الدار البيضاء - جميلة عمر
كشف رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان إدريس اليزمي، في كلمة خلال افتتاح المؤتمر البرلماني الإقليمي لشمال أفريقيا والشرق الأوسط حول الأعمال التجارية وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين، الخميس، في الرباط، أن موضوع الأعمال التجارية وحقوق الإنسان في شكله الحالي يعد من الموضوعات الناشئة في الجيل الجديد لحقوق الإنسان باعتبار أن ماهيته تتجاوز المقاولة كوحدة إنتاجية وعلاقات الشغل الناشئة بها إلى ما هو أشمل أي المحيط ومسلسل الإنتاج بأكمله.
وأبرز السيد اليزمي، أن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان ترتكز من خلال المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة على ثلاث أسس رئيسية تتجلى في مسؤولية الدول في حماية حقوق الإنسان، ومسؤولية المقاولة في احترامها، وولوج الضحايا والذين هم ليس بالضرورة أجراء إلى سبل الانتصاف.
وأكد اليزمي أنه استنادا إلى مهامه وصلاحياته في مجال حماية حقوق الإنسان والنهوض بها، ركز المجلس الوطني لحقوق الإنسان منذ إحداثه كمؤسسة وطنية على إعطاء الأولوية لموضوع حقوق الإنسان والأعمال التجارية، ضمن محاور اشتغاله الاستراتيجية نظرا لما يشكله من أهمية بالغة في تعزيز الحقوق الاقتصادية والاجتماعية ووعيا منه بأثره على مختلف الفئات الهشة داخل المجتمع المغربي سواء تعلق الأمر بتعزيز الجانب الحمائي المتعلق بسبل انتصاف ضحايا الانتهاكات المرتبطة بالأعمال التجارية، أو بلعب أدوار الوساطة والتدبير الإيجابي للنزاع في مجموعة من حالات "الاحتقان" الاجتماعي بمحيط المقاولة.
وذكر بأن التحديات الموجودة اليوم لإيجاد المداخيل الأساسية للنهوض بحقوق الإنسان في مجال المقاولة يتطلب إعمال تفكير جماعي لتعزيز منظومة الانتصاف وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية بالمملكة وتأمين انخراطها في الديناميات القارية والدولية، وذلك من خلال التعجيل بالإعلان الرسمي عن الشروع الفعلي في بلورة خطة عمل وطنية لحقوق الإنسان في المقاولة، وإطلاق مسلسل للتشاور مع كل المتدخلين، واعتماد مقاربة دامجة في إعداد الخطة الوطنية لتفعيل المبادئ التوجيهية للمقاولة وحقوق الإنسان تهدف إلى إيلاء اهتمام خاص بالنساء وبالفئات الهشة (عمالة الأطفال، الأشخاص في وضعية الإعاقة والأجانب).
وتابع أنه لتعزيز منظومة الانتصاف وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية يتوجب تعزيز انخراط المغرب عبر مختلف مؤسساته في النقاش الدولي حول بناء إطار ملزم حول الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، وتحفيز المقاولات على وضع ميثاق داخلي عام للسلوك في مجال حقوق الإنسان، وتعزيز دور المؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان في معالجة انتهاكات حقوق الإنسان المتصلة بالأعمال التجارية لضمان وصول الضحايا إلى الانتصاف والجبر، بالإضافة إلى تعزيز دور نقطة الاتصال الوطنية المغربية ضمن برنامج منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية.
وبيّن ممثل الاتحاد العام لمقاولات المغرب السيد سعيد السقاط أن حقوق الإنسان تمثل قضية مركزية في انشغالات الاتحاد وهي حاضرة في كل مبادراته، مضيفا أن المقاولة التي تخلق الثروة ومناصب الشغل لا يمكن أن تضمن نموها وديمومتها دون أن تأخذ بعين الاعتبار الرأسمال البشري.
وأضاف أن الاتحاد حرص على الدوام ضمن هذه الرؤية على توفير شروط إرساء علاقة مستدامة مع شركائه الاجتماعيين تقوم على الثقة المتبادلة والحوار والتشاور، مشيرا في هذا الإطار إلى "الميثاق الاجتماعي من أجل تنافسية مستدامة وعمل لائق" الذي وقعه الاتحاد مع شركائه الاجتماعيين وكذا إرساء آلية للوساطة ما قبل النزاع.
وقالت المديرة الإقليمية لآسيا والشرق الأوسط وشمال إفريقيا لمؤسسة (وستمنستر للديمقراطية) السيدة دينا ملحم إن هذا المؤتمر يطرح للمناقشة دور ومساهمة البرلمان في تعزيز مشاركة أكثر مع مبادرات الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، وتمكين تنفيذ برامج العمل الوطنية الفعالة في هذا المجال
وأضافت، في هذا الصدد، أن البرلمانات تتمتع بدور تدقيق سياسات الحكومة وإجراءاتها التجارية وتقديم توصيات للإصلاح كجزء من دورها الرقابي، وكذا سن القوانين ومعالجة الثغرات وتوفير سبل الانتصاف، في إطار دورها التشريعي.
يذكر أن تنظيم هذا المؤتمر الإقليمي يعد مناسبة للوقوف عند بعض المحددات المستلهمة من المبادئ التوجيهية بشأن الأعمال التجارية وحقوق الإنسان، تنفيذا لإطار الأمم المتحدة المعنون بـ "الحماية والاحترام والانتصاف"، والذي أقره مجلس حقوق الإنسان بتاريخ 16 يونيو/حزيران 2011، كمعيار عالمي لمنع ومعالجة خطر تعرض حقوق الإنسان لآثار ضارة مرتبطة بالنشاط التجاري. وسينكب المشاركون في هذا اللقاء على مناقشة مواضيع تتعلق ب"حقوق الإنسان والأعمال التجارية: رؤى متقاطعة" و"استخدام أحكام الاستثناءات العامة لاتفاقات التجارة العالمية وسيلة لحماية حقوق الإنسان" و"مسؤولية الدول والمؤسسات التجارية في الحماية من انتهاكات حقوق الإنسان".