الرئيسية » أخبار محلية وعربية وعالمية
"حج عيساوة" إلى مقام الشيخ الكامل

مكناس - جميلة عمر

تعيش مدينة مكناس خلال هذه الأيام طقوس استثنائية، بالتزامن مع تخليد ذكرى المولد النبوي، حيث يحج إليها عدد من مريدي وأتباع الطريقة العيساوية التي أسسها الولي الشيخ الكامل، والذي يوجد ضريحه في قلب المدينة العتيقة في مكناس، في الوقت الذي تشهد فيه المدينة حالة من التأهب والاستنفار الأمني بالتزامن مع هذه الاحتفالات.

فقبل أن تشرق شمس يوم الجمعة، الذي صادف  تخليد ذكرى المولد النبوي، حج إلى مكناس عدد ممن يسمون أنفسهم "أتباع الطريقة العيساوية"، من "الطوائف" التي تحج إلى عاصمة الزيتون، والذين جاؤوا من مختلف مدن المملكة، لا سيما سلا ومراكش وطنجة وتطوان والناظور، وكذا مدن جنوبية كورزازات وزاكورة، من أجل تخليد ما يعتبرونه يومًا مقدسًا، بالذكر والمديح، وكذا بالاستغفار.

لكن للأسف ، ليس غرض كل الوافدين على مدينة مكناس " الجدبة" وإحياء ليلة نبوية بالذكر والاستغفار، بل هناك من يستغلون المناسبة لأشياء مشبوهة كطقوس الشعوذة والشذوذ والدعارة، في مظاهر عاينها موفد "المغرب اليوم"، وكشف عنها عدد من سكان المدينة، الذين اختلفت آراؤهم ومواقفهم بشأن هذه الأجواء الاحتفالية، التي تبدأ من "باب جديد"، وتتوج بالجذبة داخل ضريح الشيخ الكامل.

طوائف جاءت من أجل أخذ البركة  

في الأول بدأت أولى الطوائف استعداداتها للمضي صوب ضريح الشيخ الكامل، وهنا تختلف أعمار المريدين والقاصدين لبركة الكامل، في الموكب الاحتفالي، شيوخ وأطفال، رجال ونساء، حتى يخال المرء في لحظات أنه أمام أمواج عمادها البشر الوافدين، وفي جانب الطريق المؤدية إلى الضريح، يصطف الآلاف من الناس من مختلف الأعمار، أطفال ونساء وشيوخ وشباب، البعض يبحث عن مشاهدة هذا الموكب الذي ينتظره كل عام، والبعض الآخر استغل الفرصة لكي يلتقط له صورًا ومقاطع فيديو لهذا الموكب العيساوي الحاشد.

وكان لرجال الأمن بمختلف تشكيلاتهم لهم حضورًا لافتًأ أثناء مرور الموكب، إذ وضعت حواجز حديدية في الطريق الرابطة بين "باب جديد" وضريح الشيخ الكامل، فيما لم يسمح لمن هم من غير الموكب بأن يدخلوا إلى الضريح، ووفقًا لواحد من أفراد طائفة "سيدي بابا"، والتي كانت أولى الطوائف التي توجهت إلى الضريح، فإنه خلال اليوم الواحد تمر ما بين 8 إلى 10 طوائف، وذلك خلال الأيام الثلاثة التي تتلو هذا اليوم، لتشكل بذلك "موسمًا للشيخ الكامل"، وكانت البداية مع "عيساوة الغرب"، القادمين من مدينة القنيطرة ونواحيها
في مقابل ذلك، تواجد عدد من أفراد فرع الهلال الأحمر المغربي أمام الضريح من أجل إسعاف عدد من الذين تذهب بهم الجذبة إلى أقصى درجاتها، ويفقدون وعيهم نتيجة للمجهود الذين بذلوه خلال الطقس الذي يستمر لأكثر من ساعة.

الشيخ الكامل يجتنب البدعة والوردة

ارتبطت هذه المواكب والطقوس التي تقام في الفترة ذاتها من كل عام، منذ أعوام بعيدة، بطقوس للشعوذة، حيث يتم إلقاء عدد من رؤوس الماعز في الشوارع، وافتراسها حية، كنوع من الاحتفال بالذكرى النبوية، ما يجر على هذه المناسبة انتقادات كثيرة من الساكنة المكناسية التي ترفض هذه العادات المشبوهة.

