الدار البيضاء ــ جميلة عمر
واصلت غرفة الجنايات الاستئنافية بملحقة محكمة الاستئناف سلا، بحث قضية المتهمين في أحداث تفكيك مخيم أكديم أزيك، وذلك بتقديم دفاعهم مستنتجاته بشأن تقارير الخبرة الطبية المنجزة على بعض المتهمين، وكان دفاع المتهمين قد التمس من المحكمة خلال جلسة 19 مايو المنصرم، مهلة للاطلاع على تقارير الخبرات الطبية المنجزة على 16 متهمًا ممن قبلوا إجراءها، فيما رفض خمسة منهم الخضوع لها.
وكانت المحكمة قد عهدت للجنة طبية مختصة إجراء خبرة طبية على المتهمين، بناءً على ملتمس تقدم به دفاعهم، وهي الخبرة التي أنجزت باللغة الفرنسية، وتمت ترجمتها من قبل ترجمة محلفين، وضعت رهن إشارة الدفاع لدى رئاسة كتابة الضبط في المحكمة للاطلاع عليها.
من جهة أخرى، كانت المحكمة قد قررت خلال الجلسة المنصرمة، ضم المحاضر المدلى بها من قبل النيابة العامة إلى وثائق الملف، ويتعلق الأمر بمحضر رصد حركة بعض المتهمين عبر الحدود قبل إنشاء المخيم، ومحاضر التقاط مكالمات هاتفية لبعض المتهمين مع أشخاص خارج أرض الوطن.
وقررت المحكمة، بناءً على ملتمس النيابة العامة، عرض شريط يوثق لأحداث مخيم أكديم إزيك سبق لها أن ضمته إلى وثائق الملف، تضمن مشاهد لفظاعة الاعتداءات المرتكبة في حق أفراد القوة العمومية الذين لم يكونوا حاملين لأي أسلحة نارية، كما أظهر الشريط أيضًا، بعض المتهمين وهم يقومون بارتكاب الأفعال الجرمية المنسوبة إليهم، ووثق لأحد المتهمين وهو يقوم بإلقاء خطاب تضمن دعوات تحريضية لقتال عناصر القوة العمومية، وصورًا توثق لزيارة بعض المتهمين لمعسكرات تدريب "البوليساريو" في دولة أجنبية مجاورة، ويظهرون فيها حاملين لأسلحة نارية.
وكان المتهمون في هذه النازلة المتابعون في حالة اعتقال، قد قرروا خلال جلسة 16 مايو المنصرم الانسحاب من المحاكمة، بعدما استطاع بعض الشهود التعرف على بعض منهم خلال الجلسات السابقة، كما كثف المتهمون من تصرفاتهم المخلة بنظام الجلسة كلما تعرف أحد الشهود على بعضهم أو ذكرهم بأسمائهم، وهي التصرفات التي بلغت في بعض الحالات حد عرقلة استمرار انعقاد الجلسة وحد رفض المواجهة مع الشهود، في تحد صارخ لسلطة رئيس الهيئة في تسيير الجلسات.
وفي حالة انسحاب المتهمين ومقاطعتهم للمحاكمة، يمكن إعمال مقتضيات قانون المسطرة الجنائية التي تخول للرئيس إمكانية إنذارهم وإحضارهم للجلسة بواسطة القوة العمومية، كما يبقى له في جميع الحالات وفي غياب المتهمين أن يأمر بمواصلة المناقشات.
وقد قررت المحكمة الاستمرار في مواصلة مناقشة القضية، حيث أنهت الاستماع إلى جميع شهود اللائحة المدلى بها من قبل النيابة العامة، بعدما عينت أربعة محامين في إطار المساعدة القضائية للدفاع عن المتهمين وفق المقتضيات المنصوص عليها في المادة 317 من قانون المسطرة الجنائية، علمًا بأن المتهمين الموجودين في حالة سراح صرحا للمحكمة بأنهما سيواصلان حضور أطوار المحاكمة في داخل قاعة الجلسات.
ومنذ 26 ديسمبر 2016، مرت أطوار هذه المحاكمة في أجواء عادية طبعها الحرص على احترام حقوق جميع الأطراف وضمان شروط المحاكمة العادلة، حيث فسح لهيئة الدفاع المجال للتدخل وطرح الأسئلة على المتهمين وإبداء ملاحظاتهم وتحفظاتهم بشأن بعضها، وكذا إبداء وجهات نظرهم بشأن ما يثار من نقاشات قانوني.
ويذكر أن محاكمة أكديم إزيك التي أحيلت على غرفة الجنايات الاستئنافية في سلا بعد قرار محكمة النقض إلغاء الحكم الذي أصدرته المحكمة العسكرية عام 2013 في حق المتهمين، تعرف مواكبة إعلامية وطنية ودولية، وحضور مراقبين دوليين.
وكانت المحكمة العسكرية في الرباط قد أصدرت، في 17 فبراير 2013، أحكامًا تراوحت بين السجن المؤبد و30 و25 و20 عامًا سجنًا نافذًا في حق المتهمين في هذه الأحداث، بعد مؤاخذتهم من أجل تهم "تكوين عصابة إجرامية، والعنف في حق أفراد من القوات العمومية الذي نتج عنه الموت مع نية إحداثه والمشاركة في ذلك.
وخلفت الأحداث التي شهدها مخيم أكديم إزيك، 11 قتيلًا بين صفوف قوات الأمن، من ضمنهم عنصر في الوقاية المدنية، إضافة إلى 70 جريحًا من بين أفراد هذه القوات وأربعة جرحى في صفوف المدنيين، كما خلفت الأحداث خسائر مادية كبيرة في المنشآت العمومية والممتلكات الخاصة.