لندن ـ سليم كرم
حصدَ "المحافظون" في اسكتلندا مكاسب تاريخية في الاستفتاء الثاني للاستقلال الذي دعت اليه رئيسة الوزراء الاسكتلندية نيكولا ستورجين. وشهدت رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي فوز مرشحيها ب 130 مقعدًا في شمال البلاد بما في ذلك مناطق مثل "غلاسكو" وشمال "لاناركشاير"، حيث لم يكن المحافظون قادرين على المنافسة على مدى عقود. و على الرغم من وقوع أضرار مدمرة على أوكيب و"حزب العمل" في جميع أنحاء البلاد، فقد وجهت ماي تحذيرًا صارمًا لقواتها ضد الرضى عن النفس قائلة: إن انتصار 8 يونيو/ حزيزان لا ينبغي أن يؤخذ باعتباره أمرًا مسلمًا به. وأضافت أن الموجة الأولى من نتائج اسكتلندا ليلة كئيبة على حزب جيرمي كوربين قبل شهر واحد من الانتخابات العامة، حيث فقد حزب العمل السيطرة على عدد كبير من المجالس وأكثر من 330 مقعدًا في جميع أنحاء المملكة المتحدة، بما في ذلك معقل الحزب في "غلاسكو" للمرة الأولى منذ عام 1980.
وتعثر حزب أوكيب بعد فقدانه العديد من المقاعد، وفقا لما أعلنه النائب السابق دوغلاس كارسويل الجمعة، بينما تمكن المحافظون من الحصول على 514 مكسب حتى الأن على المسار الصحيح ليسجلوا أفضل أداء لحزب حاكم منذ عام 1974. وألقت شخصيات بارزة في حزب العمل باللوم على جيرمي كوربين بسبب الأداء الكارثي للحزب متهمين كوربين بأنه مُشع على أعتاب الباب، فيما سخر مستشار حكومة الظل جون ماكدونيل من خلال إلقاء اللوم على وسائل الإعلام، قائلا إن الناخبين بدأوا يعرفون السيد كوربين بعد عامين من توليه منصبه، موضحا أن هزيمة حزب العمال القوية في غرب انجلترا كانت نتيجة جيدة.
وحاول أليكس سالموند زعيم حزب SNP السابق التقليل من أهمية مكسب المحافظين قائلا في لقائه مع "بي بي سي": إن تريزا ماي تخلصت من أوكيب عن طريق أنها أصبحت أوكيب ذاتها، مضيفا " ستكون اسكتلندا المكان الوحيد الذي يتعرض فيه المحافظون للهزيمة، ما يعني أن الهدف من الحملة الانتخابية كسب المزيد من الأصوات والمزيد من المقاعد عن أي حزب آخر، ونحن واثقون من أن حزب SNP سيفعل ذلك في اسكتلندا، ولذلك عندما يتعلق الأمر بالانتخابات العامة نريد تعزيز هذا الاتجاه"، بينما أوضحت زعيمة حزب المحافظين الأسكتلندي روث دافيدسون أن "الحزب الوحيد القوي بما يكفي لقيادة المعركة ضد حزب SNP هو حزب المحافظين الأسكتلنديين، وهناك طريقة بسيطة لحزب SNP لنوقف حديثنا عن الاستقلال وهي أن تحترم نيكولا ستورجين نتيجة استفتاء عام 2014"، وردا على سؤال بشأن نتيجة 8 يونيو/ حزيزان قال دافيسون لـ"بي بي سي": أعتقد أنه علينا أن نواصل العمل الجاد ولن نأخذ شيئًا على أنه أمر مسلم به".
وظهرت النتائج الأولى بين عشية وضحاها حيث تعرض حزب العمال لضربة قاسية في جنوب ويلز مع سيطرة المستقلين على "بليناو غونت"، وسيكون الحزب على المحك في "مرثير تيدفيل" حيث يتم الإعلان عن المقاعد الثلاثة الأخيرة في 8 يونيو/ حزيزان، ويجب الفوز بها حتى يظل محافظا على موقعه. ولم يستطع الحزب السيطرة على "بريدجند" بينما تمسك بكارديف ونيوبورت وسوانسي.
وربما تزداد الأمور سوء بالنسبة لحزب العمل حيث يتوقع الخبراء خسائر فادحة، فيما اعترف السيد ماكدونيل أن حزبه عانى من ليلة صعبة قائلا " كانت هناك بعض من خيبات الأمل"، إلا أنه أصر على أن الهزيمة في انتخابات البلديات في الجنوب الغربي جيدة لأن الحزب لم يحصل على مزيد من الخداع، وعلى الرغم من كون كوربين زعيما للحزب منذ عام، إلا أن ماكدونيل أصر على أن الناس بدأو يعرفونه للتو، حيث منحته وسائل الإعلام مساحة للظهور، وبدأ الناس يتعرفون على صفاته من حيث كونه زعيما قويا صادقا.
