لندن ـ كاتيا حداد
خاض الصحافي غورغين تودينهوفر تجربة التواصل مع 80 مقاتلا من مقاتلي "داعش" على امل التواصل مع " تنظيم الدولة", ليتلقى بعد تلك المحاولة بفترة بسيطة رسالة من رجل الماني يدعى "ابو قتادة" يبلغ من العمر 31 عاما، و كان يدين بالمسيحية ويدعى من قبل "ايمد". وكان تودينهوفر قد سرد في كتابه الجديد المحادثات التي دفعت به الى التوغل في اعماق اكثر الجماعات "المتطرفة" شهرة في العالم.
ويسرد تودينهوفر تفاصيل محادثة جرت بينه وبين "ابو قتادة" بتاريخ 9 أيلول/ سبتمبر 2014 حيث تضمنت المحادثة الحوار التالي:
- ابو قتادة: مرحبا...
- غورغان تودينهوفر: استطيع سماعك بوضوح
- ابو قتادة: حسنا... دعنا نجري هذه التجربة
- ج.ت: هل يزعجك ارتفاع درجة الحرارة؟
- ا.ق: لا ادري ... ولكن قد ترتفع درجة الحرارة عن ذلك خلال النهار.
- ج.ت: انه امر طبيعي.
- ا.ق: نعم ... هو امر محتمل.
- ج.ت: هل من الصعب اجراء اتصال "سكايب" خارج مدينة الرقة؟
- ا.ق: اذا اردنا استخدام "الانترنت" , علينا الذهاب الى مقهى لدواعٍ امنية . لا نستطيع اجراء المكالمات الهاتفية , لهذا السبب يصعب علينا التواصل معك.
- ج.ت: اريد معرفة ما جئت لاجله, اريد حقا ان اعرف ماذا يريد تنظيمكم, ماذا يريد المقاتلون الالمان هنا؟
- ا.ق: حسنا.
- ج.ت: اريد حقا زيارة مناطق النزاع التابعة لكم, ولكنه امر صعب للغاية.
- ا.ق: لم لا؟
- ج.ت: بصراحة, هناك مشاكل تتعلق بالسلامة يعلمها كلانا, ربما تستطيع حمايتي ولكن ماذا لو قام احدهم بالتعرض لي و ضرب عنقي ؟
- ا.ق: لقد تحدثت مع قادتي , لن تكون حمايتك امرا صعبا, نحن نريد منك ان تظهر للعالم صورة واضحة المعالم حول تنظيمنا، لذلك نحن من نريد ان تكون هنا. ان محادثة "سكايب" امر جيد ولكننا نريد ان يرى العالم ماذا نفعل والية عمل دولتنا التي بنيناها بأيدينا وشكل الحياة هنا بالنسبة للأوروبيين والألمان، لذلك من الافضل تواجدك هنا بشكل شخصي, حتى اللحظة تشن وسائل الاعلام الهجوم علينا, انهم يحاولون على الدوام تكميم افواه منابرنا وحساباتنا على وسائل التواصل الاجتماعي ليصبح التواصل مع العالم الخارجي امرا في غاية الصعوبة.
- ج.ت: اكمل ..
- ا.ق: سوف نتحدث عن الاشياء التي تود الاضطلاع عليها قبل المجيء الى هنا, جميع الاماكن التي يمكنك زيارتها، كما اننا سنعيّن افراداً ليكونوا تحت تصرفك, وسنوفر لك السكن وكل ما تريد
- ج.ت: كيف يمكنني مقابلتك؟
- ا.ق: عن طريق تركيا، فنحن نسيطر على اثنين من المعابر الحدودية احدهما في مدينة عينتاب على الجانب التركي – بالقرب من اماكن تثبيت صواريخ "باتريوت" الالمانية, و مدينة جرابلس في الجانب السوري, والمعبر الاخر هو في مدينة اورفة في الجانب التركي وتل ابيض في الجانب السوري.
- ج.ت: كم تبعد مسافة المنطقتين عنك؟
- ا.ق: لست متأكدا قد تكون ثمانين او تسعين ميلا, اتواجد في الرقة حاليا , هي في الجزء الشمالي من سورية.
- ج.ت: من سيقوم بإحضارنا ؟
- ا.ق: اعتقد بأنني سأكون هناك لأنني اتحدث الالمانية، اضافة الى بعض الاشخاص, سنقوم بإحضارك.
