طهران ـ مهدي موسوي
تبنى مجلس الأمن الدولي الاثنين، قرارًا بالإجماع يصادق على الاتفاق النووي المبرم بين إيران والقوى الكبرى ومهد الطريق أمام رفع العقوبات الدولية عن طهران، وصوت مندوبو الدول الـ15 الأعضاء في المجلس برفع الأيدي.
وأوضح سفير نيوزيلندا جيرارد فان بوهيمن، الذي تتولى بلاده الرئاسة الدورية لمجلس الأمن الدولي بعد التصويت، أنه تم اعتماد مشروع القرار بالإجماع.
ويشكل اعتماد القرار مصادقة للأمم المتحدة على الاتفاق النووي التاريخي الذي أبرم بين إيران والقوى الكبرى في 14 تموز / يوليو بعد 18 يومًا من المفاوضات الماراثونية في فيينا.
وبحسب نص القرار، سيتم وقف العمل تدريجيًا بسبعة قرارات صادرة عن المجلس منذ 2006 تتضمن عقوبات على إيران، بشرط احترام إيران الاتفاق حرفيًا.
وأفادت وكالة الصحافة الفرنسية، بأنه يطلق تبني القرار عملية تدريجية ومشروطة لرفع العقوبات عن إيران مقابل ضمانات بأنها لن تطور قنبلة ذرية، ويدعو القرار إلى تطبيق كامل للجدول الزمني الوارد في الاتفاق المبرم في فيينا ويحث الدول الأعضاء على تسهيل العملية.
وصرّحت سفيرة الولايات المتحدة سامنتا باور، "هذا الاتفاق لا يبدد كل قلقنا لكنه في حال طبق سيجعل العالم أكثر أمانا"، ودعت طهران إلى اقتناص هذه الفرصة، واعدة بأن الولايات المتحدة ستساعد طهران، في حال قامت بذلك، على الخروج من عزلتها.
ووافق الاتحاد الأوروبي على الاتفاق النووي على أمل أن يرسل مؤشرًا يتبعه الكونغرس الأميركي، وفي رسالة تستهدف بشكل رئيسي الأصوات المتشككة في الكونغرس الأميركي والمقاومة القوية من إسرائيل شدد اجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي في بروكسل على أنه لا يوجد حل أفضل آخر متاح.
وذكر وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس: "إنه اتفاق متوازن يعني أن إيران لن تحصل على قنبلة نووية، إنه اتفاق سياسي كبير".
وترك الوزراء تفاصيل موافقتهم لما بعد تصويت مجلس الأمن الدولي الذي كان مقررًا عند الواحدة ظهرًا بتوقيت غرينتش، لكنهم التزموا رسميًا برفع العقوبات تدريجيًا مع الولايات المتحدة والأمم المتحدة، بحسب وكالة "رويترز".
ووافقت إيران على قيود طويلة الأجل على برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب في أنه يهدف إلى إنتاج قنبلة نووية لكن طهران تدعي انه سلمي.
وأكد دبلوماسيون أوروبيون ان الاتحاد الأوروبي سيواصل حظر إمداد إيران بتقنية الصواريخ الباليستية إلى جانب العقوبات المفروضة بسبب انتهاكات حقوق الإنسان.
وأضاف دبلوماسي غربي كبير مشارك في الاتفاق، أن مزيجًا من القيود وآلية التحقق يكفي لضمان أن إيران لن تحصل على قنبلة نووية، متابعًا "طموحنا هو دمج البرنامج النووي الإيراني في إطار التعاون الدولي".
وحصل الكونغرس الأميركي على نسخة من الاتفاق النووي السبت وأمامه 60 يومًا بدءا من الأحد لاتخاذ قرار بشأن ما إذا كان سيوافق على الاتفاق أم سيرفضه.
ويحرص الاتحاد الأوروبي على اعتبار إيران مصدرًا بديلًا للطاقة في وقت يسود فيه التوتر مع روسيا وقد يلجأ إلى إعادة فتح مكتبه في طهران ويسعى وراء فرص استثمار في البلاد.
وأوضح وزير خارجية النمسا سباستيان كورتس، الذي يعتزم زيارة إيران في أيلول / سبتمبر "اتفاق إيران النووي له آثار جيو سياسية وكذلك اقتصادية على الاتحاد الأوروبي".
