الرئيسية » أخبار محلية وعربية وعالمية
عبد السلام بوطيب

الرباط - المغرب اليوم

يتجه حزب الأصالة والمعاصرة إلى عقد مؤتمره الرابع في السابع من فبراير المقبل، بعد مروره بفترة صراعات قوية جعلت الحزب الأول في المعارضة البرلمانية في مفترق طرق.

واليوم، وبعد أن وُضعت الخلافات ظاهرياً على الجانب، بدأت الترشيحات للأمانة العامة لـ"البام" تتوارد لخلافة الأمين العام الحالي، حكيم بنشماش، فبعد الشيخ بيد الله، أعلن عبد اللطيف وهبي الانخراط في السباق، لينضاف إليهما عبد السلام بوطيب.

في هذا الحوار، نطرح أسئلةً حول وضع الحزب ومشاكله ورهاناته على المرشح لقيادة "البام" عبد السلام بوطيب، وهو عضو المجلس الوطني للتنظيم، والرئيس السابق للجنة الوثيقة السياسية عن "تيار الشرعية".

ينحدر بوطيب من مدينة الحسيمة بالريف، وهو مؤسس ورئيس مركز الذاكرة المشتركة للديمقراطية والسلم، ومعتقل سياسي سابق بسبب انتمائه إلى الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، قضى سنوات في السجن المدني بوجدة لما كان طالباً بشعبة التاريخ بكلية الآداب بوجدة.

ما دواعي ترشحك للأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة؟

ما جعلني أفكر في الترشح للأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة هي ملاحظتي أن كلا من تقدما للترشح لهذا المنصب يفتقدان إلى معرفة عميقة بأسباب الأزمة التي يمر منها الحزب، وبالتالي يصعب عليهما الإجابة الدقيقة عن السؤالين البسيطين اللذين تُجيب عنهما كل أحزاب الدنيا عند تأسيسها، وخلال مسارها المتجدد، وهما من نحن؟ وماذا نريد؟.

عدم القدرة على الإجابة عن هذين السؤالين دفع أحدهما إلى التيهان عند محاولة الحديث عن هوية وكينونة الحزب وعلاقته بالدولة. وقد وقف المغاربة على الأمر عندما تابع عدد منهم الخروج الإعلامي غير الموفق للأخ عبد اللطيف وهبي، لاسيما عندما أقحم "إمارة المؤمنين" في معمعان التسابق، أو قُل التهافت، نحو الأمانة العامة لحزبنا، وهو أمر لا يُغتفر لا دستورياً ولا سياسياً ولا معرفياً، وقد ذكرني بكل كتابات محمد أركون الحاثة عن استحضار السياقات عند الحديث عن الظواهر السياسية في منطقتنا.

كما تابع هؤلاء أنفسهم رد الدكتور الشيخ بيد الله على سؤال طبيعة أزمة الحزب، التي ردها إلى صراع الذوات؛ والحال أن الأمر يتعلق بطبيعة وهوية حزب استثنائي يتلمس هويته وكينونته التي لم يستطع قادته الذين سبقوا الأخ حكيم بنشماس تحديدها وبلورتها سياسياً، وذلك بسبب نقص معرفي في مناهج ومُخرجات العدالة الانتقالية، وبسبب عدم معرفة صيغ التنفيذ السياسي لتوصيات ومُخرجات هيئة الإنصاف والمصالحة؛ ذلك أن حزبنا وُلد من رحم الصراع التناحري الذي عرفه المغرب بين الفرقاء السياسيين حول السلطة، ووُلد من أجل تجديد التوازن السياسي بين الفرقاء من خلال تنفيذ التوصيات السياسية لهيئة الإنصاف والمصالحة.

ما هي مشكلة "البام" اليوم؟ وما هو برنامجك لقيادة الحزب؟

مشكلة الحزب، أو قُل مشاكل الحزب كلها مرتبطة بهويته وطبيعته التي لم يفهمها حتى بعض كبار قادته، لذا السؤال الذي يؤرقني هو: من نحن؟ وماذا نريد؟ والإجابة الصحيحة عن السؤالين هي التي ستقودنا إلى بناء الحزب الذي سوف يعمل على ترجمة توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة سياسياً.

