الرباط - سناء بنصالح
دخل الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان على خط متابعة القاضيين محمد الهيني، وآمال حماني من طرف المجلس الأعلى للقضاء، معبرًا عن تضامنه مع كل القضاة الشرفاء في الدفاع عن استقلال القضاء وسيادة القانون وحماية الحقوق والحريات، كما طالب بوقف كل المضايقات والمتابعات والتهديدات التي تريد النيل من حرية وحقوق القاضي الهيني ومن خلاله كل قاض وقاضية من حمـٓلَة الضمير في هذا الوطن.
واعتبر الائتلاف المكون من 22 جمعية حقوقية في المغرب أن التحقيق والمتابعة الجديدة ضد محمد الهيني، تأتي في إطار مشحُون بالرغبة في تصفيته مهنيًا وأمثاله من القاضيات والقضاة، وفي ظل مسطرة معيبة، تجلت في عدم احترام قواعد المحاكمة العادلة وضمنها حقوق الدفاع وحياد التحقيق والحق في التعرف على الجهة المشتكية، وفي الحصول على صورة من وثائق الملف والحصول على المعلومة.
ودعا كل القوى الديمقراطية والحقوقية للمزيد من اليقظة حتى لا تُمَرر، في غفلة، نصوص وقوانين لا تستجيب لمتطلبات تحقيق العدالة، وخاطب وَعيَ المسؤولين ليَتَحلوا بالحِكمة والتجَرد في تعاطيهم مع الشأن القضائي ومع مُقوماته الحقوقية والدستورية، والكف عن محاصرة قضاة الرأي والمدافعين عن استقلالية السلطة القضائية.
واعتبر الائتلاف أن الملف الذي يتابع على خلفيته القاضي الهيني، نائب الوكيل العام للملك لدى استئنافية القنيطرة ذي صلة بموضوع استقلال السلطة القضائية، وأنه ومنذ أن أعلنت وزارة العدل والحريات قْبيل أكثر من سنتين عن إطلاق نقاش الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدالة - صار هدفا مَقصودًا تقف وراءه نِية المسؤولين وبشكل مُمنهج، من أجل ضرب حريته في التعبير عن مواقفه وآرائه التي يضمنُها له الدستور والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ومبادئ الأمم المتحدة بشأن استقلال السلطة القضائية، سواء في مسلسل عمل الهيئة العليا وبالخصوص في خُلاصات أشغالها ذَات الصِّلة باستقلال القضاء، أو ما أعقب ذلك لما طَرَحت الوزارة مَشروعي قانونين تنظيميين متعَلقين بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والنظام الأساسي للقضاة.
وفي السياق ذاته، عبّر الائتلاف عن قلقه أن مسؤولي وزارة العدل والحريات اختاروا اللحظة التاريخية التي يَزداد فيها إلحاح القوى السياسية والمدنية والحقوقية الديمقراطية على استقلال القضاء وتوفير ضمانات حريات التنظيم والرأي للقضاة وحمايتهم من الضغط والترهيب، وأنه في الوقت الذي أبان فيه القضاة والقاضيات عن وعي ومسؤولية، من خلال مُشاركتهم في نِقاش قانوني راقي المستوى لسياقات ومَضامين القوانين المعروضة التي تهم مصير العدالة وأوضاع الجسم القضائي، اختار هؤلاء المسؤولون في هذا الظرف استهداف القاضي محمد الهيني بمُهاجمة أحكامه القضائية واجتهاداته بإبعاده تعسفا عن المحكمة الإدارية بالرباط، وبفتح متابعة ضده من أجل آرائه القانونية وأفكاره الحقوقية التي أربكت الذين يحاولون أن يوهموا الرأي العام الوطني والدولي أن ورش إصلاح منظومة العدالة يعرف تقدما، ليمروا في صمت نحو غيره من القاضيات والقضاة ليُكسروا تضامنهم المهني بمفهومه النبيل، وحتى تظل وزارة العدل كما كانت قبل الدستور ومعها السلطة التنفيذية الجهة الوحيدة المُتحكمة في مصير القضاة وفي مسار صِياغة النصوص التنظيمية ذات الصِّلة، وهي مقاربة غير مجدية.