الخرطوم ـ المغرب اليوم
توصّلت قوى إعلان الحرية والتغيير في السودان، اليوم الاثنين، إلى اتفاق مع المجلس العسكري الانتقالي، يقضي باستمرار جولات التفاوض بشأن الفترة الانتقالية آخذين في الاعتبار عامل الوقت.
وقال المتحدث باسم المجلس العسكري، الفريق الركن شمس الدين كباشي، "خلصنا مع قوى إعلان الحرية والتغيير على تثبيت النقاط التي سبق الاتفاق عليها في الجولات السابقة، وهي هيكل السلطة الانتقالية في مستوياتها المختلفة الصلاحيات والمهام ومدة الفترة الانتقالية"، وأضاف "ناقشنا مع قوى إعلان الحرية والتغيير مهام الفترة الانتقالية وتم التوافق عليها تماما وتم النقاش حول هيكلة السلطة السيادية". وأكدت قوى إعلان التغيير الاتفاق على تفاصيل المرحلة الانتقالية.
وقبيل الإعلان، قالت قوى الحرية والتغيير، أن التفاوض مع المجلس العسكري ومهما وصل من نجاحات أو واجه من عثرات فهو ليس غايتها النهائية، مؤكدة أن البناء يكتمل وفق عملية مستمرة قوامها العمل لتحقيق السلام والعدالة، والتوافق السياسي، وإعادة النازحين واللاجئين، مشدّدة على أهمية التأسيس للتنمية المتوازنة والمستدامة وتحسين الاقتصاد وتعطيل العطالة، وتجويد الخدمات التعليمية والصحية، واستشراف المستقبل. وقالت، "تستمر اعتصاماتنا حتى تحقيق أهدافنا كاملة".
جدير بالذكر أنّ المجلس العسكري الانتقالي في السودان أعلن الأحد، عن استئناف التفاوض مع قوى إعلان الحرية والتغيير، التي تقود الاحتجاجات في البلاد، وذلك بعد توقف دام ثلاث أيام، موضحًا في بيان، أن المفاوضات التي تم تعليقها ليل الخميس الماضي، قد استؤنفت بالقصر الجمهوري مع قوى إعلان الحرية والتغيير التي أكدت موقفها المؤيد لمواصلة التفاوض.
وطالب المجلس العسكري بأن تكون الحكومة المقبلة حكومة تكنوقراط وليست حكومة سياسية، بينما أكدت المعارضة أنها تشترط تسليم السلطة للمدنيين، وشددت على تمسكها بمطلب تشكيل “مجلس سيادي برئاسة مدنية”، فيما أفاد تحالف "قوى إعلان الحرية والتغيير"، في بيان، أن جلسة تفاوض، لبحث "القضايا العالقة فيما يختص بنسب التمثيل في المجلس السيادي ورئاسته"، وقال التحالف، الذي نظّم تظاهرات دفعت المجلس العسكري للإطاحة بالرئيس السوداني السابق، عمر البشير، في 11 إبريل/نيسان الماضي، "نؤكد على تمسكنا بمجلس سيادي مدني بتمثيل عسكري محدود ورئاسة مدنية".
وجاء قرار المجلس فيما كان من المفترض أن يلتقي قادته مع قادة التظاهرات لوضع التصور النهائي بشأن الفترة الانتقالية، وتشكيل 3 مجالس، سيادي وحكومي وتشريعي، خلال هذه المرحلة التي ستستمر ثلاث سنوات، حيث بدأ مئات المتظاهرين، الجمعة، بإزالة المتاريس والركام حول مكان اعتصامهم في الخرطوم، بعدما طالب المجلس العسكري الحاكم بإزالة الحواجز التي تعرقل حركة السير في بعض مناطق العاصمة قبل استئناف التفاوض بشأن العملية الانتقالية.
وعلى الجانب الآخر، وفي ختام اجتماع عُقد في واشنطن عقب تعليق التفاوض من قبل المجلس العسكري، حض المجتمع الدولي على "استئناف فوري للمحادثات" بهدف التوصل إلى انتقال سياسي "يقوده مدنيون بشكل فعلي"، وفق ما أعلن مسؤول أميركي.
وفي حفل الإفطار السنوي للإدارة الأهلية بولايات دارفور وبحضور السفير السعودي بالخرطوم والقائم بالأعمال الأميركي، ومشاركة مئات من أبناء دارفور وممثلين من محافظات وولايات سودانية مختلفة وقف نائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي الفريق أول محمد حمدان حميدتي خطيبا بعد أن شارك الحضور حفل الإفطار وصافح جميع المشاركين تقريبا وحياهم وهو يشير بعصاه على إيقاع موسيقى أغاني الثورة السودانية.
وحملت خطبة حميدتي إشارات مهمة ورسائل سياسية ذات دلالة، إذ أشار إلى احترام وتقدير قوى الحرية والتغيير، وامتدحهم بعد أن نجحوا في إزاحة نظام البشير، مضيفا: "نحن جزء من الثورة وشراكتنا شراكة حقيقية، ونعتزم تشكيل حكومة كفاءات وطنية من شخصيات مستقلة". وأكد قائد الدعم السريع أن رموز النظام السابق في السجن، متعهدا بملاحقة الفاسدين منهم في الداخل والخارج، إلا أنه طالب بعدم السماح بتصفية الحسابات القديمة التي يتجاوز عمرها 54 سنة.
