الدار البيضاء - جميلة عمر
وضعت ملفات الساخنة على طاولة حكومة عبد الإله بنكيران، خلال سنة 2015، منها ما جُمدت في ثلاجتها ومنها ما خلق صراعًا حادًّا بين الأطراف المتدخلة فيها، فيما وَجَدت ملفات أخرى طريقها إلى الحل ولو بطرق تلفيقية وقتية، وخلقت أخرى ضجة إعلامية كملفات الصناديق المهددة بالإفلاس وزلات والزراء والاحتجاجات على أداء الحكومة.
وأوضحت دراسة أجراها مكتب متخصص في الدراسات، أن صندوق التقاعد الخاص بالموظفين الحكوميين سيستنزف كامل احتياطاته المالية ليعلن إفلاسه مع حلول 2021، في حال عدم اتخاذ أي إجراءات إصلاحية، ما دفع رئيس الحكومة إلى إعلان إجراءات الإصلاح، حسب تعبيره في عدة مناسبات خلال سنة 2015 ، وسيصل العجز إلى مليار درهم في 2016، ونفاد احتياطات الصندوق المغربي للتقاعد، التي وصلت إلى حدود 84 مليار درهم في نهاية 2014، محذّرا من مغبة التأخير في إصلاحه، ما جعله يقر هذا الإصلاح عبر مرحلتين اثنتين، تهدف الأولى إلى معالجة العجز بالرفع من سن التقاعد من 60 إلى 63 سنة ابتداء من 2017، بينما تهدف المرحلة الثانية إلى تجميع أنظمة التقاعد في قطبين (قطب عمومي وقطب خاص) وهو ما رفضته المعارضة كي تتجنب المواطنين تأدية ثمن هذا الإصلاح.
وخرج آلاف المواطنين خلال هذه السنة في مسيرات نظمتها النقابات الأربع الأكثر تمثيلية للعمال، كان أهمها وأقواها صدى تلك التي خرجت فيها الطبقة العاملة يوم 29 تشرين الثاني/ الماضي، تلاها إضراب عام في الجماعات المحلية والإدارات العمومية، عاشر كانون الأول/ ديسمبر الجاري، وقفت معه حكومة عبد الإله بنكيران عاجزة عن الرد على مطالب العمالة، التي تتمسك بإلغاء الاقتطاع من الأجر بسبب الإضراب عن العمل، الذي تعتبره حقًّا دستوريًّا، إضافة إلى إلغاء المعاقبة على الانتماء النقابي، والرفع من الأجور، ورفض تمديد سن التقاعد ليبلغ 63 سنة في متم 2017.
وشهدت سنة 2015 كلمات خرجت من أفواه وزراء استفزت المغاربة، وأخرجتهم عن طوعهم، مستنكرين ما يقدم عليه أشخاص يمثلون المغرب، تمثلت في تصريحات الوزيرة المنتدبة المكلفة بالماء شرفات أفيلال، وقرار الدكتور شفيق الشرايبي الذي دعا إلى تقنين الإجهاض، وقرار وزارة الصحة القاضي بإفراغ البيوت المحاذية لضريح "بويا عمر"، من المرضى الذين يقطنون فيها، وقرار الوزير نفسه بدعوة الطلبة الأطباء إلى العودة إلى مدرجات التدريس، خاصة بعد الاستجابة لمطلب الخدمة الإجبارية بتجميده وإعادة النظر في محتواه.
ورفعت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالماء، الوزيرة شرفات أفيلال، أول صاحبة "جوج فرانك"، في الوقت الذي يتطاحن فيه المغاربة ( الطبقة المتوسطة ) من " السميك " إلى 3 آلاف درهم ، لترتكب “زلة لسان” لم يكن اعتذارها عنها، في ما بعد، كافيا لإخماد لهيب الانتقادات، حيث وصفت معاشات البرلمانيين والوزراء بالهزيلة ( جوج فرنك).
ولم تكن الوزيرة شرفات الوحيدة التي استفزت المواطن المغربي البسيط ، بل ساندتها الوزيرة حكيمة الحيطي التي جلبت زلة لسانها عليها انتقادات كبيرة لم تستطع تدارك تأثيراتها إلى حد الساعة.
وخرج الدكتور شفيق الشرايبي بقرار يدعو إلى تقنين الإجهاض ، وذلك بسبب ما تعانيه النسوة اللواتي يزرن عيادته من أجل ذلك، من عواقب صحية قد تؤدي إلى الوفاة في حالة إجرائه خارج الإطار الطبي، قبل أن تدرك وزارة الصحة حساسية الموضوع لدى الرأي العام الوطني، حيث نظمت لقاء وطنيا جمع مختلف المختصين، الذين أبانوا عن وجهات رأي مختلفة بلغت حد المواجهة الساخنة، خاصة تلك التي حصلت بين عادل بنحمزة، من المجلس العلمي لوجدة، وأستاذ علم الاجتماع، عبد الصمد الديالمي، الذي وصف بنحمزة بـ"الفقيه" وبأنه ليس "عالما" حتى يفتي في موضوع الإجهاض بتحريمه.