- ج.ت: ولكن من يضمن حمايتي في حالة تواجدي في احدى نقاط التفتيش الامنية التي تعتبركم اعداء؟
- ا.ق: لا اعلم مدى معرفتك بالحدود الشرعية في الدين الاسلامي, ولكن جميع المسيحيين الذين يعيشون في الرقة يدفعون الجزية مقابل حماية انفسهم والدفاع عنهم. قيمة الجزية تقاس بقيمة سعر الذهب في الوقت الحالي والتي تصل الى 630 دولارا اميركيا سنويا على الاغنياء , اما الفقراء فيدفعون نصف هذا المبلغ, واذا تعرض احدهم للاعتداء , تتم معاقبة المعتدي.
- ج.ت: هذا امر لا يطمئنني.
- ا.ق: اضمن لك الحماية في المنطقة التي نسيطر عليها, وفي المحصلة يعود الامر اليك.
وأجرى الرجلان مكالمة أخرى يوم 21 أيلول/سبتمبر عام 2014، وجاء فيها:
- ج.ت: ما هي الاسباب التي تفسر قيام "داعش" بعمليات قطع الرؤوس ضد اشخاص ابرياء بهذا الشكل الوحشي البشع وعلى الملأ مما يجعلها اكثر دموية من تنظيم "القاعدة" ؟
- ا.ق: هل تتحدث عن الاميركيين او البريطانيين او جنود بشار الاسد ؟
- ج.ت: في الواقع اتحدث عن الجميع، ولكن في المقدمة اتحدث عن الاميركيين الاثنين.
- ا.ق: لعلك رأيت مقاطع الفيديو, في المحصلة ذلك كان نتيجة قرار حكوماتهم بعدما استنفذوا فرصهم معنا واصموا اذانهم عن الفرص التي منحناها اياهم.
- ج.ت: تقول ان دستورك هو القران الكريم, قلت لك مرارا ومن وجهة نظري ان القران يدعو الى الرحمة, لم يتضمن القران الدعوة الى قتل الابرياء, اتحدث عن الصحفي جيمس فولي الذي لم يقترف اي ذنب, لم يكن ايُّ من الصحفيين خصما لدولتك.
- ا.ق: نعلم كلانا تأثير الصحافة والاعلام ودورهما الخطير الذي يفوق السلاح والعتاد.
- ج.ت: ان عمليات الاعدام وقطع الرؤوس العلنية هي الاسباب الرئيسية وراء غالبية الناس حول العالم للغارات الاميركية, بالرغم من الخسائر البشرية التي توقعها الحروب الا انها لا تكون بشكل عمد, على خلاف قتلكم العمد للأبرياء.
- ا.ق: قد تكون على حق , ولكننا لا نكترث للهجوم الاميركي, انها مسالة وقت , عندما تحدث المواجهة الحقيقية سترى ان اميركا وحلفاءها لا يملكون اي خطة او استراتيجية لمواجهة تنظيم الدولة, ان ما يحدث الان هو في الاساس نتيجة لما حدث خلال الحرب التي شنتها الولايات المتحدة الاميركية على العراق في 2003, كان من الواضح ان اميركا قد خسرت المعركة في العراق كما ان الحكومة الشيعية التي جعلتها على راس الحكم لم تكن مستقرة, ان عمليات قطع الرؤوس كان استفزازا متعمدا منا , هي رسالة وجهناها لأميركا.
- ج.ت: الجميع يتساءل عن السبب وراء قطع الرؤوس, انكم تقتلون الاطفال كذلك.
- ا.ق: عليك ان تتأكد ان كنا نقتل الاطفال ام لا.
- ج.ت: لقد رأيت صورا لفتيات قطعت رؤوسهن.
- ا.ق: تلك الصور هي من صنع اليزيديين والاكراد, انهم بارعون في اثارة الحرب الاعلامية مستخدمين صورا مزيفة, يستحيل ان ينشر تنظيم الدولة صورا لقتل الاطفال.
- ج.ت: بالعودة الى موضوع الصحفيين الاثنين , اعلم جيمس فولي على الصعيد الشخصي فقد عملنا مسبقا في ليبيا، كما اننا نزلنا في نفس الفندق لعدة ايام خلال الثورات, لماذا لا ترى داعش سوى قطع الرؤوس كحل؟
- ا.ق: عليك الا تتجاهل باقي الامور, لا يمكن اعتبار اولئك الصحفيين اناسا عاديين, انهم صحفيون يكتبون مقالات تهاجم تنظيم الدولة في العراق, اما الصحفي الاخر ستيفن سوتلوف كان يخدم ايضا في القوات المسلحة اضافة الى شخص اخر , كانوا صحفيين بايدي ملطخة بالدماء.
