الرباط-رشيدة لملاحي
دخلت المديرية العامة للأمن الوطني المغربي على خط تسريب وثيقة حصرية داخلية لمجلس حقوقي موجهة إلى جهة معينة، معبرة عن رفضها القاطع لما أسمته بـ"الاتهامات المزاعم الموجهة لمصالحها وموظفيها، استنادًا إلى وثيقة جزئية منسوبة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان".
وأوضحت المديرية العامة للأمن الوطني، أن الاتهامات وجهت بـ"صيغة الجزم والتأكيد، استنادا إلى وثيقة جزئية منسوبة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، تم تسريبها خارج الإطار الرسمي بكيفية مشوبة بالتجاوز". وأكدت المديرية على "حرصها على صون حقوق الإنسان كما هو متعارف عليها وطنيا ودوليا، واحترام ضمانات الحرية الفردية والجماعية خلال ممارسة الوظيفة الشرطية، وترتيب المسؤوليات القانونية على ضوء الإجراءات والمساطر القضائية"، معربة عن رفضها، في المقابل، توجيه "التهم ونشر الادعاءات على ضوء وثيقة جزئية وغير رسمية، لم تعرض على مصالح الأمن الوطني، بالقنوات الرسمية، ليتسنى الرد على ما جاء فيها".
وقالت مديرية الأمن إنها "ستجيب على جميع الادعاءات التي وردت في تلك الوثيقة، حال توصله بها رسميا من الجهة التي أعدتها أو صدرت عنها، من منطلق احترامه التام للقانون، وتفاعله الإيجابي مع خلاصات وتوصيات المؤسسات الدستورية المعنية، وأيضا من منظور أن تلك الادعاءات غير الرسمية أسست استنتاجاتها "الطبية وغير الطبية" على إفادات وشهادات لأطراف محددة دون استقراء وجهة النظر باقي المتدخلين المؤسساتيين والرسميين".
وأعربت المديرية "عن أسفها البالغ للتوظيف المتسرع والاستغلال غير القانوني لهذه الوثيقة المسربة، والذي تطبع في كثير من الحالات بالطابع السياسي خصوصا من بعض الجهات الأجنبية، وذلك بشكل يسيء إلى جهود المملكة المغربية ومكتسباتها في مجال تدعيم منظومة حقوق الإنسان".
وأقرت المديرية العامة للأمن الوطني بأن "القول بثبوت التعذيب، باعتباره فعلا مجرما يقع تحت طائلة القانون، يندرج ضمن ولاية السلطات القضائية المختصة، بما توفر لها من قناعات وجدانية ومن خبرات طبية وإفادات وشهادات ومعاينات ومشاهدات موثقة، وهي مسألة لم تتوفر في هذه الوثيقة المسربة التي تعوزها الصفة أيضا".
وجددت المديرية على "التزامها وتقيدها الصريح بالنتائج والخلاصات الرسمية، وحدها دون غيرها من التسريبات، التي تقتضي ممن يفترض فيه إعدادها اجراء بحث دقيق لتحديد ظروف وملابسات نشرها دون استيفاءها للمساطر والشكليات المقررة قانونا".
وكان المجلس الوطني لحقوق الإنسان، الذي يرأسه ادريس اليزمي، قد أعلن عن تسريب جزئي لتقريره ولوثيقة حصرية موجهة إلى جهة معينة، عقب حديث وسائل الإعلام عن الوثيقة المذكورة تكشف "مصداقية" مزاعم تعذيب معتقلي أحداث الحسيمة، مدعومة بدلائل مادية ونفسية، وأوصى بضرورة إجراء بحث معمق مع المتهمين، بممارسة التعذيب وضمان نيلهم العقاب.
وشدد المجلس الوطني لحقوق الإنسان على أن الخلاصات والتوصيات التي سينتهي إليها تقريره الشامل والنهائي، بشأن أحداث الحسيمة وتداعياتها، هي المرجع الوحيد للوقوف على تقييمه لمختلف المجريات لكل الأحداث في أبعادها ومراحلها، بكل حياد وموضوعية ومسؤولية كما دأب على ذلك في كل تقاريره.
واستغرب المجلس من عملية تسريب جزئي لتقرير قبل إصداره، بشأن مزاعم بالتعذيب قد تكون لحقت ببعض معتقلي الحركة الاحتجاجية في الحسيمة، مؤكدة الوثيقة المذكورة حرص المجلس أن توجه حصريا إلى الجهة المعنية. وأوضح المجلس أنه رفعا لكل لبس بخصوص هذا الأمر، فإن المجلس يؤكد أن الاستغلال الأحادي لبعض الشذرات من وثيقة داخلية، قد أدى إلى استنتاجات لم يخلص إليها العمل المنجز، من قبل الخبيرين المكلفين من قبل المجلس بشأن الثبوت القطعي لتعرض كل المعتقلين الذين تم فحصهم والاستماع إليهم للتعذيب.
وقال المجلس الوطني لحقوق الإنسان إن العمل الذي أنجز من قبل الطبيبين الخبيرين، يندرج ضمن وسائل العمل التي يتبعها المجلس، ضمن وسائل أخرى لإنجاز تقاريره حول مثل هذه الأحداث، مبرزا من هذا المنطلق أنها ليست تقارير نهائية تمثل موقف المجلس وما تحصل لديه من قناعات على التحريات والأبحاث والمقابلات، والمعاينات التي تنجزها فرق عمله ميدانيا.
وختم المجلس المذكور توضيحه على أن "ما أنجز من عمل من قبل الخبيرين قد تم وضعه رهن إشارة الجهة المختصة، لتتخذ بشأنه ما تراه ملائما من تدابير قانونية، على اعتبار أن المجلس لا يمكنه أخلاقيا وقانونيا، التطاول على اختصاص السلطة القضائية وهذا ما أوصى به الخبيران"، على حد قول المجلس.
المديرية العامة للأمن الوطني المغربي-المجلس الوطني لحقوق الإنسان- المغرب اليوم- أحداث الحسيمة.