وبعد شهرين من الجدل لم يحسم الخلاف إلا بتحكيم ملكي، بعد إعطاء تعليمات من الملك محمد السادس لكل من وزيرَي العدل والحريات، والأوقاف والشؤون الإسلامية، وللمجلس الوطني لحقوق الإنسان، يوم 17 آذار/ مارس الماضي، لتوسيع الحوار العمومي مع جميع المعنيين ورفعها له في أجَل أقصاه شهر واحد.
وأثار قرار وزارة الصحة حسين الوردي القاضي بإفراغ البيوت المحاذية لضريح "بويا عمر"، من المرضى الذين يقطنون فيها، موجة من الغضب في أوساط سكان دوار "سيدي عمر"، الذي يقع فيه الضريح، إذ اعتبر بعضهم أن الوزارة تورّطت في هذه الخطوة التي قامت بها "دون دراسة"، في حين أكد البعض أن سكان المنطقة يعانون الفقر ويعيشون على الهامش، وهذا ما يجعل هذه الخطوة غير صائبة في نظرهم.
وطالب سكان "سيدي عمر" برفع التهميش الذي تعيشه المنطقة، وبالعمل على تطوير بنياتها التحتية، مؤكِّدين أنهم لا يريدون الإساءة إلى صورة المغرب.
وعلّل الحسين الوردي قرار إغلاق الضريح، يوم 16 تموز/ يوليو الماضي، بوضع حد للانتهاكات في حق الأشخاص المصابين باختلالات عقلية وإنهاء "احتجاز" أكثير من 2200 شخص، منهم 822 مريضًا أكثر من 80 في المائة منهم بدون علاج، معتبرا أن المرضى كانو يعيشون في ظروف مزرية ويعامَلون معاملة قاسية جدا، وأن الضريح أصبح "بيزنس"، حيث خصصت الوزارة المستشفيات الخاصة لاستقبال المرضى، وتوفير الأطباء المختصين لمتابعة حالاتهم المرضية.
ولم تتجاوز نسبة المشاركة في أول انتخابات محلية اقترنت بالتشريعية 53 في المائة، وأفرزت غلبة واضحة لحزبَي العدالة والتنمية المتزعمين للائتلاف الحكومي الحالي، جنبًا إلى جنب مع حزب الأصالة والمعاصرة، "المعارض" الحالي و"الحليف" المرتقب مستقبلًا.
وتمكّن حزب الأصالة والمعاصرة من حصد 6665 مقعدا، بنسبة 21.12 في المائة، متبوعًا بحزب الاستقلال بـ5106 مقاعد، بنسبة 16.22 في المائة، تلاه العدالة والتنمية بـ5021 مقعدا، بنسبة 15.94 في المائة، ثم حزب التجمع الوطني رابعًا، فيما حافظ الحركة الشعبية على تصنيفه الذي حصل عليه خلال انتخابات 2011.. إلا أن أكبر خاسر كان هو حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي اكتفى بالمركز السادس برصيد 2656 مقعدا، بنسبة 8.43 في المائة، حيث تعالت الأصوات المعارضة مطالبة باستقالة أمينه العام، إدريس لشكر، متهمة إياه بإغراق سفينة الحزب، واتخاذ مواقف جعلت الناخب الوطني يعزف عن التصويت للحزب، من قبيل موضوع الإجهاض، والحريات الفردية.
وشهدت سنة 2015 خروج أصحاب البذلات البيضاء ( طلبة الطب التربية والتعليم) في مسيرات غضب، مطالبين من خلالها بالنسبة للمتدربين في التعليم بإلغاء مرسومي فصل التدريب عن الوظيفة، وتخفيض المنحة المالية إلى أكثر من النصف، ما جعلهما يُنعتان بـ"المرسومين المشؤومين"، وهو الأمر ذاته الذي نفذه الطلبة الأطباء المقيمون والداخليون في المستشفيات العمومية، حيث أوقفوا إضرابهم عن العمل، الذي دام ثلاثة أشهر، بعد تعنّت وزارة الصحة ورفضها الرفع من أجورهم، التي لا تتعدى 3500 درهم، وتحسين ظروف اشتغالهم بتوفير المعدات الطبية، إضافة إلى تعويضهم عن ساعات العمل في المداومة وتجديد التدريب المستمر، وهي المطالب التي قابلتها وزارة الصحة بعدم الاستجابة لها، لمحدودية موازنتها، حسب الوزير المختص بالقطاع، الحسين الوردي، الذي دعا الطلبة الأطباء إلى العودة إلى مدرجات التدريس، خاصة بعد الاستجابة لمطلب الخدمة الإجبارية بتجميده وإعادة النظر في محتواه.