- ج.ت: لماذا تقومون بتصوير عمليات قطع الرؤوس؟
- ا.ق: ليرى ويسمع العالم ماذا يقول اولئك الصحفيون قبل قطع رؤوسهم " احمل ديفيد كميرون مسؤولية ذلك" ذلك ما قاله بريتون وأضاف " انت المسؤول عن قتلي " لقد كانت هناك فرصة ثمينة بيد رئيس الوزراء لحمايته من القتل , لقد كان من السهل على بريطانيا ان تتفاوض مع تنظيم الدولة ,كما طالبنا الجهات الاميركية بمبادلة الرهينة الاميركي مقابل عافية صديقتي – الباكستانية المشتبه بها في عمليات ارهابية والتي حكم عليها بالسجن لمدة 85 عاما في السجون الاميركية.
- ج.ت: هل يتم تخدير الرهائن قبل اعدامها او اعطاؤها نوع من المخدرات؟
- ا.ق: بالطبع لا.
- ج.ت: وبماذا تفسر رد فعلهم غير الطبيعي اثناء اعدامهم؟
- ا.ق: اي انسان يعرف في اللحظات الاخيرة من حياته انه سيعود الى الله لذلك فهم يتصالحون مع انفسهم.
كذلك أجريا مكالمة اخرى في 23 تشرين الأول/ اكتوبر 2014 على النحو التالي:
- ج.ت: عندما اصبح داخل حدود تنظيم الدولة , هل يمكنني التجول في شوارعها دون حماية؟
- ا.ق: سيكون هناك حارسان اثنان معك لحمايتك عند الخروج والتجول.
- ج.ت: لكنني اريد التحدث مع الناس دون وجود حراس يبثون الرعب في نفوس الناس.
- ا.ق: بالطبع يمكنك التحدث مع الناس في الشارع، من المؤكد انك رأيت ذلك في Vice News لقد تواصل الصحفي مع الناس في المسجد.
- ج.ت: هناك اشخاص اخرون من تنظيم الدولة تحدثوا الى وسائل الاعلام الغربية دون موافقتك كما انهم اجروا مقابلات معهم.
- ا.ق: لم يكن ذلك بشكل رسمي حيث قام احدهم باجراء محادثة مع BBC عبر سكايب, لسوء الحظ لم يشترك بعض الاشخاص في امور لا يتوجب عليهم الخوض بها ولكن العقاب يحل بالجميع.
- ج.ت: هل يمكن لي الاقامة داخل فندق لنكون بعيدين عن المشاكل ؟
- ا.ق: ليس لدينا فنادق في الوقت الحالي, كان يوجد من قبل ولكنها استخدمت كمبانٍ ادارية او شقق سكنية.
وتابعا حديثهما في مكاملة أخرى بتاريخ 2 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014
- ج.ت: هناك اشخاص قلة يعلمون بسفري الى تنظيم الدولة وهم دائما ما يكررون سؤالين اثنين احدهما " لن تستطيع التحدث بحرية ولن تحصل على اجابات واضحة ومرضية" والاخر " ماذا يريدون منك وكيف تجرؤ على الذهاب هناك؟"
- ا.ق: من المؤكد انك ستتحدث مع الناس دون قيود او ان يتعرض الشخص الذي تتحدث معه الى الضغط او الترهيب, عندما تصل الى هنا ستقابل الكثير من المهاجرين " المقاتلين الاجانب" داخل المدينة فقط, ولكن ان ابتعدت عن المدينة وكنت بمفردك , سيكون احدهم قريبا منك
- ج.ت: لدي سؤال حول مكان الاقامة.
- ا.ق: أعددنا لك شقة وهي مجهزة بكل ما تحتاجه, للأسف لا توجد لدينا فنادق, لقد ماتت صناعة الارهاب اقصد السياحة.
- ج.ت: ماذا قلت للتو؟ ماتت صناعة الموت/ الارهاب؟
- ا.ق: صناعة الموت تزدهر على الدوام.
- ج.ت: تعني انه لا يوجد هناك سياح في هذه اللحظة داخل دولتكم؟
- ا.ق: لا
- ج.ت: هل لديك اعتراض اذا جرى تواصل بيني وبين العالم الخارجي وانا داخل حدود الدولة؟
- ا.ق: لا اعتقد ان هناك مشكلة , مقاهي الانترنت موجودة في كل مكان هنا.
- ج,ت: اذن علينا تحديد يوم محدد, لقد قلت لي في البريد الالكتروني الذي ارسلته لي ان الرقة تعرضت لقصف عنيف خلال اليومين الماضيين , هل سيؤثر ذلك على رحلتي ؟
- ا.ق: لقد تم قصف اثنين من المباني لا يبعدان كثيرا عن مكان تواجدي, ولكن ذلك يعني اننا سنتأخر قليلا لأسباب امنية, لا يختلف الموقف عن قبل فـ"الأسد" يقوم بقصفنا والآن يتراجع بعض الشئ ويركز ضرباته على حلب في حين ان اميركا تتولى مهمة قصفنا.
