طهران - مهدي موسوي
تفاعلت مجددًا قضية إصرار طهران على رفض تفتيش التحالف العربي سفينة إيرانية محمّلة بمساعدات لليمنيين، وسط بدء تدفُّق الإغاثة الإنسانية وصمود الهدنة في البلاد رغم وجود خروقات؛ إذ صَعَّدتْ إيران مع السعودية إلى حدود قصوى، واستدعت الحكومة اليمنية الشرعية التي تعمل من الرياض، القائم بالأعمال في طهران، بعدما لوّحت بقطع العلاقات الدبلوماسية مع الجمهورية الإيرانية.
واللافت أن البنتاغون نفى، مساء الخميس الماضي، وجود سفن حربية إيرانية تواكب السفينة المحمّلة بمساعدات، خلافًا لما أُعلِن في طهران قبل يومين.
ودافعت الناطق باسم الخارجية الإيرانية مرضية أفخم عن إرسال سفينة "شاهد" المحمّلة بـ"مساعدات إنسانية" إلى ميناء الحديدة الذي يسيطر عليه الحوثيون، مؤكدة أن الأمر يتم بـ"تنسيق كامل مع مؤسسات الإغاثة التابعة للأمم المتحدة".
وأكدت إجراء اتصال هاتفي بين وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف والأمين العام للمنظمة الدولية بان كي مون، علمًا بأن طهران ترجّح وصول السفينة إلى الميناء الأربعاء المقبل.
وأعلن مساعد وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، أن بلاده نسقت مع الجهات المعنية في الأمم المتحدة، من أجل رسوّ السفينة في الموانئ اليمنية، وأن إرسال طهران مساعدات إنسانية جوًا يتم عبر سلطنة عُمان وجيبوتي.
وقدّم مندوب إيران لدى الأمم المتحدة غلام علي خوشرو، شكوى إلى مجلس الأمن ضد السعودية، بسبب ما وصفه بأنه "عراقيل أمام إيصال المساعدات إلى الشعب اليمني".
وعلق وزير الخارجية اليمني رياض ياسين، في تصريحات نقلتها الوكالة الرسمية، أن الحكومة الشرعية تُحمِّل جمهورية إيران المسؤولية الكاملة حال دخول سفينة الشحن التي أرسلتها إلى المياه الإقليمية اليمنية، من دون إذن السلطات الشرعية.
وأكد ياسين أن "الحكومة تدرس قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران وسيتم اتخاذ كل الإجراءات في حق السفينة حال دخلت المياه الإقليمية اليمنية من دون إذن مسبق، وتم تفويض التحالف العربي ردع أيّة مخالفة لكن العنجهية الإيرانية في شأن السفينة تؤكد أن طهران لا تريد الاستقرار لليمن".
وميدانيًا، ورغم الهدنة الإنسانية، تواصلت المواجهات بين المسلحين الحوثيين وقوات من الجيش اليمني مساندة لهم من جهة، ومسلحي المقاومة المؤيدين للرئيس عبدربه منصور هادي، في مأرب وتعز وعدن.
يأتي ذلك في وقت غادر فيه مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ صنعاء، بعد اجتماعات عقدها مع الحوثيين وحزب الرئيس السابق علي صالح "المؤتمر الشعبي"؛ لتثبيت الهدنة وإنجاح عمليات الإغاثة، والتحضير للعودة إلى المسار التفاوضي بين الأطراف اليمنية.
بينما وصلت إلى مطار صنعاء طائرتان تابعتان للجنة الدولية للصليب الأحمر ومنظمة "أطباء بلا حدود"، الخميس الماضي، وشوهدت آلاف السيارات في طوابير أمام محطات الوقود في العاصمة وبقية المدن، مع تواتر أنباء عن وصول أول شحنة من المشتقات النفطية إلى ميناء الحديدة، ستُوزّع على كل المناطق.
ونشبت مواجهات عنيفة في الأطراف الغربية للمدينة بين المسلحين الحوثيين والقوات الموالية لهم من جهة، وبين مسلحي القبائل الموالين لحزب "الإصلاح" والمؤيدين لشرعية الرئيس هادي، ما أدى إلى مقتل 15 شخصًا وإصابة 20 آخرين من الطرفين.
وتابعت المصادر أن المواجهات التي خرقت الهدنة اندلعت في مناطق "الطلعة الحمراء ومخدرة والجفينة والزور وصرواح"، وسط جهود يبذلها زعماء قبليون لوقف النار، والسماح لفرق الصيانة بإصلاح خطوط الطاقة الرئيسة وفتح الطريق أمام ناقلات الغاز والمشتقات النفطية الآتية من مصفاة مأرب.