وتوجه نائب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وزير الاقتصاد سيغمار غابريال، إلى إيران ليصبح السبت مسؤول كبير من حكومة غربية كبيرة يزور إيران منذ إبرام الاتفاق، لكن مهمته اصطدمت برفض طهران لتأكيد الوزير الألماني في خطاب طهران الأحد أن أمن "إسرائيل" يشكل شرطًا لعلاقات جيدة بين إيران وألمانيا.
وبرز غابريال الذي كان يتحدث بحضور وزير النفط الإيراني بيجان نمدار زنجنة: "يجب أن تدركوا أنه بالنسبة لنا نحن الألمان، أمن إسرائيل يكتسي أهمية كبرى، أدرك مدى صعوبة النقاش ونحن في ألمانيا نعتقد أيضًا ان الفلسطينيين لهم الحق في إقامة دولتهم"، ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن غابريال قوله: "إن علاقات جيدة مع ألمانيا تعني أنه يجب عدم تهديد أمن إسرائيل".
وأكدت الناطقة باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم، مجددًا على المواقف المختلفة للبلدين بخصوص "إسرائيل"، وأفادت: "مواقفنا مختلفة تمامًا مع ألمانيا حول المسائل الإقليمية، وخلال الأعوام الـ35 الماضية عبّرنا مرات عدة عن مواقفنا بشكل واضح جدا، بالطبع سنعبّر عن قلقنا بخصوص التهديدات القائمة بما يشكل تهديدات النظام الصهيوني".
واتفق الوزراء الأوروبيون في تصريحات قبيل اجتماعهم في بروكسل، على أن الاتفاق سيسهم في بناء الثقة بين طهران والعواصم العالمية الكبرى، وأيضا مع دول الجوار.
وأشار البعض منهم إلى أن الاتفاق نقطة بداية لبناء الثقة ويرد على المخاوف الأمنية حيث يمنع إيران من امتلاك سلاح نووي، حسب ما أوضحت منسقة السياسة الخارجية الأوروبية فيدريكا موغيريني.
وأضافت موغيريني أن الاتفاق مع إيران ليس مبنيًا على الثقة وإنما سيؤدي إلى الثقة، وأعربت المسؤولة الأوروبية عن أملها في أن يؤدي الاتفاق إلى تحسين مناخ التعاون لحل أزمات المنطقة، بعد أن أثبتت المفاوضات الأخيرة أن الدبلوماسية والتصميم يؤديان إلى نتائج.
وأعلن وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير، أن وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي جاءوا لمناقشة مدى تأثير الاتفاق النووي الإيراني على منطقة الشرق الأوسط.
وتابع شتاينماير للصحافيين: "إن المسؤوليات الأوروبية لا تنتهي بالتوقيع على وثيقة الاتفاق، ما يهم هو تنفيذ ما تم الاتفاق عليه بقرار مجلس الأمن الدولي".
وأكد ضرورة أن تكفل الخطوة الأولى سريان مفعول ما تم الاتفاق عليه في المستقبل وهو الحيلولة دون حصول إيران على سلاح نووي والاقتصار على الاستخدام السلمي والتجاري للبرنامج النووي.
وأضاف أن وزراء الاتحاد الأوروبي يركزون على مدى تأثير الاتفاق على المنطقة ككل، مشيرًا إلى أنه يمكن أن يؤدي إلى فتح صفحة جديدة في العلاقات بين الدول في الشرق الأوسط.
وأعرب عن أمله في أن يستخدم الاتفاق النووي الإيراني مثالا لإمكانية نزع فتيل الأزمة السورية، مضيفًا "حتى ولو كنا بعيدين عن إمكانية التوصل إلى حل قريب".
وأشار وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند، إلى أن وزراء الكتلة الأوروبية يركزون على كيفية تنفيذ الاتفاق النووي بشكل صحيح وفعال لضمان عدم إنتاج إيران لسلاح نووي، وبحث إمكانية تغيير العلاقات مع طهران إلى جانب علاقات إيران مع دول المنطقة.
وكشف هاموند عن أمله في أن تكون طهران في تعاملها مع قضايا المنطقة أكثر إيجابية وتتصرف بصفتها "قوة بناءة"، لافتًا إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه الاتحاد الأوروبي في هذا الشأن، وخصوصًا أن العلاقات الإيرانية الأوروبية أقل صعوبة على عكس علاقات طهران بالولايات المتحدة.