طرابلس - فاطمة سعداوي
أعلن الجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر مساء الجمعة، إن حصيلة قتلى الهجوم الذي تعرضت له قواته، يوم الخميس، في قاعدة "براك" الجوية، بلغت 141 قتيلاً. وقال العقيد أحمد المسماري، المتحدث باسم جيش حكومة طبرق، في مؤتمر صحافي إن الهجوم أسفر عن مقتل 17 فرداً من اللواء العاشر، بينهم القيادي في اللواء، المقدم فتحي ياسين، وفقدان 11 آخرين، فيما قتل 86 من اللواء 12، وأصيب 40 آخرون، وأما بقية القتلى 38 فهم من المدنيين. وأشار المتحدث أن قيادة الجيش ستحقق في الهجوم، لمعرفة الثغرات التي تم استغلالها للوصول إلى القاعدة.
وبشأن الرد على الهجوم، أشار العقيد أحمد المسماري أن قيادة الجيش أعطت الخميس "بعض الإشارات"، وأنه تم أمس الجمعة استهداف عدة مواقع جوّاً، بينها مواقع في منطقة الجفرة، مشدّداً أن الضربات الجوية "ستتواصل حتى القضاء على هذه المجموعات". وفي وقت سابق من مساء الجمعة، أوقف المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، كلا من وزير الدفاع مهدي البرغثي، وقائد القوة الثالثة جمال التريكي، إلى حين تحديد المسؤولين عن خرق الهدنة، ووقف إطلاق النار في الجنوب الليبي. وشكل المجلس الرئاسي "لجنة تحقيق" تحت إشراف القائد الأعلى للجيش التابع له، وبرئاسة وزير العدل محمد عبد الواحد، وعضوية وزير الداخلية العارف خوجة، للتحقيق في الأحداث.
ونفت وزارة الدفاع بقيادة مهدي البرغثي، إصدارها قرارًا بالهجوم على القاعدة المذكورة، لكنها حملت قوات حفتر مسؤولية القتال في الجنوب، بعد أن هاجمت قوات اللواء 12 قاعدة تمنهنت الجوية، ومدينة سبها التي تتواجد بهما قوات تابعة لحكومة الوفاق، منذ 23 مارس/ آذار الماضي. وبذلك باتت حكومة الوفاق الليبية برئاسة فائز السراج عالقة بين مطرقة حلفائها في مصراتة و سندان المشير خليفة حفتر قائد الجيش الذي يخوض حرباً بلا هوادة ضد الإرهاب في بنغازي.
وقد أتى ذلك بعدما اتهمت أطراف عدة في الشرق الليبي أمس، السراج بالفشل في إدانة مجزرة راح ضحيتها عشرات بين مدني وعسكري في جنوب البلاد، خلال هجوم نفذته "القوة الثالثة" التابعة لـ "درع مصراتة" على قاعدة لقوات حفتر في منطقة براك الشاطئ جنوب البلاد. وأشارت الأمم المتحدة إلى إعدامات وتصفيات طاولت مدنيين، ما يشكل جريمة حرب. كما تزامنت المجزرة التي وقعت في قاعدة براك الشاطئ الجوية، مع اغتيال أحد أبرز أعيان قبيلة العواقير في الشرق الشيخ ابريك اللواطي بتفجير نفذه متشددون أمام مسجد بلال بن رباح في مدينة سلوق جنوب شرقي بنغازي.