ووفقًا لتصريح  السيدة خدوج الحدوشية، حفيدة شرفاء المدينة ، لموفد "المغرب اليوم" خلال جلسة بمنزلها ليلة عيد المولد الشريف، فإن هذه الاحتفالات لا ترتبط بموسم، وإنما احتفاء بالمولد النبوي، "لأن الشيخ سيدي محمد بنعيسى، الملقب بالشيخ الكامل، كان يحتفل خلال حياته بالمولد، وكل الشيوخ كانوا يسمونه بالكامل لأنه جمع بين العلم والولاية والنسب لرسول الله"، مؤكدة أن هذه العادة كانت منذ أن كان الشيخ الكامل على قيد الحياة.

وأعطت الحدوشية، توضيحات بشأن الطريقة العيساوية التي تشهدها مدينة مكناس، حيث شرحت أن "الطريقة موجودة في مختلف مناطق المغرب، كما أنها انتشرت في عدد من البلدان المجاورة، كتونس وليبيا والجزائر ومصر، بالإضافة إلى وجود زاوية عيساوية في المدينة المنورة في المملكة السعودية، وهذا ما يدل، على حد تعبيرها، "على مكانة الشيخ العلمية خاصة وأنه كان يدرس ويعطي الفتاوى للعلماء بالإضافة إلى التزامه بالسنة النبوية ودعوته إلى تجنب كل ما هو بدعة وردة، كما أنه بنى الطريقة العيساوية على "المحبة والسنة والكتاب".

عويل وبكاء والصراخ في ما يشبه المأتم

مباشرة بعد الدخول إلى الضريح، بدأت النساء في العويل والصراخ فيما يشبه المأتم، لكنه طلب للبركة من ولي الضريح، حيث تتوجه إليه النسوة بالبكاء من أجل الاستجابة لكثير من دعواتهن، كـ"طريق للخلاص من المعاناة التي يرزحن تحت وطأتها"، وامتلأ بهو الضريح بالنساء الطالبات للبركة، واللواتي جاء أغلبهن من عدد من البوادي المحاذية للمدينة الإسماعيلية، من أجل تخليصهن من أعباء الدنيا.

ومباشرة بعد أن يلمسن ضريح الشيخ الكامل، تبدأ النساء في التودد والبكاء، فيما اتخذت بعضهن ركنًا من أركان الضريح من أجل استكمال الجذبة، وانتظار "نزول بركة قد تأتي ولا تأتي".

شواذ وشعوذة

وبعيدًا عن الذكر والاستغفار و"الجدبة" لوحظ أن هناك مراقبة أمنية مشددة للزائرين الوافدين  إلى مدينة مكناس ونواحيها للمشاركة في احتفالات موسم "سيدي علي بن حمدوش" نواحي مكناس، لا سيما عقب انتقادات عدد من الزوار والذين وصفوا ما تخلل الاحتفالات الماضية بـ"غير الأخلاقي"، لتقاطر عدد كبير من الشواذ إلى الموسم، نظرًا لاعتقادهم بأن الولي الصالح المدفون بضواحي مدينة مكناس كان مناصرًا ومباركًا لاقتران المثليين".

والغريب في الأمر يعرف موسم سيدي علي بن حمدوش بـ"إقبال" كبير للشواذ بغرض القيام بطقوس غريبة، معتقدين أن من خلال زيارتهم للضريح خلال هذا الموسم المهرجاني، سينالون البركة وسيتقاطر عليهم طيلة العام الزبناء الراغبين في ممارسة الرذيلة، ويربط الشواذ طقوسهم الغريبة بشجرة "للا عيشة" الحمدوشية  التي نسجوا حولها حكايات غريبة.

أما العوانس فتعرفهم من خلال الطقوس التي يقومون بها غير مبالين بباقي الوافدين ولو يكونوا ذكورًا، حيث تقوم العوانس بالاستحمام في "حمامات" شبه مفتوحة، ويعمدن إلى التخلص من ملابسهن الداخلية بالقرب من هذه "الحمامات"، ما يحول الفضاء إلى "أكوام" من الألبسة الداخلية للنساء، والغرض، بالنسبة لهن، هو التخلص من "العكس" الذي يقف سدًا منيعًا أمام زواجهن .

