طرابلس ـ فاطمة السعداوي
نشرت صحيفة بريطانية تحقيقاً حول دعم الاتحاد الأوروبي لخطة سياسات ليبيا المناهضة للهجرة غير القانونية، زاعمة أنها ساهمت في حصول انتهاكات جسيمة تتراوح ما بين "الاساءه الشديدة والاحتجاز التعسفي ، والتعذيب ، والعنف الجنسي ، والابتزاز ، والسخرة ،بحق المهاجرين أو اللاجئين" .
وقالت صحيفة الـ"غارديان" نقلاً عن تقرير صادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش"، إن هذه الإنتهاكات تم التأكد من صحتها ،بعد قيام المنظمة بمقابلة 66 مهاجرا وطالب لجوء في ليبيا خلال العام الماضي. وأشار تقرير "هيومن رايتس ووتش" إلى استمرار مؤسسات الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه، "دعم شبكة مراكز احتجاز تتسم بمواصفات وظروف مهينة وغير إنسانية، حيث المناخ الملائم لحدوث الانتهاكات"، متهما كبار المسؤولين في الاتحاد الأوروبي "بالعلم بمثل هذه الانتهاكات والظروف والمواصفات الخارقة للقانون الدولي، من دون اتخاذ أية إجراءات للتعامل معها".
كما سلط التقرير الضوء على الدعم المقدم من قبل الاتحاد الأوروبي لقوات خفر السواحل الليبية لاعتراض المهاجرين وطالبي اللجوء في البحر، ليتم أخذهم فيما بعد إلى ليبيا، مبيناً أن "إيطاليا على وجه التحديد متهمة بالخضوع والتخلي عن كل مسؤوليات التنسيق لتنفيذ عمليات الإنقاذ في البحر، في محاولة منها لتقليل أعداد المهاجرين الواصلين إلى سواحلها".
ولفت إلى قيام الاتحاد منذ العام 2016 بتركيز الجهود لمنع مغادرة القوارب من ليبيا، حيث برر صناع القرار والقادة في الاتحاد هذا التركيز لحاجة العملية والسياسية لفرض السيطرة على الحدود الخارجية لأوروبا وإنهاء تجارة التهريب فضلا عن الضرورة الإنسانية لمنع الهجرة الخطرة بالقوارب.
واوضح التقرير ما أفادت به المنظمة الدولية للهجرة بشأن تضاعف عدد الواصلين عبر البحر خلال الأيام الـ16 الأولى من العام 2019 قياسا بذات الفترة من العام الماضي رغم السياسة الليبية المدعومة من الاتحاد الأوروبي، حيث وصل 4 آلاف و216 مهاجرا، مشيرا إلى وجود مخاوف بشأن وفاة 170 آخرين منذ الأسبوع الماضي في البحر الأبيض المتوسط في حادثين تعرض لهما قاربان غادرا ليبيا والمغرب، وفقاً للمنظمة الدولية للهجرة.
وأضاف التقرير، أن أحد القاربين شوهد من قبل طائرة عسكرية إيطالية كانت تقوم بأعمال الدورية وهو يغرق في المياه يوم الجمعة الماضية، ليتم إرسال مروحية بحرية لإنقاذ 3 مهاجرين ممن أشاروا إلى مغادرتهم ليبيا مساء الخميس في مجموعة مؤلفة من 120 مهاجرا.
ووفقا للمتحدث باسم المنظمة الدولية للهجرة فلافيو دي جياكومو، فقد بدأ القارب بالغرق بمن فيه بعد 10 إلى 11 ساعة من التواجد في البحر، فيما أشارت المنظمة إلى حادث آخر شهد فقدان 53 مهاجرا غادروا من المغرب على متن قارب غرق في "بحر البوران" غرب البحر الأبيض المتوسط وفقا لأحد الناجين.