وفي مدينة تعز تجدد القصف المتبادل بين الطرفين، وسُمِع دويُّ انفجارات عنيفة، وأكد شهود أن مسلحي المقاومة المؤيدين لهادي قصفوا مواقع الحوثيين في جبل صبر بالدبابات والمدفعية؛ ردًا على القصف الحوثي أحياءً سكنية في المدينة، في حين أفادت معلومات عن وصول تعزيزات حوثية من وحدات مكافحة التطرف.
إلى ذلك، أوضحت مصادر أن مسلحي جماعة الحوثيين والجيش المساند لها باتوا يسيطرون على معظم مناطق مدينة عدن، باستثناء أطرافها الشمالية في دار سعد، واتهمت مصادر الحوثيين قوات التحالف بتوجيه ضربات إلى مواقع الجماعة في جبل حديد وصلاح الدين ورأس عمران في مدينة عدن.
وفي محافظة أبين، أضافت مصادر المقاومة أنها انسحبت من مدينة لودر، التي سيطر عليها الحوثيون، حفاظًا على أرواح المدنيين، وأن مسلّحي الجماعة لم يلتزموا الهدنة وقصفوا مواقع المقاومة في منطقة عكد بصواريخ كاتيوشا.
وذكرت مصادر حوثية مقتل 7 أشخاص إثر قصف في منطقة قريبة من الحدود الشمالية الغربية مع السعودية، فيما تواصَلَ تحليق طيران التحالف في أجواء صعدة وتعز ومناطق أخرى يمنية.
وبينما ترتقب المنطقة القمة الأميركية- الخليجية في كامب ديفيد، عاشت صنعاء أكثر الليالي هدوءًا منذ بدء العمليات العسكرية في 26 آذار/ مارس الماضي. وعمومًا صمدت الهدنة رغم مواجهات ومناوشات في مدن جنوبية.
وأعلن التحالف أن الحوثيين خرقوا الهدنة الإنسانية السارية منذ ليل الثلاثاء الماضي، مؤكدًا في الوقت نفسه "التزامه التام الهدنة الإنسانية وضبط النفس".
وأعلن التحالف، في بيان نشرته وكالة الأنباء السعودية الرسمية، ليلة الخميس الماضي، أن "الجماعات الحوثية أقدمت على خرق تلك الهدنة من خلال 12 عملاً عسكريًا توزعت بين قصف وإطلاق نار ومحاولات تسلل وزحف عسكري سواء في داخل اليمن أو على حدوده مع المملكة العربية السعودية".
وأكد البيان أن قيادة التحالف "تعلن ذلك لتؤكد رغبتها في إطلاع الرأي العام والمجتمع الدولي على ما أقدمت عليه تلك الجماعات، وتؤكد التزامها التام الهدنة الإنسانية وضبط النفس مراعاةً للأهداف السامية لعملية إعادة الأمل لليمن ورغبتها في رفع المعاناة عن الشعب اليمني الشقيق".
وعدَّد البيان "الخروقات الحوثية" للهدنة، حيث جرت محاولتا تسلل و5 عمليات قصف وإطلاق نار في محافظات الضالع وعدن وتعز وشبوة ومديرية لودر.
وسمحت الهدنة بإيصال شحنة من المحروقات عبر ناقلة أرسلها برنامج الأغذية العالمي، و7 سفن محملة بمساعدات إنسانية وصلت هذا الأسبوع، وأن 3 سفن رست في الحديدة وواحدة في عدن واثنتان في المكلا، وأخيرًا سفينة في المخا على البحر الأحمر.
كما تم إرسال 18 شاحنة محملة وقودًا من السعودية إلى محافظة حضرموت، وأعلنت قطر إرسال 120 طنًا من المساعدات وأعلنت الكويت إرسال 40 طنًا.
وتعد جيبوتي من البلدان النادرة التي تقبل استقبال اللاجئين من اليمن، وقد بلغ عددهم حتى اليوم 12 ألفًا، كما تؤكد سلطات هذا البلد، يضافون إلى 28 ألف لاجئ وصلوا من الصومال المجاورة، بينما أقامت المفوضية العليا للأمم المتحدة للاجئين مخيمًا في مدينة أوبوك الساحلية، واختار ألف يمني فقط البقاء فيها.
وتتوقع الأمم المتحدة أن يصل أكثر من 15 ألف لاجئ يمني في الأشهر الستة المقبلة إلى جيبوتي، كما من المتوقع أن يصل في الأيام المقبلة نحو 150 لاجئًا جديدًا إلى قرية لوتاه.
وأكد الناطق باسم المفوضية العليا للاجئين، فريدريك فان هام، أن "أعدادًا كبيرة من اليمنيين يريدون المغادرة لكن الحصار وإطلاق المتمردين النار على المراكب ونقص السفن والوقود يرغمهم على البقاء".