ورأى مراقبون أن التصعيد العسكري الذي تمارسه كتائب مصراتة بالتعاون مع المتشددين، يستهدف ضرب أي تفاهم بين السراج وحفتر، وذلك انطلاقاً من العداء الشديد الذي تكنه للأخير، فيما تؤمن تلك الكتائب لحكومة السراج الوجود في العاصمة الليبية طرابلس، من خلال حماية مقار الوزارات والإدارات التابعة لتلك الحكومة. وفيما كان سكان الشرق الليبي يتداولون أنباء عن التعرف إلى جثث حوالى 60 من عناصر الجيش ومدنيين من قبيلتي القذاذفة والمقارحة وآخرين قتلوا بالمجزرة في براك الشاطئ ليل الخميس- الجمعة، هز تفجير بسيارة مفخخة مدينة سلوق بعد صلاة الجمعة، مودياً بحياة عمدة المدينة ابريك اللواطي و5 آخرين بينهم أحد أبنائه، فيما أصيب 11 من المدنيين الذين صودف وجودهم أمام المسجد، ما استدعى نقلهم إلى المستشفيات للمعالجة.
واعتبر الهجوم اختراقاً أمنياً، إذ تساءل مراقبون عن كيفية وصول عناصر الميليشيات المتشددة التي يقاتلها الجيش في بنغازي إلى سلوق الهادئة نسبياً، والتي تبعد نحو 50 كيلومتراً من عاصمة الشرق. وتسبب التفجير بحال قلق في أنحاء الشرق أدت إلى استنفار قوات الجيش على نحو لافت في بنغازي. وتعتبر قبيلة العواقير التي ينتمي إليها المغدور من كبريات قبائل المنطقة الشرقية الداعمة عملية الكرامة بقيادة حفتر. وأبلغ شهود في بنغازي "الحياة" أن قوات الجيش والأمن انتشرت بكثافة في الشوارع التي خلت تقريباً من المارة، فور تفجير سلوق، في ظل مخاوف من موجة تفجيرات في المدينة التي تشهد مواجهات ضارية في منطقتي الصابري وسوق الحوت، مع مسلحي "مجلس شورى الثوار" المتشدد والذي يحظى بدعم كتائب مصراتة.
وأدان موفد الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا مارتن كوبلر بقوة الهجوم على قاعدة براك الشاطئ الجوية فى جنوب ليبيا. وأعرب كوبلر فى بيان أمس، عن الغضب إزاء التقارير التي تفيد بوقوع عدد كبير من القتلى، ومن ضمنهم مدنيين، والتقارير التى تفيد باحتمال وقوع إعدامات بإجراءات موجزة. ورأى الموفد الدولي أن عمليات الإعدام بإجراءات موجزة واستهداف المدنيين، تشكل جريمة حرب تمكن ملاحقتها أمام المحكمة الجنائية الدولية.
كذلك أعرب السفير البريطاني لدى ليبيا بيتر ميليت عن صدمته حيال المجزرة، مطالباً بتقديم منفذيها إلى العدالة. وحمل نواب الجنوب في البرلمان الذي يتخذ من طبرق مقراً له، حكومة السراج مسؤولية المجزرة، وطالبوا برد حاسم عليها. وأعرب السفير ميليت، عن صدمته إزاء الهجوم، وإزاء التقارير عن إعدامات جماعية، وطالب بضرورة تقديم الجناة للعدالة. وأكد ميليت يجب منع وقوع الحرب الأهلية في ليبيا.
أعلن المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني في ليبيا، أمس، إيقاف وزير الدفاع، المهدي البرغثي، عن العمل، على خلفية الهجوم الدامي الذي استهدف قاعدة براك الشاطئ العسكرية. وكشف المجلس عن تشكيل لجنة تحقيق تحت إشراف القائد الأعلى للجيش الليبي وبرئاسة السيد وزير العدل المفوض، وعضوية وزير الداخلية المفوض للتحقيق في الأحداث الأخيرة التي شهدتها القاعدة وتحديد المسؤولين عنها، ويكلف وكيل وزارة الدفاع مؤقتاً بتسيير المهام الإدارية للوزارة إلى حين إشعار آخر. وقال: "يمنع على كافة القوات المسلحة التابعة للمجلس الرئاسي القيام بأية عملية عسكرية قتالية إلا بعد الحصول على الموافقة الصريحة من القائد الأعلى ويستثنى الدفاع عن النفس".