أنقرة جلال فواز
وقَع الاتحاد الأوروبي مع تركيا على اتفاق جديد من شأنه أن يُعيد جميع اللاجئين الذين يصلون اليونان عبر بحر إيغة، إلى أنقرة، اعتبارًا من الأحد المقبل، وفي مقابل ذلك تستأنف تركيا محادثات عضويتها في الاتحاد، مع وعد بأن تبدأ المفاوضات بشأن نقطة السياسة قبل تموز/يوليو المقبل.
كما وافق الاتحاد الأوروبي على الإسراع في صرف 3 مليارات يورو لمساعدة اللاجئين السوريين في تركيا وإدماجهم في مشاريع جديدة سيتم الاتفاق عليها هذا الأسبوع، ووعدت أنقرة بأن جميع الأشخاص العائدين من أوروبا سيتلقون معاملة منسجمة مع القانون الدولي بما في ذلك ضمانات بأنهم لن يرحّلوا إلى البلدان التي فرّوا منها.
وأكد رئيس المجلس الأوروبي، دونالد تاسك، أن الصفقة تمت بعد ظهر الجمعة، بعد إزالة جميع نقاط الخلاف الرئيسية مع رئيس الوزراء التركي أحمد داود أغلو خلال محادثات صباح الجمعة، ويعني هذا الاتفاق أن جميع اللاجئين الذين سيصلون إلى اليونان اعتبارًا من الأحد سيعادون إلى تركيا.
وتقضي الصفقة بأن كل لاجئ في الاتحاد الأوروبي يعاد إلى تركيا عبر بحر إيغة سيعطي لاجئًا سوريًّا في تركيا منزلًا جديدًا له في أوروبا، ولكن عدد السوريين القادمين من تركيا الذين يمكن توطينهم في أوروبا وصل إلى 72 ألف وهذا هو الحد الأقصى، بينما أوصت وكالات المعونة الدولية أن يصل العدد إلى 108 ألف لاجئ لو أن الاتحاد الأوروبي أدى نصيبه من الصفقة بطريقة عادلة.
وسيتوقف نظام التوطين في الاتحاد الأوروبي عندما يصل عدد الموطّنين أكثر من 72 ألف شخص في أوروبا، وسط مخاوف بين بعض أعضاء الاتحاد الأوروبي من التزام مفتوح، وانتقد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في وقت سابق ما وصفه بالسجل "المخزي" لأوروبا فيما يتعلق باللاجئين، في الوقت الذي يسعى فيه الطرفان إلى التوصل لاتفاق يهدف إلى وقف تدفق الناس إلى اليونان.
ووصل عدد الأشخاص المحاصرين في اليونان إلى 45 ألف مهاجر، بما في ذلك 14 ألف يعيشون ظروفًا بائسة بالقرب من الحدود اليونانية المقدونية في منطقة تسمى اموميني، كما أنهم ممنوعون من السفر إلى وسط وشمال أوروبا، واتفقت ألمانيا وتركيا على الخطوط العريضة للصفقة قبل عشرة أيام، ولكن الاتحاد الأوروبي تراجع في وقت لاحق عن العرض الذي قدمه لتركيا وسط مخاوف من بلدانه الأخرى حول إعطاء أكثر من اللازم في هذه الصفقة.
وتعهدت قبرص بمنع أيّة خطة استئناف لمحادثات عضوية تركيا في الاتحاد الأوروبي بسبب النزاع المستمر منذ عقود حول الجزيرة المقسمة، ونتيجة لذلك فان الاتحاد الأوروبي سيوافق على استئناف المفاوضات في قضية واحدة وهي قضية السياسة، وليس على الخمس قضايا الأخرى التي طالبت بها أنقرة، وحرص مسؤولو الاتحاد الأوروبي أيضًا على التأكد أن تركيا لا يمكن أن تحصل على سفر مواطنيها من دون تأشيرة إلى أوروبا قبل الموعد المحدد في حزيران/يونيو، ودون اتباع 73 شرطًا الصارمة، والتي لم تستطع تركيا إلا أن تلبي نصفها حتى الآن.
واتفق الاتحاد الأوروبي على النهج المشترك في محادثات تركيا، وضمن أن عودة المهاجرين الجماعية ستكون وفقًا للقانون الدولي، وضمان أن أي شخص قدم طلب لجوء في اليونان أن يحصل على مقابلة شخصية والحق في الاستئناف، ومن الناحية النظرية فهذا يعني الأكراد الذين طلبوا اللجوء لن يعادوا إلى تركيا، ويجلب الموعد النهائي لتنفيذ الاتفاق في 20 آذار/مارس الكثير من التحديات الضخمة، لم تستطع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي إرسال طالبي اللجوء إلى اليونان منذ أقرت المحكمة العام 2011 أن اللاجئين يتعرضون لمعاملة مهينة هناك ويواجهون خطر إعادتهم إلى البلاد التي فروا منها بسبب الاضطهاد.
ويتوجب على السلطات في أثينا والاتحاد الأوروبي بناء نظام لجوء في اليونان خلال أقل من 48 ساعة، يتضمن إرسال الآلاف من الموظفين الجدد والقضاة وضباط الحالة وحرس الحدود والمترجمين إلى الجزر اليونانية لضمان التعامل مع اللاجئين، وسيطبق برنامج العودة على 45 ألف لاجئ الآن في اليونان، والذي يمكن أن يعاد نقلهم إلى بلدان أخرى في الاتحاد الأوروبي.
وادّعى أحد الدبلوماسيين في الاتحاد الأوروبي أن الدول الأعضاء لم يظهروا اهتمامًا في تقبل اللاجئين من اليونان وإيطاليا، وسارت خطط نقل اللاجئين في السابق بشكل بطئ، فمنذ أن وعد الاتحاد الأوروبي بنقل 160 ألف لاجئ من اليونان وإيطاليا إلى مكان آخر في القارة، نقل فقط 937 شخصًا منهن، بينما وصل نحو 1157 شخصًا من تركيا إلى اليونان هذا الشهر، وهو ما يعد شاهدًا على انخفاض أعداد اللاجئين ففي شباط/فبراير وصل نحو 2000 لاجئ، وغادر 3100 آخرين السواحل الليبية بين الثلاثاء والخميس في أجواء جيدة.