مراكش - ثورية ايشرم
يعتبر الجبس المغربي من الفنون الثقافية التي تتميز بها المملكة المغربية، والتي تجدها في كل المنازل المغربية والفنادق والمطاعم وحتى في المرافق العمومية كالمحطات والمراكز والمستشفيات وغيرها.
ويرجع هذا إلى أنَّ المغاربة يسعون للحفاظ على أصالتهم وثقافتهم المغربية الإسلامية التي تميز هذا الوطن عن غيره، لاسيما أنَّ الجبس المغربي يتنوع بتنوع نقوشه وزخارفه التي يبدع فيها الصانع التقليدي والتي تظهر مدى براعته ودقة صنعه وذوقه في اختيار أجود الخامات والإضافات الساحرة التي تجعل عمله يتميز بمجرد النظر إليه تعرفه مغربيًا مائة في المائة.
ويعد هذا الفن العريق من الفنون القديمة والأصيلة التي تناقلتها الأجيال المغربية عبر الزمن، حيث اهتم المغاربة بالزخارف والنقوش والتركيز على إضفاء العديد من التفاصيل الفنية التي تميز العمارة المغربية الإسلامية التي تعود بك إلى زمن قديم مميز عاشه المغرب، فإذا كان فن النحت يتطلب من النحات القوة العضلية والصبر والمعرفة الواسعة، فإنَّ فن النقش على الجبس يتطلب هذا كلها وزد عليه قوة الملاحظة والتأمل والدقة في اختيار النقوش والزخارف والألوان إضافة إلى الحكمة.
ورغم أنَّ العمل الهندسي يتطلب من الشخص أن يكون على دراية كافية وإلمام بالحسابات والمواد الهندسية والعلمية، إلا أنَّ الصانع المغربي لم يحتاج إلى ذلك كلها فهو ذلك الرجل البسيط والأمي الذي اعتمد على مخيلته وذكائه وذوقه الرفيع في اختيار الزخارف وابتكار التصاميم واعتماد أجود المواد التي يكون على علم بالمناسب منها وغير المناسب بمجرد النظر إليها، هذا ما جعل الصانع المغربي يحقق الإبداع ويصل إلى عالمية عن طريق ذوقه الرفيع، إذ تجده يتعامل مع هذا الفن بحكمة وقدرة هائلة، ويملك القدرة على تنسيق الأشكال الهندسية الدائرية، والأشكال ذات الزوايا المنفرجة والحادة، والأشكال التي تجمع هذه أو تلك أو غيرها، ليخرج في النهاية إلى ديكور من الجبس المزخرف ذي التصميم المميز الذي يتوافر على طراز عربي إسلامي، والذي بقي خالدًا على مر السنين، وحتى بعد أنَّ أدخلت عليه بعض الرتوشات والإضافات الحديثة إلا أنك تجد الإقبال على التقليدي منه شيء مطلوب ومهم في الثقافة المغربية.
ومن أكثر الأمور التي بقيت خالدة في هذا الفن المميز والعريق والتي قد تجدها في مكان في المغرب المساجد والمؤسسات السياحية وغيرها هي قبة السقف بالجبس المغربي التي تدل على الفخامة وتضفي سحرًا جذابًا على الفضاء وتكثر فيها أنواع الزخارف والنقوش الإسلامية مع روعة الألوان والتفاصيل والبروزات وتكثر فيها الكتابات الإسلامية والآيات القرآنية والكتابة بالخط العربي الجميل.
وأكثر ما يزيد رونق هذا الفن المميز هو اعتماد الثريا الفاخرة التي من الأفضل أن تكون ذات تصاميم ضخمة وعالية حتى تزيد من جمال القبة وتمنحها ذلك الرونق المميز والجميل الذي يزيد من فخامة المكان ويمنحه الرقة، وقد تكون القبة على شكل قوس دائري أو مستطيلة الشكل، كما يمكن أنَّ تكون منفردة أو مجموعة من القبب، وكل ذلك يتناسب مع تصميم سقف الفضاء، ويمكن أنَّ يكون سقف القبة زجاجيًا لدخول أشعة وتبرز جمال الزخارف والنقوش المغربية وتزيد من رونقها وجمالها، كما يمكن استخدام الزجاج الملون والمزخرف برسومات فريدة للحصول على نتيجة أكثر سحرًا فخامة ورقة.