طهران ـ مهدي موسوي
أكّد الرئيس الإيراني حسن روحاني، الذي يزور الولايات المتحدة للمرة الأولى منذ انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015، أن الطريقة الوحيدة التي ستدرس بها بلاده إجراء محادثات جديدة مع واشنطن هي أن يراجع ترامب نفسه ويحترم الاتفاقية، في حديثه مع مجموعة مكونة من أكثر من عشرين من الأكاديميين والمسؤولين الحكوميين السابقين والصحافيين، وقال السيد روحاني إن الرجوع إلى "قبل ستة أشهر أسهل بكثير من العودة إلى ست سنوات"، عندما تطورت الجهود الأولى للتفاوض على اتفاق.
روحاني يتجنب الإجابة على بعض الأسئلة
وفي الوقت الذي أعلن فيه أن استراتيجية ترامب بمحاولة سحق الاقتصاد الإيراني بفرض العقوبات ستفشل، لم يعرب عن غضبه وصور حكومته على أنها تلك التي تلتزم بالاتفاقيات الدولية التي ألقتها الولايات المتحدة جانبا، لكن عندما تم الضغط على المدة التي خططت فيها إيران للعب دور عسكري في سورية، لم يجيب السيد روحاني بوضوح، وقال "سنكون في سورية حتى يتم القضاء على التطرف تماما، وكذلك طالما بقيت إيران مدعوة من قبل الحكومة السورية."
وأضاف "الولايات المتحدة ترى لنفسها الحق في أن يكون لها وجود في المنطقة، ولكنها لا تعترف بحق إيران". وصباح يوم الثلاثاء، قال السيد ترامب على "تويتر" إنه "ليس لديه خطط" للاجتماع مع السيد روحاني.
وعلى الرغم من تفاؤله الذي لا يلين في ظهوره يوم الإثنين، فإن السيد روحاني يصل إلى لحظة محفوفة بالمخاطر بالنسبة لحكومته، فمع بدء العقوبات، أصبح الاقتصاد الإيراني يتعرض لضغوط هائلة مرة أخرى، وسط تراجع العملة، وتعرض مبيعاته النفطية للخطر.
أعداء روحاني في فيلق الحرس الثوري، وحدة النخبة العسكرية التي أشرفت أيضا على البرنامج النووي، في تزايد، مجادلين بأن الولايات المتحدة كانت شريكا تفاوضيا غير جدير بالثقة، وأن السيد روحاني كان ساذجا لدخول الاتفاق.
أوروبا ملتزمة بالاتفاق النووي
وحصل السيد روحاني على دفعة من بقية الموقعين على الاتفاقية النووية الإيرانية، وقد أصدروا بيانا متحديا أعادوا تأكيد التزامهم بالصفقة، وتعهدوا بإيجاد طرق للالتفاف على عقوبات إدارة ترامب للاستمرار في التعامل التجاري مع إيران. وقال البيان الذي وقعه وزراء خارجية فرنسا وألمانيا وبريطانيا والصين "أقر المشاركون بأن إيران واصلت تنفيذ التزاماتها النووية بشكل كامل وفعال على النحو الذي أكده 12 تقريرا متتابعا من الوكالة الدولية للطاقة الذرية".
وقرأ البيان باللغة الإنجليزية في البداية من قبل فيديريكا موغيريني، رئيسة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، ومن بعدها بالفارسية من قبل محمد جواد ظريف، وزير الخارجية الإيراني، على هامش اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة لقادة العالم في نيويورك. وكجزء من جهودهم لإنقاذ الصفقة الإيرانية، وافق الوزراء على إنشاء معاملة خاصة من شأنها تسهيل المعاملات المالية القانونية مع إيران وحماية الشركات التي تتعامل مع البلاد من عمليات الانتقام الأميركية. وقال البيان إن الطريقة التي ستعمل بها الفكرة سيتم تحديدها في الاجتماعات المقبلة.
روحاني لا يثق في ترامب
وفي جلسة مساء الاثنين، انحرف السيد روحاني عن أسئلة حول قمع إيران للمعارضة وسجنها للأميركيين وغيرهم من الغربيين بتهم التآمر ضد حكومته ودعمهم للتطرف، وبدلا من ذلك، أشار إلى الانقسامات داخل إدارة ترامب، قائلا إنه لا يعرف ما إذا كان يصدق السيد ترامب، الذي قال قبل تغريده إنه سيلتقي مع السيد روحاني في أي وقت، أو وزير الخارجية مايك بومبيو.
لكن السيد روحاني، الذي كان جالسا إلى جانب السيد ظريف، ووزير خارجيته وكبير المفاوضين حول الاتفاق النووي، أصر على أنه "لا يشعر بأي ندم" على توقيع الاتفاق مع إدارة أوباما قبل ثلاث سنوات، ووصفه بأنها اتفاق "بث الثقة" لفترة قصيرة، ووصف جهود ترامب لتفكيكها على أنها تدمير ذاتي، وفي اختيار مثال واحد، قال إن قطع مبيعات قطع غيار الطائرات "لم يساعد بوينغ"، وألحق الضرر في نهاية المطاف بالولايات المتحدة.
وقال إن إيران لم تخرج من الصفقة الإيرانية بعد أن فعلت الولايات المتحدة، وأشار "لدينا قدر كبير من الصبر"، وعلى ما يبدو أنه يشير إلى أنه سينتظر إدارة ترامب. لكنه قال إن إيران قد تخرج من الصفقة "إذا شاءت" إذا ما قررت أنها في مصلحتها. ولكن السيد روحاني، في أول يوم له في نيويورك للافتتاح السنوي للجمعية العامة، تحدث بتفاؤل عن التعاملات المستقبلية مع أوروبا، والصين وروسيا، ورفض الحديث عن تأثيرات العقوبات الأميركية الجديدة المقرر إجراؤها في نوفمبر/ تشرين الثاني، إذ تخطط الولايات المتحدة لإخبار الشركات في جميع أنحاء العالم بأنها إذا أرادت التعامل مع إيران، فإنها لا تستطيع أن تتعامل مع الولايات المتحدة.