الجزائر – إيمان بن نعجة
ورد اسم طبق "الرشتة" الجزائري في كتاب "رحلة ابن خلدون غربًا وشرقًا". ويثير قوله بأنه تناول "الرشتة"، مع القائد المغولي تيمورلنك، أثناء استعانة أهل دمشق بابن خلدون لمفاوضة القائد المغولي، الذي كان يحاصر المدينة آنذاك، (يثير) كمًا من التساؤلات عن أصل الطبق.
تعتبر "الرّشتة" من أشهر الأطباق الشعبية في الجزائر العاصمة ووسط البلاد. ويعدّ نوعًا من الرقائق الطويلة، تشبه المعكرونة، مسقية بمرق اللحم أو الدجاج، وعادة ما يقدم في المناسبات؛ احتفالاً بالأعياد الدينية، مثل أول محرم (بداية السنة الهجرية) أو المولد النبوي الشريف مثلاً، أو في الأعراس والمناسبات الاحتفالية.
ويروي المؤرخ والعالم ابن خلدون في "رحلته" قائلاً إنه "عندما زار تيمورلنك في خيمته قرب دمشق المحاصرة (نحو عام 1400 للميلاد)، أشار (تيمورلنك) إلى خدمه بإحضار طعام من بيته يسمونه (الرشتة)، ويحكمونه على أبلغ ما يمكن، فأحضرت الأواني منه، وأشار بعرضها عليّ، فمثلت قائمًا وتناولتها وشربت واستطبت".
ويذكر التاريخ أنّ تيمورلنك غزا بعدها دمشق، على الرغم من إعطائه الأمان لأهلها، وعاث فيها هو جنده فسادًا وأحرقوها.
ويأتي السؤال الأبرز، الذي يطرح هنا، هل هناك علاقة لـ"الرشتة"، التي ذكرها ابن خلدون، بطبق "الرشتة" الجزائري؟!، وهل ابن خلدون هو الذي نقله إلى الجزائر؟.
ويبدو أنّ الجواب صعب في غياب مراجع تاريخية حاسمة في الموضوع، لكن ربما أن ما يرجح أيضًا جزائرية "الرشتة"، هو أن نمط الطبق، أصيل في المطبخ الجزائري (أي رقائق مستخلصة من المعجنات مسقية بمرق). كما أنه لم يعرف أن ابن خلدون، الذي توفي عام 1406 في مصر، الذي استقر فيها فيما بعد، قد عاد إلى الجزائر، أو حتى إلى جارتها تونس، في فترة الأعوام الستة على الأكثر، بين سقوط دمشق وعودته للإقامة في مصر.
ومعلوم أن ابن خلدون، وإن كان ولد في تونس، فقد قضى جزءًا معتبرًا من حياته في الجزائر، حيث كتب فيها كتابه المشهور "المقدمة". ولهذا فالأرجح ربما أن ابن خلدون ذكر طبق "الرشتة" الذي عرفه في الجزائر، وشبهه بالطبق الذي قدم له أثناء لقائه بتيمورلنك