وأوضح فيليب جونسون رئيس فريق العمل في مجلس مقاطعة وارويكشاير المخلوع لراديو "بي بي سي 4 " أن الناس يقولون لنا أن أسلوب جيرمي كوربين هو ما جعلهم يتراجعون عن التصويت لصالح الحزب، الأمر لا يتعلق بالسياسات، فعند شرح السياسات يشعر الناس بالدعم ولكن كوربين لا يجيد التواصل مع الجمهور"، فيما قال أحد مرشحي حزب العمل لصحيفة التايمز: "إنه مشع على عتبة الباب". وفي هارلو التي زارها جيرمي كوربين الأسبوع الماضي حصل حزب "المحافظون" على 4 مقاعد، ثلاثة من حزب العمل وواحد من "أوكيب"، ولا تزال كمبريا تحت السيطرة الشاملة للحزب، وايضًا ريكسهام وفلينتشاير ، حيث فقد حزب العمل مقاعد في كل منها لكنه سيطر على نيوبورت.
واعترف رئيس الحملة العمالية أندرو غوين أن الصورة تبدو قاتمة وتحول تركيزه إلى تحسين النتائج في الانتخابات العامة التي ستجري الشهر القادم، مضيفا "هناك تحديات لحزب العمل في البلاد ولن أخفي ذلك، والشئ الوحيد الذي نحن بحاجة للنظر فيه هو كيفية المضي قدما في حملة الحزب للذهاب إلى الانتخابات العامة، إنه وضع فريد لم أمر به في حياتي، لم أعاصر مجموعة من الانتخابات المحلية في منتصف حملة انتخابية عامة"، فيما توقع نايجل فاراج زعيم أوكيب السابق أن حزبه سيقضي ليلة حارة، قائلا في حديثه لراديو LBC "حزب العمل لن يكون الحزب الوحيد الذي سيفقد مقاعد الليلة"، ولم يتمكن حزب أوكيب حتى الأن من تأمين مقعد واحد بعد فقدانه 108 مقاعد.
وتوقعت "بي بي سي" انخفاض حصة التصويت الوطني لأوكيب بنسبة 3% بعد أن كانت 22% عام 2013، بينما حظى المحافظون بنسبة 39% والعمل بنسبة 27% وهي أدنى نسبة لحزب معارض منذ بدأت الهيئة في إعداد التقديرات عام 1982، وأضاف المحافظ الكبير السيد دنكان سميث، أن "ما أنشئ أوكيب من أجله هو إقامة الاستفتاء والسماح للشعب البريطاني أن يقرر، والمفارقة أن الشعب البريطاني قبل عام أعلن رغبته في المغادرة. وأوضحت الحكومة المحافظة بقيادة تريزا ماي أننا سنغادر الاتحاد الأوروبي، فالخيارات التي تأتي حول قيادة قوية ومستقرة تجعل خيار الخروج صفقة جيدة بالنسبة للمملكة المتحدة، وبالتالي فأوكيب ليس لها الحق في ذلك لأن النقطة الأساسية هي أن يكون لديك حكومة تسير وفقا لما يريده الشعب البريطاني".
وحاول الزعيم بول نوتال أن يبدو شجاعا بشأن النتائج الكئيبة فقال إن "حزب أوكيب كان "ضحية نجاحنا"، مضيفا "في الانتخابات المحلية أمس فقد العديد من ممثلي أوكيب مقاعدهم في مجالس المقاطعات على الرغم من الحملة الانتخابية لإعادة الانتخاب، وبصراحة لا يوجد شئ يمكن القيام به في مواجهة التأرجح الوطني للمحافظين، وإذا كان ثمن مغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي هو تقدم المحافظين، فأوكيب مستعد لدفع هذا الثمن، نحن ضحايا نجاحنا والأن نختار أنفسنا ونمضي قدما نحو مزيد من النجاح في المستقبل".
وشوهدت نيكولا ستورجين تصوت في غلاسكو أمس ومن المتوقع أن يقود حزبها الاستطلاعات في أسكتلندا إلا أن المعارضين أوضحوا أنهم في مسار مُتنازل، ومن المتوقع أن ينجح أندي بورنهام في انتصار مباشر في السباق في مانشسترليصبح العمدة، وهناك سباق آخر قريب في منطقة غرب ميدلاندز حيث يمكن أن يفوز المحافظ أندي ستريت في المنطقة التي يسيطر عليها حزب العمل، وأظهر استطلاع للرأي أجراه المحافظ روب هايوارد أن حزب العمل سيفقد السيطرة على غلاسكو التي سيطر عليها لمدة 30 عاما، وقال البروفسور جون كيرتيس خبير الانتخابات من جامعة ستراثكلايد أنه سيكون من المفاجئ إذا احتفظ حزب العمال بالسيطرة على أي مجلس في اسكتلندا.