سانتياغو ـ أ.ف.ب
بعد 42 عاما على رحيله، لا تزال وفاة الشاعر التشيلي بابلو نيرودا تثير التساؤلات في بلده اذ انه قد يكون قتل على يد عناصر تابعين لنظام الديكتاتور اوغوستو بينوشيه، في لغز ستحاول تحاليل جديدة كشفه.
فبحسب شهادة الوفاة الصادرة عن المجلس العسكري الحاكم سابقا (1973 - 1990)، يعود سبب وفاة الشاعر الى مضاعفات اصابته بسرطان البروستات. لكن وفق شهادة سائقه حينها مانويل ارايا، فإن نيرودا قضى جراء حقنة تلقاها عشية مغادرته الى المكسيك التي اختارها كمنفى لقيادة صفوف المعارضة ضد نظام الجنرال اوغوستو بينوشيه.
وبعد معركة قضائية طويلة، جرى نبش رفات بابلو نيرودا سنة 2013 في ايسلا نيغرا على السواحل الوسطى لتشيلي، المقر الاخير لإقامة الشاعر وموقع دفنه.
ومذ ذاك، تتوالى الفحوص والتحاليل من دون التوصل الى اي جواب قاطع في هذا الشأن.
وفي الأيام المقبلة، سترسل رفاته الى مجموعة دولية تضم 13 خبيرا سيحاولون مجددا تحديد سبب مقتل هذا الكاتب الشيوعي الملتزم والدبلوماسي العاشق الابدي الحائز جائزة نوبل للآداب سنة 1971.
وفي تشرين الأول/اكتوبر، اجتمع هؤلاء الخبراء المتحدرون من تشيلي واسبانيا والولايات المتحدة وكندا والدنمارك على مدى ثمانية ايام لتحليل التقرير الخاص بآخر فحص اجري في ايار/مايو الماضي من جانب فريق اسباني كشف وجود مستويات كبيرة من بكتيريا المكورات العنقودية الذهبية في جسم الشاعر الراحل.
هذه البكتيريا "كانت العنصر المستخدم عادة من جانب اوخينيو بيريوس (الكيميائي في الشرطة السرية التابعة لنظام بينوشيه المكلف تركيب اسلحة كيميائية) وهذه السلالة تحديدا لم تكن جزءا من تلك التي امكن وجودها في تلك الفترة في المستشفى" في سانتياغو حيث كان نيرودا موجودا، بحسب محامي الحزب الشيوعي ادواردو كونتريراس.
وحاليا "يتعين على مختبرات بلدان عدة تحديد الحمض النووي الريبي لبكتيريا المكورات العنقودية الذهبية هذه للتحقق من مصدرها وما اذا كانت ناجمة عن اصابة حصلت لحظة النبش والتلاعب بالرفات أم على العكس كما نفترض هي ناجمة عن مادة محضرة خصيصا لاغتيال نيرودا" وفق كونتريراس.
وستعرف النتائج في آذار/مارس 2016.
- "قتلوه" -
وظهرت فرضية تعرض الشاعر للاغتيال للمرة الاولى سنة 2011 بعد المعلومات التي كشفها مانويل ارايا الذي كان يشغل مهام السائق والمساعد الشخصي في آن لبابلو نيرودا، بشأن الحقنة الغامضة.
وأكد ارايا في تصريحات ادلى بها لوكالة فرانس برس سنة 2013 أن "نيرودا قضى اغتيالا".
وجرى فتح تحقيق قضائي حينها في حين اثارت شهادات اخرى شكوكا عبر تأكيدها أن بابلو نيرودا كان في صحة جيدة الى حين تلقيه الحقنة الشهيرة كما أن طائرة مقدمة من الحكومة المكسيكية كانت في انتظاره لنقله الى المكسيك بهدف قيادة صفوف المعارضة من اراضيها.
ويروي مانويل ارايا "نيرودا قال لي : انا ذاهب المكسيك يا رفيقي ومن هناك ساطلب مساعدة العالم لاسقاط بينوشيه. وساسقط نظامه في غضون ثلاثة اشهر. ساطلب مساعدة ة الحكومات والمثقفين".
وعززت وفاة الرئيس السابق ادواردو فري (1964-1970) في المستشفى نفسه في العام 1982 ، فرضية اغتيال نيرودا.
ومع ان التقينات المستخدمة الان متطورة جدا الا ان وقتا طويلا قد مر والظروف التي دفن فيها جثمان الشاعر بمحاذاة الشاطئ، قد تحول دون التوصل ابدا الى معرفة اسباب وفاته.
ويقول ادواردو كونتريرارس ان "فكرة مشاركة طرف اخر (في وفاته) مثبتة بالتأكيد لكن قد نكون امام مفارقة عدم التمكن من اثبات ان النظام الديكتاتوري حقنه بهذه المكورة العنقودية بسبب مرور وقت طويل ، رغم وجود الاف الادلة الاخرى".
ويضيف "لكني شخصيا على ثقة انهم قتلوه وانا على ثقة ايضا من اننا قد لا نتمكن من اثبات ذلك".
ويعرب اقارب نيرودا عن تفاؤلهم حول نتائج التحاليل. ويقول رودولوف رييس ابن شقيقة الشاعر "معرفة الحقيقة مهمة جدا بالنسبة للعائلة واظن اننا سنتوصل الى ذلك".