الرئيسية » أخبار محلية وعربية وعالمية
رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي والرئيس الفرنسي

باريس ـ مارينا منصف

كانت القناة الإنجليزية أو ما يعرف بـ"بحر المانش" تمثل دائمًا لدى الفرنسيين رمزية كبيرة من الإحساس بترابط الأمة، ولكن اليوم تمثل هوة سياسية دائمة الاتساع. خصوصًا بعدما تعهدت رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي باحترام نتائج الاستفتاء العام الماضي واستعادة دور بريطانيا كدولة مستقلة. ولكن في باريس وفي يوم 7 مايو/أيار، احتفل الرئيس إيمانويل ماكرون بفوزه الانتخابي على صوت النشيد الأوروبي، بدلا من النشيد الوطني الفرنسي "مرسيلياز"، ودعا بعد ذلك إلى تكاملٍ أعمق في الاتحاد الأوروبي.

ولكن ما الذي يكمن في قلب هذه الرؤى المتعارضة جذريا؟ الإجابة على هذا الأمر بالغة الأهمية مع تزايد قتامة الغيوم التي تُخيم على مفاوضات الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي "بريكسيت" والعواصف السياسية التي تثيرها هذه الخطوة. وكجزء مهم من الجواب هو أنه من الأسهل بكثير على الرجل الفرنسي العادي تسليم سيادة بلاده إلى الاتحاد الاوروبي في بروكسل مقارنة بنظيره البريطاني. ويعتبر ذلك لأن مؤسسات بريطانيا لديها أصول أعمق، وبالتالي قيادة الولاء أكبر؛ وليس لديهم أصل أطول بكثير فحسب بل لا يمكن فصلهم عن تطورنا كأمة.

ومن السهل أن ننسى أن المؤسسات السياسية والدستورية في فرنسا هي اختراعات حديثة نسبيًا، لم تنقسم إلا في القرنين التاسع عشر والعشرين. وأدت تشنجات الثورة عام 1789 إلى تمزيق الصلة التاريخية بين الأمة الفرنسية ومؤسساتها، وعانت فرنسا بعد ذلك من سلسلة من التجارب الدستورية، التي كان الكثير منها قصير الأجل وغير ناجح. وقد تأسس دستورها الحالي، الجمهورية الخامسة، فقط في عام 1958، ويظهر عمرها المستمر 59 عامًا، حسب المعايير الفرنسية، طول العمر النسبي. بيد أن أمتنا لم تنج من صدمة الثورة، وبالتالي أصبحت لا يمكن تمييزها عن مؤسساتها التقليدية.

وكل من البرلمان والنظام الملكي لديهما أصول قديمة، نشأت في الدستور القديم من العصر "الساكسوني" الذي كان في وقت لاحق يعتز بها البرلمانيون مثل السير إدوارد كوك. وثم تطور هذا إلى التسوية الدستورية لعام 1688 التي بقيت كما هي إلى حد كبير حتى يومنا هذا.

ولا يوجد تباين أوضح بين البلدين من دور برلماناتهما الوطنية. ففي فرنسا، قبل الثورة، اجتمعت هيئة تمثيلية وطنية فقط في عامي 1614 و1789. وفي وقتٍ لاحق، لم يكن لدى الجمعية الوطنية الفرنسية سوى ناخبين مقيدين، وبالنسبة لكثير من المواطنين، بدا أن الانتخابات المحلية أكثر أهمية من الانتخابات الوطنية. وحتى ظهور الجمهورية الثالثة في عام 1870، كانت تهددها وتقوضها باستمرار مخاطر مثل الاستفتاء والسلطات العامة وتزوير الأصوات.

وحتى ذلك الحين، كانت السلطة الحقيقية في كثير من الأحيان تقع على عاتق البيروقراطيين غير المنتخبين الذين قدموا بعض العقبات أمام الاستقرار في البحار الفرنسية القاسية التي عانت من الفوضى السياسية شبه المستمرة. ويمكن للفرنسيين اليوم أن يستسلموا أكثر من ذلك بكثير عبر تسليم مؤسساتهم إلى الاتحاد الاوروبي في روكسل.

