تونس - حياة الغانمي
ماهو مصير المتورطين في عمليات ارهابية داخل تونس؟ هل تمتّع بعضهم حقا بالعفو ؟ ما حقيقة الافراج عن الليبين المتورطين في احداث الروحية والذين حُكم عليهما بـ16 سنة سجنا؟ هل تم فعلا تبادل الارهابيين؟ وان تم ذلك فمقابل ماذا تم التبادل؟
كل هذه الاسئلة تبادرت إلى أذهاننا ونحن نتصفح بعض الوثائق التي تؤكد حقا قرارات ترحيل الليبيين حافظ مفتاح الضبع وعماد مفتاح لواح يونس الذين حُكم عليهما بـ 20 سنة سجنا في البداية لتصبح فيما بعد 16 سنة فقط، لثبات تورطهما في احداث الروحية التي راح ضحيتها المقدّم بالجيش الوطني الطاهر العياري الذي قاد التعزيزات الى المنطقة و فارق الحياة قبل الوصول إلى مدينة مكثر والرقيب أول بالجيش وليد الحاجي.
اتصلنا بالسيد حسين السعيدي وهو مستشار اول وكاتب عام نقابة اطارات واعوان السجون وكاتب عام مساعد لنقابة الامن الجمهوري، سألناه عن "صفقات التبادل" إن وجدت، وعن المشرف على هاته الصفقات؟ ثم تبادُل من مقابل من أو ماذا؟
جاءنا السيد حسين السعيدي محملا بحزمة من الوثائق والقرارات والملفات الصادمة، ومن بين ما امدنا به واطلعنا عليه هو ان الإرهابي الليبي حافظ مفتاح عبد الله الضبع الذي شارك في العملية الارهابية بالروحية سنة 2011،القي عليه القبض بتاريخ 18 مايو/أيار 2011 ، واوقف تحت رقم 11/6839P بسجن المرناقية.
وفي جوان الفارط نقل من المرناقية الى سجن المهدية اين زاره اخاه حافظ الضبع المتهم بإيواء ابو عياض وبعد شهر فقط تم اطلاق سراحه.. نفس الامر بالنسبة الى الارهابي الليبي الثاني عماد مفتاح لواح يونس المتهم في نفس القضية عدد 001663 والذي ألقي عليه القبض في نفس اليوم مع حافظ الضبع أي بتاريخ 18 مايو/أيار 2011 وتم ايقافه تحت رقم 13/61107 n بسجن برج العامري من اجل المشاركة في القتل العمد مع سابقية القصد، وتم نقله هو ايضا الى سجن المهدية ليقرر ترحيله خلال الصا بعد يوم واحد من ترحيل حافظ الضبع.
ومن بين الوثائق التي امدنا بها كاتب عام نقابة اطارات واعوان السجون والاصلاح، تقارير موثقة من طرف اعوان الارشاد التابعة للاردارة العامة للسجون والاصلاح على زيارة ديبلوماسي تونسي "سابق "بليبيا للارهابيين ليلا في السجن لتنسيق عملية تبادلهما مع الديبلوماسيين التونسيين المخطوفين من طرف ارهابيين في ليبيا.
ولم تقف عمليات ترحيل الليبيين المتورطين في قضايا ارهابية على حد حافظ الضبع وعماد يونس، بل تعدته لتشمل اخرين حسب ما اطلعنا عليه حسين السعيدي . فأحد الارهابيين المدعو وليد يونس اللافي، قام باختطاف ضابط للمخابرات الليبية السابقة بجهة النصر بعد ان حقنه بمنوم واستعمل سيارة اسعاف ليبية صحبة 4 اشخاص تابعين لكتيبة عبد الحكيم بالحاج.
وقد عادت المجموعة بالرهينة الى ليبيا في حين تم التوصل الى مدبر العملية وهو وليد يونس اللافي فقبض عليه وحُكم عليه بـ6 سنوات من اجل اختطاف شخص باستعمال العنف والتهديد وهي قضية تعتبر حسب دستورنا الجديد من جرائم الإرهاب. واودع الرجل بسجن المرناقية بتاريخ 1 ابريل/نيسان 2012 ليطلق سراحه في 25 ديسمبر/كانون الأول من السنة الماضية اي بعد سنتين و10 اشهر فقط. ويأتي إطلاق سراحه بعد زيارة نفس الديبلوماسي التونسي السابق في ليبيا له ليلا في السجن. والزيارة موثقة لدى الاعوان.وإن عُرف سبب تبادُل السجينين الليبين المتورطين في عملية الروحية والمتعلق باطلاق سراح ديبلوماسيينا المختطفين في ليبيا،الا ان اسباب تمتُّع وليد يونس اللافي بالعفو الرئاسي غير مفهومة خصوصا وانه لم يقضي نصف المدة كما تنص على ذلك شروط العفو بالنسبة الى المبتدئ.فمقابل ماذا اطلق سراح هذا المتهم؟
وفي علاقة بما يحدث داخل السجون، افادنا كاتب عام نقابة اطارات واعوان السجون حسين السعيدي ان ظاهرة الارهاب ليست حكرا على الجبال ولا على المناطق الحدودية، فقد تنامت هذه الظاهرة في السجون التونسية وترعرعت بسبب ايقاف المتورطين في قضايا ارهابية والمتشددين دينيا مع موقوفين في قضايا حق عام.