وإلى جانب العانسات، فإن الموسم يعرف توافد نساء يرغبن في الإنجاب، ويعتبرن أن الاستحمام في  منبع "عين" أسفل الضريح كفيل بأن يفتح لهن المجال للحصول على أبناء، حيث وضعت السلطات 6 حواجز أمنية في الطريق المؤدية إلى الضريح المقام في قرية لا يتجاوز تعداد سكانها 4 آلاف شخص، حيث تقوم قوات الأمن بحملات تفتيش على منازل القرية التي تشتبه باحتضانها للمثليين الذين استطاعوا الوصول إلى الضريح من خلال سلوك طرق فرعية لا تخضع لمراقبة الأمن.  

ويحضر مولد "بن حمدوش" سنويًا، حسب  تصريح أبناء المنطقة إلى لــ " المغرب اليوم"، جانب الشواذ وفتيات الليل، عددًا كبيرًا من المشعوذين، الذين يستغلون المناسبة التي تدر عليهم ربحًا وفيرًا،كا أن المشعوذين يلتقون خلال هذا الموسم لتبادل الخبرات والجديد في السحر والشعوذة، كما يعتبر الجزارون وبائعو الماشية أكثر المستفيدين من المولد، إذ يحرص آلاف الزوار على تقديم القرابين للضريح، والتي قد تكون ثورًا، أو دجاجة، وذلك للحصول على البركة، والتخلص من أعمال السحر والحسد والشعوذة، وفق اعتقادهم.

ومن طقوس زيارة الضريح التي تعد شرطًا لنيل البركة: إشعال الشموع، وتقديم القربان، ثم الاغتسال داخل ما يسمى بحفرة "لالة عيشة" الموجودة تحت الضريح بماء "العين الكبيرة" التي يعتقد أتباع الطريقة الحمدوشية أن "الشيخ علي بن حمدوش توضأ منها، وكانت سببًا في نيل الآلاف للبركة والرزق".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الحكومة المغربية تُصادق على مرسومين حول ضابط البناء المضاد…
إسرائيل وحزب الله يُؤكدان مُواصلة العمليات العسكرية وواشنطن تحذر…
واشنطن تُؤكد عدم توقعها التوصّل إلى اتفاق بين إسرائيل…
غالانت يرد علي خطاب نصر الله ويُؤكد إستمرار تسلسل…
إسرائيل تشّن غارات جديدة على 30 منصة إطلاق صواريخ…

اخر الاخبار

المدير العام للأمن الوطني في المغرب يُجري زيارة عمل…
رئيس مجلس النواب المغربي يُجري مباحثات في جوهانسبورغ مع…
الحكومة المغربية تُؤجل المصادقة على مشروع قانون دمج صندوق…
وزير الخارجية الإسباني يرفض الاستغلال السياسي لأحداث الفنيدق ويُشيد…

فن وموسيقى

احتفاء بفيلم "رحلة 404" لمنى زكي عقب ترشحه للأوسكار
منى زكي تُعبر عن سعادتها الكبيرة بترشيح فيلمها "رحلة…
سميرة سعيد تؤكد أن ألبوم قويني بيك من أحلى…
ظافر العابدين يبدء ثالث تجاربه في الإخراج بفيلم صوفيا…

أخبار النجوم

الفنان عمرو دياب يتألّق عند سفح أهرامات الجيزة
أحمد رزق يتعاقد على مسلسل «سيد الناس» رمضان 2025
مي عمر تردّ على انتقادات عملها مع زوجها محمد…
شيرين عبد الوهاب تعلن تفاصيل جديدة عن أزمتها مع…

رياضة

ميسي يعود للملاعب بعد غياب شهرين للإصابة
انتخاب عادل هالا رئيساً جديداً لنادي الرجاء الرياضي لمدة…
مبابي في قلب حرب باردة داخل المنتخب الفرنسي
مدرب منتخب المغرب يُوجه رسالة إلى يحيى عطية الله…

صحة وتغذية

التعرض إلى الضوء في الليل يُزيد من خطر زيادة…
عقار تجريبي يساعد مرضى السرطان على استعادة الوزن
جدري القردة يُؤجل النسخة الرابعة من المؤتمر الدولي للصحة…
"ارتفاع مقلق" بوفيات جدري القردة خلال أسبوع واحد

الأخبار الأكثر قراءة

روسيا ترسل تعزيزات لكورسك بالتزامن مع توغل آلاف الجنود…
"حزب الله" يقصف تجمعًا لجنود الاحتلال في العمق الإسرائيلي…
انتهاء المشاورات السودانية الأميركية في جدة ولا اتفاق على…
الجيش الإسرائيلي يقصف برجين سكنيين بمدينة حمد شمال خان…
تنديد عربي ودولي لقصف الاحتلال الإسرائيلي مدرسة التابعين في…