ولكن بغض النظر عن ماهية هذه الأصول بالضبط، فإن التباين عبر القنوات مع اصطناع المؤسسات الدستورية الفرنسية واضح؛ مقارنة بـ"الثبات غير القابل للتغيير"، وكما قال المفكر السياسي، إدموند بورك، يمارس برلماننا إرادته السيادية عبر العصور مع الاتساق وأن حرم الآخرين من ذلك. والبرلمان، مثل المنحدرات البيضاء في دوفر، علامة لا لبس فيها وفريدة من نوعها بالنسبة للبريطانيين.

وعلى النقيض من ذلك، فإن السطحية النسبية للمؤسسات الفرنسية تتجلى في جميع الطرق؛ فقد أظهر الفرنسيون تاريخيا يميل أكثر وضوحا للثورة والأناركية وليس سيادة القانون؛ والحراك بدلا من الحوار؛ وللانقلابات العسكرية، الحقيقية كما في 1851 أو المخطط لها كما في عام 1961 - بدلا من التفاوض؛ والتطرف على الاعتدال. ولا توجد مثل هذه التشابهات في قصة في بريطانيا.

وإذا أرادت بروكسل تعزيز سلطاتها وإدماج الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي بشكل أوثق، فستظل بحاجة إلى حساسية تاريخية حقيقية. وليس من قبيل المصادفة إن الأمة الفرنسية قد بنيت على خوف جماعي واستياء وغيرة، وأن نجاح مؤسسات بريطانيا وطول أمدها لا يزال اليوم يثير إعجاب وحسد العديد من المواطنين الفرنسيين.

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

وفد فلسطيني إلى القاهرة لبحث ملف إدارة قطاع غزة…
مقتل ثلاثة إسرائيليين وجرح سبعة آخرين على الأقل إثر…
تباطؤ مفاوضات غزة بالدوحة وسط تشاؤم أميركي وتحفظات على…
غارات أميركية بريطانية تستهدف شرق صعدة في اليمن والجيش…
مندوب فلسطين بالأمم المتحدة يوجه رسالة من غزة

اخر الاخبار

مجلس المستشارين المغربي يؤجل تقديم السكوري لمشروع قانون الإضراب…
وفد مغريي يُمثل الملك محمد السادس في مراسم تنصيب…
مجلس الحكومة المغربية يدرس مشروع قانون يتعلق بإحداث وتنظيم…
يونس السكوري يُؤكد أن تعديلات إضافية ستطرأ على مشروع…

فن وموسيقى

المغربية سميرة سعيد تسّتعيد ذكريات طفولتها وشغف البدايات بفيديو…
المغربية جنات تكشف عن موقفها من إجراء عمليات التجميل…
لطيفة أحرار تؤكد أن الجمهور الذي يعرفها فقط كفنانة…
وفاة الأب الروحي للأغنية الشعبية في مصر أحمد عدوية…

أخبار النجوم

يبدأ تصوير "عقبال عندكم" لحسن الرداد وإيمي سمير غانم…
هيفاء وهبى تطرح أحدث أغانيها "سوبر وومان"
مدين ينشر كواليس أغنية "باركوا" لمى فاروق بعد تصدرها…
أحمد سعد يمازح ويل سميث قائلا "بسم الله ما…

رياضة

محمد صلاح على موعد مع إنجاز تاريخى مع ليفربول…
المغربي عبد الرزاق حمد الله يُعرب عن سعادته بقيادة…
أشرف حكيمي يُتوج مع باريس سان جيرمان بلقب النسخة…
المغربي حكيم زياش يشترط على غلطة سراي الحصول على…

صحة وتغذية

المغرب يشهد ارتفاعاً مقلقاً في عدد الوفيات بسبب الإصابة…
الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور
تناول الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي يُقلل من خطر…
المغرب يُعزز مكانته كمُصدٍر رئيسي للخضراوات الطازجة إلى بريطانيا

الأخبار الأكثر قراءة

موجة جديدة من الغارات الجوية الإسرائيلية والقصف المدفعي على…
بدء عودة لاجئين لبنانيين من العراق بعد اتفاق وقف…
ترحيب واسع من مختلف الفرقاء السياسيين بعد دعوة نبيه…
في خطوة تسبق تنصيب ترامب رئيساً محادثات بين إيران…
بايدن يضغط لإبرام اتفاق في غزة ونتنياهو يبدي إستعداداً…