بارتكاب جرائم حرب
وأفاد وزير الخارجية السوري أن بلاده ربما تقبل بوقف الأعمال العدائية لأسباب إنسانية مرة أخرى، مشترطا سماح المتمردين للمدنيين بالخروج من المدينة، مضيفًا : "لدينا استعدادًا كامل لتكرار المحاولة في سبيل التوصل إلى وقف إطلاق النار مرة أخرى، ولكن ذلك لن يتم دون ضمانات من قبل الدول الداعمة لهذه المنظمات المتطرفة تؤكد استعدادهم للتحرك من أجل استغلال وقف إطلاق النار لإجلاء المدنيين من المنطقة"، وواصل وزير الخارجية الأميركي جون كيري دعمه للجماعات المتمردة في سورية، حيث كرر المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي، في تصريح له يوم الجمعة، الانتقادات الأمريكية إلى روسيا، قائلا إن روسيا تصّر على فرض استراتيجيتها القائمة على فكرة الدفاع عن الذات في سورية.