بتواضع شديد أعرف من نحن، وماذا علينا فعله، لذا سأترشح للأمانة العامة للحزب، لكن علينا أن نُعمق النظر في الموضوع مع النخب الفكرية للحزب، ومع من هم مؤهلون لفهم هذا، لأننا حزب استثنائي، لسنا من اليمين ولا من اليسار، بل نحن حزب وُلد من أجل أن يرسم طريقاً جديداً للفعل السياسي الهادف إلى بناء دولة الحق في ظل الاستمرارية. لذا علينا اليوم أن نُحدد موقعنا بكل شجاعة، ونحدد أهدافنا بكل وضوح، وألا نضحك على المغاربة بدغدغة المشاعر بالطرق الشعبوية - كما فعل الأخ وهبي وفعلها قبله الأخ إلياس العمري، وكانت النتيجة التي هي اليوم أمامنا.

هدفنا الأساسي اليوم أن نسير بالمغرب إلى ما كانت تُريد تجربة الإنصاف والمصالحة أن يصل إليه، وهو المغرب الحداثي الديمقراطي المُعتمد على الذكاء الجماعي والمتسع للجميع، مغرب بجودة أكثر في التعليم والصحة، وبعدالة تحفظ كرامة وإنسانية الناس أكثر، وبشغل كريم لأبنائه.

لو كنت أميناً عاماً للحزب في المؤتمر الأول لأخذته إلى الاتجاه الذي كان يجب أن يسير فيه، أي البحث عن احتلال الموقع الرائد في المشهد السياسي على أنقاض أحزاب أنهكها الصراع التناحري، وأساهم في تقوية أحزاب اليسار واليمين وفق المعطيات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية المحلية، وأن أجمع حولي أو في أحزاب سياسية أخرى كل تلك الأحزاب الصغيرة المترهلة التي لن تستطيع الاستمرار في الصراع السياسي لوحدها..نظرياً هذا هي مهمة الأحزاب التي تفرزها تجارب المصالحة في العالم.

لكن الملاحظ أن القادة السابقين لحزبنا كان لهم رأي آخر، وكأنهم أمام حزب إضافي عاد جداً، لقد سعوا إلى احتلال المراتب الأولى من أجل الحزب، وليس من أجل سيرورة البناء الديمقراطي، وزادوا من تأزم بعض الأحزاب، خاصة المتوسطة والصغيرة منها، دون أن تفلت من أثرهم حتى الأحزاب التي تُعد أحزاباً تاريخية كبيرة، كما سعوا إلى تجميع الأحزاب الصغيرة، ليس لصالح نفس العملية، بل من أجل تضخيم جسم الحزب وذواتهم، وهلم جراً من الأخطاء التي ترتبت عن "التضخيم في الحزب وقادته"، ما سمح لكثير من السياسيين، الذين لا يفقهون شيئاً في منهجية العدالة الانتقالية، القول عن حزبنا إنه حزب الدولة العميقة، وإنه حزب "لملاقطية" كما عبر عن ذلك الشريف مولاي إسماعيل العلوي - سامحه الله - هو جهل فظيع بمخرجات العدالة الانتقالية، وإنه حزب جاء ليسرق الأحزاب الصغيرة، كما ظل يردد ذلك الأخ الوزاني نجيب، الأمين العام السابق لحزب العهد، وإنه حزب اليساريين الفاشلين الذين يستقوون بالدولة، والحال أن كل اليساريين الذين التحقوا بالتجربة التحقوا بها بوعي تاريخي وإيمان عميق بأن مسلسل المصالحة الذي يُبنى على إيقاع العدالة الانتقالية يستوجب انخراط طليعة اليساريين الأذكياء فيه، ومنهم من تحدث عن بداية التأسيس للدولة الموازية، وهو "ينبه" الدولة إلى الخطر المحدق بها من جراء تفاعلها الإيجابي، خاصة مع القادمين من اليسار.