وقال السعيدي ان الموقوف على ذمة قاضي التحقيق الثالث والمتهم بالتورط والانتماء الى مجموعة الشعانبي صبري النفزاوي، تمت نقله الى سجن الناظور. واصبح هذا السجين التابع لتنظيم انصار الشريعة المحظور يلقن باقي المساجين فنون القتال ويحدثهم عن معسكرات التدريب. وقد تم تسجيل الامارة الاسلامية داخل الغرفة صوتا وصورة من طرف احد الاعوان التابعين لفرقة الارشاد بالسجون والاصلاح،وقدمت نسخة من هذا التسجيل الى المصلحة المختصة في بنزرت وتم ابعاد العون ونقلته لعدم اثارته لتقارير اخرى تعنى بالمس من الامن العام داخل السجن .
وتجدر الاشارة الى انه تم ايقاف والد صبري النفزاوي المدعو فوزي النفزاوي بعد ان وقع سماعه في احدى الزيارات لابنه يعلمه فيها انه سيغادر السجن في القريب العاجل بعد ان يقوم بعملية معينة تمكّنه من المقايضة بها لاطلاق سراحه. وفور ايصال التقرير الى قاضي التحقيق المعني بالموضوع تم ايقاف الرجل.
وقال كاتب عام نقابة إطارات وأعوان السجون والإصلاح حسين السعيدي ان عملية" نقلة" مساجين مورطين في قضايا ارهابية الى سجون الناظور، برج الرومي، برج العامري، صواف المهدية وسجن المنستير واختلاطهم بمساجين وموقوفي قضايا الحق العام،يعد خطرا كبيرا نظرا لامكانية استقطاب المساجين وخصوصا الامنيين الموقوفين في قضايا حق عام.وقال ان جاهزية الامنيين الموقوفين بسبب العوامل النفسية التي يمرون بها يمكن ان تجعلهم يمدون المورطين في قضايا ارهابية بمعلومات أمنية في عدة اختصاصات.ويتم بالتالي تفريخ الارهاب ونقل معلومات استخباراتية. وفي سياق مختلف قال حسين السعيدي ان هناك احتقان كبير في السجون بسبب التعاطي السلبي مع النقاط المطلبية لاعوان السجون والمتعلقة اساسا بايقاف التكوين المستمر رغم ان امر التكوين مازال ساري المفعول. وتتمثل النقطة الاخرى في التصرف غير العادل في التربصات بالخارج مع المطالبة بمنح العدوى والارهاب والخطر والعزلة. مع وجود ايقافات ذات اجراءات غير سليمة.
وحول موضوع الليبين المورطين في احداث الروحية والذين تم تسليمهما الى ليبيا بعد مرور اربع سنوات فقط من ايقافهما. اتصلنا بسفير تونس في ليبيا سابقا السيد رضا البوكادي"وسالناه عن الموضوع فقال ان العملية برمتها تسمى نقل اجراءات ولا تسمى لا تسليم ولا ترحيل ولا تبادل. وقال ان هذه العملية تعود الى عام 2012، حيث قام رئيس "المؤتمر الوطني العام" في ليبيا آنذاك الدكتور محمد مقريف بزيارة رسمية الى تونس قابل أثناءها رئيس الجمهورية التونسية. وقد التمس العفو عن سجينين ليبيين يمضيان عقوبة بالسجون التونسية لتورطهما في ما عرف بحادثة "الروحية" وقد كان جواب الرئيس التونسي بأنه لا يستطيع منح عفو لهذين السجينين للاعتبارات التالية: أولا أن ايقافهما تم في إطار عمل ارهابي وثانيا أن هذا العمل الارهابي استهدف مؤسسة الجيش الوطني التونسي. وثالثا أن أهالي الضحايا هم أصحاب الحق الأول في منح العفو من عدمه لكل متورط في القضية.
لكن وبما أنه لم يثبت ضلوع السجينين المذكورين المباشر في اغتيال العسكريين الشهيدين وقبولا لمسوّغات طلب الطرف الليبي فانه طلب من وزارة العدل دراسة هذا الإلتماس وتحديد المسالك القانونية التي يتم عبرها معالجة هذا الموضوع شريطة أن يتم ذلك بإستشارة وموافقة كل من المؤسسة العسكرية وأهالي الضحيتين وأن يتم استيفاء وتنفيذ كل الأحكام التي صدرت من المحكمة العسكرية لتعويض أهالي الشهيدين .هذا وقد خلصت وزارة العدل في دراستها إلى أنه بالإمكان نقل السجينين إلى ليبيا في إطار الإتفاقية العربية لوزراء العدل والمعروفة باسم اتفاقية "الرياض". وبعد الرجوع الى المؤسسة العسكرية وأهالي الشهيدين والحصول على موافقتهم بدأت ترتيبات تنفيذ الاتفاقية.