وفي كلمته المهمة التي كانت تقطعها الهتافات والتصفيق بين الحين والآخر، شدد حميدتي على أن قوات الدعم السريع هي "جزء من الثورة"، متهما دولا لم يسمها، بشن حملة على قوات الدعم السريع والسعي لتشويهها، وتابع: "لن نسمح لأموال الخارج بشراء السياسيين لتمرير أجندة غير وطنية". يشار إلى أن هذا الاحتفال الذي أقيم في قلب الخرطوم، شهد حضورا مكثفا، مما اعتبره البعض استعراض قوة شعبي بحضور سياسي ذي ثقل.
ائتلافات جديدة
من ناحية أخرى، فقد شهد السبت الماضي أيضا الإعلان عن تأسيس تحالف جديد باسم "قوى السلام والعدالة المتحدة". وقد أكد رئيس التحالف مصطفى المنا عن دعم التحالف للقوات المسلحة و"دورها الوطني المهم في حفظ الوطن والمواطنين، من خلال انحيازها لخيار الشعب في إحداث التغيير"، مشيرًا إلى رفضه لما يدور بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى إعلان الحرية والتغيير من تفاوض "تم اختزاله في كيان واحد فقط".
نفس المعنى شددت عليه الجبهة الوطنية، التي أكدت أن أي قرار ثنائي ينتج عن تفاوض معزول بين طرفين "يبقى شأنا خاصا بهما ولا يلزمنا"، والجبهة هي مجموعة من التحالفات والكتل السياسية شملت أحزاب وحركات شرق السودان، والتنسيقية العامة للحركات المسلحة، وائتلاف شباب السودان، وقوى تجمع الثوار "وتر".
"تظاهرات المساجد"
وعلى صعيد آخر، وفي تطور لافت فقد شهدت بعض مساجد الخرطوم خلال اليومين الماضيين خروج مواكب وتظاهرات ضمت العشرات من بعض المساجد، وحتى شارع القصر الجمهوري، في اعتصام جزئي شارك فيه المئات من السلفيين والإسلاميين وأنصار نظام البشير، يتقدمهم عبد الحي يوسف.
وكان يوسف على رأس وفد ما عرف بـ"هيئة علماء السودان" الذي التقى الرئيس السابق عمر البشير عندما اشتدت الاحتجاجات، وقد هدد المتظاهرون بـ"نسف" أي اتفاق بين المجلس العسكري الانتقالي وقوى الحرية والتغيير، مما يزيد المشهد تعقيدا، حتى في ظل حالة الاستنكار والرفض الشعبي لأي محاولة لإعادة إنتاج النظام السابق، أو إعادة استغلال الدين في السياسة، لكن استمرار هؤلاء على هذا النحو يشكل في رأي كثيرين تهديدا لمسيرة التغيير الثوري.
وأحرزت المفاوضات بين المجلس العسكري وقادة الاحتجاج تقدّمًا مهمًا خلال المفاوضات السابقة بينهما، لكن أعمال عنف وقعت، الإثنين الماضي، في محيط موقع الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش أودت بحياة 5 متظاهرين وضابط جيش، أدت لإعلان المجلس العسكري تعليق المحادثات 3 أيام، وتم الاتفاق بين الجانبين على فترة انتقالية مدتها 3 سنوات، وتشكيل 3 هياكل للحكم خلال تلك المرحلة، تشمل 3 مجالس للسيادة والوزراء والتشريع لحكم البلاد خلال هذه الفترة، وجاء استئناف المظاهرات، أمس، لحسم القضايا الخلافية.
وأبدى نائب زعيم المجلس العسكري الفريق محمد حمدان دقلو، الشهير باسم “حميدتي”، دعمه لإجراء انتخابات ديمقراطية، وأكد أهمية تشكيل حكومة تكنوقراط في البلاد، ونفى حمديتي مسؤولية الجيش عن أعمال العنف التي وقعت في السودان، خلال الأسبوع الماضي، وقال إنه تم ضبط المسؤولين داخل جامعة الخرطوم وداخل الاعتصام.
وأضاف، "تم اعتقالهم واعترفوا ومسجلين بالكاميرا"، وتابع إنه ستتم إعادة مسؤولي نظام البشير الذين فروا إلى الخارج من أجل محاكمتهم، وقال، حسب نص كلامه التي نقلته عنه وكالة "رويترز"، خلال لقائه عددًا من زعماء القبائل ودبلوماسيين كبار، مساء أمس الأول، "إن الديمقراطية دي مشورة، خلاص إحنا ديارين الديمقراطية الحقيقية، الدور الجاي، ده أي زول عندو قريشات بجيبهن من بره داير يشتري فلان ويشتري علان، والله ما بينجح دايرين زول يخش الصندوق زينا زي الآخرين، الدور ده دايرين انتخابات حرة نزيهة". وكان من ضمن الحضور ممثلون عن منطقة دارفور بغرب السودان.
قد يهمك أيضًا:
الحرية والتغيير السودانية تطلب تأجيل اجتماع المجلس العسكري
مباحثات ثنائية بين رئيس العسكري الانتقالي السوداني ونائب وزير الخارجية الأميركي