السؤال اليوم هو هل يمكن استعادة تلك الأجواء التي وُلد فيها الحزب أم أنه سيستمر كحزب عاد؟ لا، نحن لا يمكن أن نستمر كحزب عاد يبحث لنفسه عن مكان بين اليمين واليسار التقليديين. ليس لهذا وُجد حزب الأصالة والمعاصرة، لذا أتصور أن مستقبلنا صعب ويتطلب كثيراً من الذكاء الجماعي وصفر درجة من الشعبوية.

هدفي الثاني أن نجد لنا عائلة عالمية مُكونة من الأحزاب التي لها نفس أسباب الوجود مثلنا، والتي لها نفس الأهداف. لقد تناولت هذا الموضوع بإسهاب مع الرئيس الكولومبي السابق عندما زارنا في مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية والسلم، الذي أتشرف برئاسته، لنيل الجائزة التي نقدمها سنوياً للواتي والذين يُساهمون في التأسيس لعالم يتسع للجميع، وأخبرني بأن سياسيين من المدرسة نفسها يُحاولون التأسيس لهذه العائلة الكونية التي سوف تخرج عن الإطارات التقليدية للعائلات الكونية، أي يمين يسار.

لماذا لا نكون من مُؤسسي هذا التيار العالمي خدمةً لتجربتنا الديمقراطية وقضايانا الكبرى، وعلى رأسها قضية الوحدة الترابية؟.

أما عن برنامجي فسأعلن عنه في الأيام القليلة القادمة من مقر الحزب بالحسيمة، إن سمحت لي الظروف، واستطاع المؤيدون لي الانتقال معي إلى هناك.

هل ستؤثر أصولك الريفية على ترشحك للأمانة العامة؟

لا أعتقد، أفكر الآن في العوائق القانونية، فقد انتهى إلى علمي أن اللجنة القانونية أبقت على شرط ضرورة المرور، ولو لمرة واحدة، من عضوية المكتب الوطني حتى يكون بالإمكان المشاركة نحو إحراز مقعد الأمانة العامة، وأنتم تعرفون كيف كانت تحرز العضوية في هذا المكتب أيام سيطرة بعض الوجوه على مفاصل الحزب.

وفي ما يخص أصولي الريفية، أنا ريفي بـ"des fichiers spéciaux et personnalisés"، هاجر والدي بداية الستينيات من القرن الماضي إلى مدينة الحسيمة من المناطق المحاذية لمدينة مليلية المحتلة بحثاً عن العمل، ومنذئذ لم يعد إلى قريته، وبقي معروفاً هناك باسمه مقروناً بالقرية التي هاجر منها، تجدني حتى اليوم مسكوناً بذاكرة عائلتي وتفاصيلها، ولعل هذا ما جعل مني اليوم إنساناً كونياً مُتغلباً على المنطق الجغرافي، وحائزاً على جائزة "إيميليو كاستلار لحقوق الإنسان والدفاع عن الديمقراطية والحريات"، وهي جائزة نالتها قبلي شخصيات مُهمة عالمياً، ومنها الرئيس خوسي ألبيرتو موخيكا، الرئيس السابق لأورغواي. أنا هو أنا، وباقي الريفيين هم هم.

هناك مرشحان آخران للأمانة العامة، هل سيكون الأمر صعباً بالنسبة لكم؟

لا، لقد تابعت بدقة تصريحات الرجلين معاً، وانتبهت إلى أنهما معاً لم يفهما جوهر أزمة الحزب، هما معاً رجلان سياسيان تقليديان يردان الأزمة إلى صراع الذوات، الأول يشخصها في فلان وفلان من القادة السابقين والحاليين، وبنبرة شعبوية حادة يريد منها إخفاء جهله بطبيعة الحزب ومهامه التاريخية، والثاني لم يكلف نفسه الغوص في الأزمة ورَدها إلى الذوات، ونفى عنها كل الأسباب الأخرى، والحال أن "الذاتية" في هذه الحالة هي من تمظهرات أزمة الحزب وليس سبب أزمته.