- ج.ت: بالمناسبة, يتزايد الهجوم الموجه ضد "داعش" يوما بعد يوم، فبالإضافة الى تحدث وسائل الاعلام عن عمليات الاعدام, يتم ارعاب العامة عند الحديث عن الزواج القسري والاغتصاب, هل هناك زواج قسري ؟ وكيف لقيادة الدولة التعامل مع حوادث الاغتصاب ان وجدت؟
- ا.ق: بالطبع وسائل الاعلام تتناول جميع ماتحدثت عنه, بالتأكيد هناك عمليات قطع رؤوس ولكن كل حسب جرمه’، اعتقد بانك تعلم جميع تلك الاشياء من البلدان التي تتحالف معنا او من كتب التاريخ او ايه مصادر اخرى , كما ان العبودية عادت للاسلام من جديد.
- ج.ت: وهذا بالنسبة اليكم ايضا؟
- ا.ق: بالطبع , فنحن نعتبر انفسنا الدولة الاسلامية, نفرض السيطرة على المناطق التي نحكمها والتي نسيطر عليها وجميع القوانين الاسلامية يجب العمل بها وفي بعض الظروف الخاصة يسمح الاسلام بامتلاك غير المسلمين كعبيد, مثل الأييزيدين.
- ج.ت: هل يعتبر غير المسلمين عبيدا؟
- ا.ق: نعم
- ج.ت: وبالنسبة للمسيحيين ؟
- ا.ق: يسمح للمسيحيين اما دفع الجزية او اعتناق الاسلام، او ان يتم قتلهم بكل بساطة كما يتم سبي نسائهم.
- ج.ت: اما العبودية او الزواج القسري؟
- ا.ق: لا يوجد زواج قسري , جميع المسيحيين في الرقة يدفعون الجزية.
العبودية تعني ان للعبيد بعض الحقوق والواجبات التي يتوجب عليهم اداؤها’ بالطبع لا يتقاضى العبيد رواتبَ، ولكن الشخص الذي يقوم بشرائه , يتولى الامور التي تخصه من طعام وشراب وسكن وملبس، كما ان لديه الخيار بتحرير ذلك العبد, وفي حالة ارتكاب مالك العبد مخالفات كثيرة , يمكن للقاضي ان يجبره على تحرير عبيده. قيل لي ان هناك العديد من العبيد قد اعتنقوا الاسلام , فالواقع الاسياد الذين يملكون العبيد ومنشغلون في القتال بشكل كبير يقومون بتحرير عبيدهم اولا بأول.
ج.ت: وفي حالة وقوع جرائم اغتصاب , هل يتم معاقبة مرتكبيها؟
ا.ق: ماذا تعني بالاغتصاب؟
ج.ت: اجبار النساء على العلاقات الجنسية.
ا.ق: (يضحك) كيف يكون اغتصابا لشخص انت تمتلكه , هو عبد لك.
ج.ت: انت تعني ان اغتصاب العبيد لا يعد اغتصابا على الاطلاق , واذا قام احد رجالك باغتصاب سيدة تعيش في مدينة قمت بالاستيلاء عليها هل لا يكون ذلك اغتصابا؟
- ا.ق: اذا قبض على الجاني متلبسا فان ذلك يعتبر زنا واذا كان متزوجا يرجم حتى الموت، اما اذا كان غير متزوج فيتم جلده 100 جلدة، اما في حالة ان تكون المغتصبة عبدة , فذلك يعني شيئا اخر.
وحصلت مكالمة أخيرة يوم 16 تشرين الأول/ نوفمبر 2014
- ا.ق: مرحبا : هل تسمعني؟
- ج.ت: نسمعك بوضوح , يوجد فريديرك هنا ايضا.
- ا.ق: هل تراني ؟
- ج.ت: نعم؟ كيف يبدو الطقس عندكم؟
- ا.ق: بارد بعض الشيء.
- ج.ت: لازلنا في طريقنا الى غينتاب.
- ا.ق: نعم, سنتقابل عند النقطة الحدودية تلك.
- ج.ت: كم تبعد المسافة من هناك عن المطار ؟
- ا.ق: لا اعلم يوجد بين غينتاب والحدود مدينة كلس صغيرة, اعتقد انها تستغرق مسافة ساعة بالسيارة للوصول الى النقطة الحدودية.
- ج.ت: هل ستأتي الى الجانب التركي ؟
- ا.ق: لن اتي بنفسي , سيكون هناك اشخاص اخرون.
- ج.ت: لن تكون هناك حقا ؟
- ا.ق: سيكون في ذلك خطر كبير , سأقوم بإحضارك من الجانب الاخر.
رحلتي الى اعماق الارهاب
كتابة : جورجين تودينهوفر