الدار البيضاء - جميلة عمر
لم يكن سهلا سقوط الخلية الإرهابية التي تم تفكيكها مؤخرًا، لولا حنكة المخابرات المغربية، والمراقبة الأمنية حول الشقق المفروشة والسيارات المشبوهة التي تحمل لوحات مزورة.
ومن خلال البحث الذي يجريه المكتب المركزي للأبحاث القضائية مع خلية "أشبال الجهاد"، والتي اعتقل من خلالها عشرة أشخاص من بينهم فرنسي وقاصر، لاسيما وأنها كانت تخطط لضرب عشر مراكز حيوية، بينهم فندقان يبعدان عن بعضهما بثلاثة كيلومترات في مدينة الصويرة، وهما "سوفيتيل، والمدينة"، وفي مدينة الدار البيضاء كانوا يهدفون تفجير "موروكو مول"، والمقر الرئيسي للمكتب الشريف للفوسفاط، وشركة التبغ في مدينة الدار البيضاء، وهي مواقع تشكل مثلثا تتباعد رؤوسه (المواقع المستهدفة) بخمسة كيلومترات، ثم مقر البرلمان في العاصمة الرباط، وثكنتان عسكريتان في كل من مدينتي مراكش وأغادير، ناهيك عن استهداف وحدات عسكرية على الحدود الشرقية، ثم قنص شخصيات رسمية ورجال شرطة، وذلك الجمعة الماضي.
كما أكد البحث أن أفراد هذه الخلية كانوا يخططون عقب تنفيذ هذه العمليات للانتقال نحو مكان في الصحراء يبعد بحوالي 700 كيلومتر عن الدار البيضاء، وعلى مقربة من مدينة طانطان بحوالي 20 كيلومتر يدعى "سد سهب الحرشة"، لجعله مكانًا للتدريب وقاعدة خلفية.
وكانت الخلية ستنفذ مخططها الإرهابي بواسطة أسلحة نارية متوسطة، وعن طريق عمليات تفجير في أفق إقامة ولاية تابعة لـ"الدولة الإسلامية ". و ضبطت لدى الخلية أربعة رشاشات، وهي رشاش من صنع تشيكي، ويعود أحدث نموذج عنه صنعته التشيك إلى عام 1983، واستعمل بشكل كبير في حرب البوسنة، وبيعت شحنات كبيرة منه بشكل رسمي للسلطات الليبية في زمن الرئيس السابق معمر القذافي. وتستطيع هذه الرشاشات قذف نحو 850 رصاصة في الدقيقة الواحدة، لكن شاحنها لا يستطيع تحميل سوى ما بين 10 و20 رصاصة من عيار 7.65، وقد عثرت الشرطة على 144 رصاصة للرشاشات الأربعة، وعلاوة على ذلك، ضبطت السلطات بندقية قنص تعمل بالضغط الهوائي.
كما حجزت الشرطة ثلاثة مسدسات دوارة قديمة الطراز مع كمية من الرصاص، ومسدسا أوتوماتيكيا لكنها لم تضبط رصاصا مخصصا له. وعرضت الشرطة قوارير صغيرة تحتوي على خليط خام يُستعمل لتحضير المتفجرات، ناهيك عن بعض المواد التي قد تستخدم للتسميم أو قد تحول إلى سلاح بيولوجي بعد معالجتها.
كما أسفر البحث على أن القاصر الذي اعتقل مع الخلية، يبلغ من العمر 16 سنة، جنده بالقوة رئيس هذه الخلية المتحدر من مدينة العيون، والقاطن بصفة اعتيادية بمدينة الصويرة، وبايعه على تنفيذ عملية انتحارية باستعمال سيارة مفخخة ضد "موقع حساس"، وشرع يتدرب على سيارة (فاركونيت)، كما أسفر البحث أن القاصر كان يعتزم التسلل داخل مقر البرلمان لتنفيذ عملية انتحارية عن طريق حزام ناسف.
وساهمت في تفكيك هذه الخلية إجراءات اتخذتها السلطات أخيرا تركزت على هدفين رئيسيين: السيارات غير المشروعة، ومراقبة حركية الكراء المؤقت في المدن.
ووفقًا لمصدر أمني، فقد شنَّت السلطات هذا الشهر حملة على شبكات الاتجار في السيارات بدون أوراق صحيحة، أو السيارات المزورة التي تكون غالبا مسروقة. واستهدفت الشرطة بشكل رئيسي المناطق الحدودية، وتمكنت العمليات الأمنية في شمال المملكة من تجفيف المنطقة من السيارات غير القانونية بشكل تام تقريبا، وأوقفت عددا من المطلوبين في قضايا تزوير السيارات أو الاتجار بها، لاسيما تلك التي كانت تهرب نحو الجنوب.
وبالموازاة مع الحملة ضد السيارات المشبوهة، استهدفت السلطات أيضا حركية كراء المنازل في بعض المناطق، إذ طلبت من أعوان السلطة الإبلاغ عن المكترين المؤقتين في مناطقهم، والاستعلام عن خلفياتهم، وإنجاز تقرير حول هوية المعنيين. ووفق هذه الأوامر، ألزم أعوان السلطة أصحاب المنازل المعدة للكراء بالإبلاغ عن أي مكترين مؤقتين لاسيما في المناطق السياحية، وحثهم على إنجاز عقود كراء كيفما كانت المدة المتعلقة بالكراء. وبحسب المعلومات المرتبطة بخلية "أشبال الجهاد"، فإن زعيم الخلية اكترى شقة في مدينة الجديدة فترة قصيرة قبل تسلمه لشحنة السلاح من لدن شخص لا يزال في حالة فرار، ويعتقد أن "الشقة الآمنة" كانت ستستخدم كمركز لعمليات هذه الخلية.