وعندما يكون التشخيص خاطئاً فلا تنتظر ممن قدمه حلولاً، لذا الصعب بالنسبة لي هو أن أقنع منخرطي الحزب بتصوراتي التي أدافع عنها منذ أن كنت لأسباب ذاتية محضة وعُنصرية PERSONA NON GRATA من طرف الزعيم السابق لحزبنا الأخ إلياس العامري سامحه الله.

هل في نظرك أنهت المصالحة أزمة الحزب؟

إذا لم نُجب عن سؤال الهوية بوضوح خلال المؤتمر، وإذا لم نُحدد ما نريده بالدقة المطلوبة، وإذا لم نفكر في مهندس تنظيمي مُحترف، فالصراع سيعود، ربما سيأخذ تمظهرات أخرى لكنه سيسمى صراعاً داخلياً. أنا هُنا لا أتحدث عن الصراع الطبيعي داخل الأحزاب الحية، الذي هو ضروري للتقدم، بل أتحدث هنا عن الصراع الذي لا يعرف "جنوده" عما يتصارعون، والذين ينطبق عليهم قول الشاعر محمود درويش:

لأن ألوفاً من الجُند ماتت هناك

من الجانبين، دفاعاً عن القائِدَيْنِ اللذين

يقولان: هيّا. وينتظران الغنائمَ في

خيمتين حريرَيتَين من الجهتين...

يموت الجنود مراراً ولا يعلمون

إلى الآن مَنْ كان منتصراً !

قد يهمك ايضا :

المغرب يعترف بالحكومة البوليفية ويؤكّد انضمامها إلى جهود المجتمع الدولي

إصابة 7 أشخاص إثر حادث سير في ضواحي "آيت اعتاب"

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

غارة إسرائيلية تقصف وسط بيروت ب 5 صواريخ إرتجاجية…
سلطات الأمن المغربية والإسباني يتمكن من ضبط خلية إرهابية…
الحرس الثوري يؤكد مجدداً أنه سيرد على الضربات الجوية…
هوكستين يُغادر تل أبيب دون إعطاء معلومات عن خلاصة…
إسرائيل تنذر صور والضاحية الجنوبية لبيروت وتقصفهم و إتصالات…

اخر الاخبار

حماس تعلن مقتل رهينة بقصف إسرائيلي شمالي غزة
مجلس الشيوخ الأميركي يطالب بايدن بوقف حرب السودان
الرئيس الصيني يُؤكد لولي العهد المغربي دعم بكين لأمن…
جمهورية لاتفيا تسعى إلى تعزيز تعاونها مع المملكة المغربية…

فن وموسيقى

رافائيل نادال يختتم مشواره ويلعب مباراته الأخيرة في كأس…
الذكرى التسعين لميلاد فيروز الصوت الذي تخطى حدود الزمان…
سلاف فواخرجي تؤكد أنها شاركت في إنتاج فيلم "سلمى"…
نادين نسيب نجيم تكشف عن سبب عدم مشاركتها في…

أخبار النجوم

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
سلاف فواخرجي تتألق في فيلم ”سلمى” وتسلط الضوء على…
أول تعليق من حسين فهمي بعد حصوله على جائزة…
مها أحمد تسخر من قلة العمل وكثرة النجوم على…

رياضة

بيب غوارديولا يكشف سبب تمديد تعاقده مع مانشستر سيتي
كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
أبرز المحطات في مسيرة لاعب التنس الاستثنائي نادال التي…
المغربي أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل…

صحة وتغذية

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على…
فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية

الأخبار الأكثر قراءة

بايدن يبلغ إيران بأن أي محاولة لاغتيال ترامب سيعتبر…
21 قتيلاً جراء غارة إسرائيلية على بلدة زغرتا في…
غارات على لبنان وحزب الله يقصف مستوطنات شمالي إسرائيل…
هاريس تطرح خططاً لكسب تأييد "الرجال السود" وترمب يستبعد…
عشرات القتلى وأصابة 40 بينهم نساء وأطفال في غارات…