وجدة - المغرب اليوم
تعرض الفنانة الشابة سهام بدر، لوحاتها في رواق الفنون في وجدة، وتحاول الفنانة أن تتحرر من أسر المدارس الفنية وإغرائها، وترسم ما يختبئ وراء الوجوه، كما كان يعبر الفنان الإسباني الشهير بابلو بيكاسو، وتنفذ عبر العيون - نوافذ الروح - إلى جوهر الإنسان ومعناه، فتتبدى نظرات العيون الصامتة - على لوحاتها - ضاجة بالكلام. بنظرة عابرة على "نظرات" الوجوه في لوحات بدر، يشعر المتلقي أنها تشي بأحاسيس الفرح والاندهاش والخجل والترقب، وأحاسيس أخرى هي مزيج من كل ذلك، لكن للتشكيلية فهم آخر لما وراء نظرات العيون المرسومة على اللوحات.
"النظرات في لوحاتي دعوة لفهم الآخر، خصوصًا النظرات الصادقة الصامتة"، تقول سهام بدر، في حديثها لوكالة المغرب العربي للأنباء، مضيفة أن "أصدق اللغات هي تلك اللغة الصامتة، لغة العيون"، النظرة، إذن بحسب الفنانة الشابة، "انفعال وتعبير، وهو عين ما يستهوي الفنان الباحث أبدا عن مكامن الجمال والحقيقة، وعن ما وراء حجب الزيف والتشوه في الأشياء والأشكال". تقول النظرات، والحالة هذه، ما تعجز الكلمات عن قوله، وتكون، أحيانا، أبلغ من كل الكلمات، "حاولت أن أعبر عن النظرة الثابتة، الصامتة، التي تحمل في طياتها ما يجول في الخواطر وفي القلوب والأذهان.. لكشف عمق الإنسان"،
وأكدت الفنانة سهام بدر انه في المحصلة النهائية، هي دعوة إلى "النفاذ" إلى عمق الإنسان وروحه، دون الاكتفاء بالمظاهر الطافية على السطح، لأن "نظرة الآخر قد تخترقنا أو تواسينا، أو ربما لا تحرك فينا ساكنا.. ولعلها أول لغة تواصلت البشرية بها قبل أن تتعدد اللغات"، كما تقول سهام. لا مجال في هذا التحليل الفني لاستدعاء كيفيات تشكل اللغات وارتباطها بالسياقات التاريخية والاجتماعية، الأمر أعمق وأبسط في الآن ذاته: إن لغة النظرة على اللوحة التشكيلية، المتحررة من إكراه الزمان والمكان "غير مرتبطة بثقافة أو ذكاء الشخص، لكنها مرتبطة بصفائه ونقاء تفكيره ومدى إحساسه بالغير"، كما ترى الفنانة الشابة التي تأسف "لأننا استغنينا في عالمنا المعاصر، بتقنياته المتطورة، عن التواصل المباشر وأهملنا الأهم. نسينا أن لغة النظر هي أصدق أبواب الحقيقة في النفس البشرية".
ولكل ذلك، لا تحب الفنانة التشكيلية سهام بدر أن تموقع إبداعاتها في مدرسة تشكيلية بعينها ولا التشكيل من داخل نسق فني جامد لا يتيح لها إمكانيات التعبير المتحرر عن ذاتها وعن رؤيتها للعالم من حولها. وتؤكد أنها في بحث مستمر عن أسلوب شخصي ومتفرد يعبر عن أحاسيسها، لأن "الفن في كينونته تعبير وليست محاكاة، ولأننا لا نرسم ما نعلم، بل ما نحس".