وأوضح التقرير أنه من بين الذين تمت مقابلتهم من قبل "هيومن رايتس ووتش" تم توجيه الاتهامات لخفر السواحل الليبيين الذين يُمثّلون عناصر سابقة في جماعات مسلحة لم تتلقَ التدريبات، حيث هددت هذه العناصر المهاجرين بإطلاق النار عليهم في حال رفضهم الركوب في قارب تابع للخفر.
وقالت السيدة جوانا الكاميرونية البالغة 34عاما وهي أم لـ3 أطفال وكانت على متن القارب الذي تم اعتراضه من قبل خفر السواحل الليبيين في المياه الدولية "ألقى رجال على متن قارب ليبي كبير حبلا لنا وفي البداية رفضنا ربطه بقاربنا، إلا أن الليبيين أطلقوا الرصاص في الهواء وهددونا إذا لم نقم بربط الحبل فإنهم سيطلقون النار علينا، لذا قمنا بربطه وبدأوا بإخراج الناس إلى قاربهم".
كما أشار التقرير إلى مخاطر العوائق البيروقراطية والقانونية الأوروبية التي تم تشديدها لوقف العمليات البحرية التي تقوم بها المنظمات غير الحكومية لإنقاذ المهاجرين وسط البحر الأبيض المتوسط، مؤكدا أنها ساهمت في رفع حالات الوفيات بين من يحاولون الوصول إلى السواحل الأوروبية انطلاقا من الساحل الليبي.
ونقلا عن بيانات لمنظمة الأمم المتحدة للاجئين فإن زيادة أعداد المهاجرين عبر البحر الأبيض المتوسط منذ أواسط العام 2017 قابلتها زيادة كبيرة في فرص الوفاة في المياه قبالة الساحل الليبي، لتكون حالات الوفاة المتوقعة واحدة لكل 42 مهاجرا أواسط العام 2017 فيما أصبحت الآن واحدة لكل 18 مهاجرا.
إشارة هنا، إلى قيام المنظمة الدولية للهجرة بمساعدة أكثر من 30 ألفا من المهاجرين على العودة من ليبيا إلى بلدانهم ضمن البرنامج الطوعي للإعادة، مشيرا إلى أن هذا الأمر قابله زيادة في أعداد المهاجرين وطالبي اللجوء المحتجزين في مراكز احتجاز ليبية نتيجة لزيادة عمليات الاعتراض من قبل خفر السواحل الليبيين المدعومين أوروبيا، ليصبح العدد بين 8 إلى 10 آلاف محتجز قياسا بـ5200 في أبريل/نيسان من العام 2018.
وقال التقرير أن الظروف غير صحية وهناك نقص في الرعاية الطبية في مراكز الاحتجاز التي تمت زيارتها من قبل "هيومن رايتس ووتش"فضلا عن الاكتظاظ الشديد والإقامة غير الصحية والأغذية والمياه الرديئة الجودة، التي أدت إلى إصابة المحتجزين بسوء التغذية فضلا عن عمليات تعذيب من قبل الحراس تتضمن الضرب والجلد واستخدام الصدمات الكهربائية، فيما قام الباحثون بتوثيق ادعاءات متكررة عن انتهاكات خطيرة من قبل سلطات هذه المراكز بحق المتجزين لاسيما في العاصمة طرابلس ومصراتة .
فيما قالت "جودث ساندرلاند" الكاتبة الرئيسية للتحقيق الغارديان "هنالك محاولة متعمدة لتجاهل ما يجري من خلال محاولة تخفيف الوضع عبر تحسين الظروف في مراكز الاحتجاز وقدرة واحترافية خفر السواحل الليبيين، لكن لقد حان الوقت لتقبل حقيقة أن هذه الجهود لا تؤتي ثمارها"
وأضافت "من المهم أن نضع في اعتبارنا أن الطموح الشامل لهذه السياسة هو الحد من وصول المهاجرين إلى شواطئ الاتحاد الأوروبي، المنطق ،ويبدو أنهم على استعداد لقبول صفقة شيطانية لكن المطلوب هو إعادة تعيين استراتيجية فاشلة."
قد يهمك ايضا :