رام الله ـ غازي محمد
تسعى حركة المقاومة الفلسطينية "حماس" إلى إعادة التقارب السياسي مع القاهرة عبر وسطاء ترفض الكشف عنهم، وسط انقسام في الأولى بشأن تقارير إعلامية مصرية أكدت أنها تبحث الانفصال الفكري والسياسي عن جماعة الإخوان المسلمين المحظورة قانونًا في مصر، والتخلي عن بيعتها لمرشد الجماعة، الدكتور محمد بديع، أسوة بموقف الجماعة في الأردن.
وأكد مستشار رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، إسماعيل هنية، الدكتور أحمد يوسف، أن حماس ترغب في إعادة الأمور إلى سابق عهدها مع القاهرة، رافضًا التعليق على تقارير بشأن الانفصال عن "الإخوان المسلمين" في مصر، كما رفض أحد أعضاء المجلس التشريعي عن حركة حماس في قطاع غزة, التعقيب على الأمر.
وأجرى "العرب اليوم" اتصالاً مع أحد رموز حركة حماس في الضفة، والذي رفض "الكشف عن اسمه", مؤكدًا أنه لا يعلم ما إن كانت الأخبار التي تناقلتها التقارير المصرية صحيحة أم لا, مُبديًّا موافقته على الإعلان عن الانفصال تنظيمياً عن "إخوان" مصر، وأكد قيادي حمساوي آخر أنّ الحركة في الضفة تؤيد موقف الإخوان المسلمين في الأردن, والتي أعلنت أخيرًا انفصالها عن المركز "الإخوان المسلمين في مصر".
وأشار المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، إلى أن هذا التقارب مع موقف الإخوان في الأردن ليس مُستغربًا, حيث يعتبر المراقبون مواقف قيادات حركة حماس في الضفة أكثر انفتاحاً من نظرائهم في غزة, عدا عن قرب الموقف الفلسطيني في الضفة من مواقف المملكة الأردنية الهاشمية نظرًا إلى الطبيعة الجغرافية والارتباط بين الضفتين.
وعاود "العرب اليوم" الاتصال بأحد قيادات حماس في غزة وعرضت عليه ما تحدث به القيادي الحمساوي في الضفة, فنفى نفيًا قاطعًا, أن يكون هناك مداولات حتى في الأطر القيادية في حركة حماس بشأن الانفصال عن "إخوان" مصر , لكنه أكدّ وأصرّ على قرب الانفتاح والتقارب مع القاهرة عبر وسطاء رفض الإشارة إليهم.
وأعلنت التقارير المصرية أن هذا التحرك يأتي بعد أيام قليلة من إعلان إخوان الأردن، الانفصال عن تنظيم الإخوان المصري، لكنها قررت البقاء ضمن التنظيم الدولي للإخوان، وأن مصادر مقربة من حماس أكدت أن موقف الحركة مما يجري في مصر أضرّ كثيرًا بالحركة وقضيتها في مقاومة الإحتلال الإسرائيلي، كما أن حماس باتت شبه معزولة عربيًا وإقليميًا، وتخلت تركيا عنها أخيرًا في سبيل تقوية علاقتها مع إسرائيل.
وذكر القيادي المنشق عن حركة حماس، خضر محجز، عبر صفحته الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن الخطوة تمثل رغبة قديمة من قيادات الخارج، ولكنها اصطدمت بعفن الحرس القديم، وفشلت في حينها، إخوان فلسطين مرتبطون تنظيميًا بإخوان الأردن، فيما يسمى بتنظيم بلاد الشام, وربما نجحت قيادة الخارج في انتهاز هذه الفرصة لاقتفاء أثر الأب.
وكتب محجز تأكيدًا لما صرَّح به القيادي الحمساوي في الضفة، قائلًا "لكنني أجزم أن حماس غزة سترفض؛ لأنها كونت نسيجها خلال الحصار والحكم، بشكل جديد يبتعد بها عن سلطة الحرس القديم، الصامت في غزة منذ دهر، ويقضم كف يده بلوعة"، مؤكدًا تأييده فصل حماس عن الإخوان وموضحًا في نهاية ما كتب "يبدو أن السلطة الأردنية ليست بعيدة عن هذا الحراك".
وبعث القيادي البارز في حركة حماس, موسى أبو مرزوق, في رسائل جديدة عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، بقوله "نحن في حركة حماس حصرنا مقاومتنا للاحتلال داخل وطننا المحتل، ولم نتجاوز تلك السياسة بأي حال"، وأكد أن الاحتلال اعتدى على الحركة في أكثر من ساحة، غير أن رد الحركة كان في فلسطين، مضيفًا "نؤكد في هذا الصدد أننا لم ندعم أو نساعد أيّة جهة كانت على حدود أرضنا، ولم نتدخل في شؤون جيراننا لاسيما الشقيقة مصر".
وكشف المسؤول عن ملف العلاقات الخارجية في حماس، أسامة حمدان، اتصالات تجريها حماس مع السلطات المصرية، الهدف منها تطوير العلاقة الثنائية بين الجانبين، وخلال تصريحاته التي تناقلتها مواقع قريبة من حماس, ذكر أن العلاقات مع القاهرة تشهد تحسنًا ملموسًا، وعبّر عن أمل حماس بتطوير هذه العلاقة، على أن تسير نحو الأفضل، وفي الاتجاه الذي يخدم القضية الفلسطينية.
وأوضح حمدان أن تطور العلاقة مع مصر سينعكس إيجابًا على الوضع الإنساني، في قطاع غزة, لكنه في سياق تصريحاته لم يكشف عن طبيعة العلاقات التي تشهد تطورًا، واكتفى بالقول "علاقتنا مع مصر نريد أن تكون قوية"، وإضافة إلى تصريحات قيادات حماس في الخارج, ذكر عضو المكتب السياسي لحماس، محمود الزهار، أن حماس تتطلع إلى بدء مرحلة جديدة مع مصر.
وبيّن الزهار أن المرحلة الجديدة يمكن أن تشمل عقد لقاءات مع السلطات المصرية لإثبات عدم وجود أي تدخل للحركة في الشأن الداخلي المصري، لاسيما في الأحداث الجارية بشبه جزيرة سيناء، وجدد نفي الروايات المصرية بشأن تدخل حماس في شؤون القاهرة، ورد أنه ليس لدى أي طرف إثبات واحد على تدخل حماس على المستوى الأمني أو السياسي في شؤون دولة عربية أخرى، بما فيها مصر، بينما شدَّد المسؤول الأول عن الحركة في القطاع, إسماعيل هنية, على عدم التدخل في شؤون مصر الداخلية، وقال إن حدود قطاع غزة في مصر "آمنة بقرار سياسي".
وشهدت العلاقات بين حركة حماس ومصر توترًا في الآونة الأخيرة بعد توجيه حركة حماس الاتهامات إلى مصر باعتقال أربعة من عناصرها المحسوبين على الجناح العسكري للحركة، كتائب الشهيد عزالدين القسام، أثناء سفرهم إلى تركيا عبر معبر رفع في آب/أغسطس العام الماضي.