أبوظبي- و ا م
نظمت كلية القانون في جامعة باريس - السوربون أبوظبي ندوة للمؤرخ وخبير الجغرافيا السياسية والإسلام والسياسة الفرنسية شارل سان برو ألقى خلالها محاضرة عن سياسة التعاون بين دول الجنوب التي تعتمدها المملكة المغربية ومناقشة كتابه " حركة الإصلاح في التراث الإسلامي" وذلك في إطار فعاليات شهر المغرب الذي تنظمه الجامعة. وأوضح سان برو أن المغرب بلور سياسة أفريقية تجسد نموذجا للتعاون بين بلدان الجنوب .. مشيرا إلى أن هذه الرؤية تكتسب أهمية بالغة لأن المغرب له إلمام وقرب وروابط إنسانية وثقافية ودينية مع البلدان الإفريقية. وقال إن حرص القيادة المغربية على إضفاء مزيد من الديناميكية على هذه السياسة جعل من المغرب فاعلا رئيسيا في العالم العربي وأفريقيا وبلدا يقوم بعمل دبلوماسي هام. وأضاف إن المغرب يمثل قوة للتوازن فهو بلد متوسطي تربطه علاقات متميزة مع أوروبا وأفريقيا كما أن موقعه على المحيط الأطلسي يجعل منه بوابة هامة لولوج أفريقيا .. مشيرا إلى أن آلاف الطلبة من أفريقيا يتابعون دراساتهم العليا في الجامعات المغربية وأن المملكة تعمل على اقتسام التجربة والخبرة العلمية والتقنية التي راكمتها طيلة العقود الأخيرة مع باقي بلدان القارة الأفريقية خاصة وتعتمد استراتيجية متكاملة نحو أفريقيا "جنوب الصحراء". من جهته أكد البروفيسور إيرك فواش مدير جامعة باريس السوربون – أبوظبي أن النشاط الثقافي والأدبي الذي توفره الجامعة لطلابها يعد عنصرا بالغ الأهمية في العملية التعليمية .. مشددا على أن التفاعل والنقاش هو الذي يبث الروح في العملية التعليمية ويزيد من فعاليتها ويثري ساحتها لذلك كان من الضروري الاهتمام ببرامج الثقافة والفن والتدريب العملي للطلبة أثناء الدراسة وجعل الساحة الجامعية ميدانا خصبا غنيا بما يحتاج إليه الطالب من ندوات ومعارض ونقاشات تفتح مداركه على العالم الذي يعيش به وأهم القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وهو ما نجحت فيه سوربون أبوظبي ووفرت للطلبة كل ما يؤهلهم للريادة. من جهة آخرى تطرق الطلبة والحضور خلال المناقشة التي أعقبت المحاضرة إلى كتاب سان برو "حركة الإصلاح في التراث الإسلامي" والذي أكد خلاله أن "الإسلام السياسي معناه خاطئ وأن تسييس الإسلام سبب ضررا للإسلام ". وأشار إلى أنه يركز على الجزء المشترك في الدين الإسلامي والإنسانية .. مؤكدا أن الإسلام دين مرن ومصلح وأن مبدأ التوحيد جاء في الأساس ليصلح من حال البشر وتحقيق المساواة بينهم دون استثناء . وأوضح المؤرخ الفرنسي أنه قصد من كتابه التأكيد على أن الإسلام دين ودنيا فهو يهتم ليس فقط بالعبادات لكن أيضا بالمعاملات .. مؤكدا أنه لا وجود للدولة الدينية في الإسلام لأن الإسلام يهتم بالسياسة التي تنظم المجتمع بطريقة لا تتعارض مع المبادئ الأساسية للدين والتي تهدف إلى تماسك المجتمع والتعايش السلمى . وقالت الطالبة ميعاد الحمادي إن هذا الكتاب أضاف جديدا الى القارئ العربي ليس فقط الاطلاع على آخر ما كتبه الغرب عن الثقافة الإسلامية والعالم الإسلامي بل للتعرف على وجهة نظر الآخر المتعددة عن الإسلام والمسلمين فعندما يقوم مفكر كبير ورجل قانون وأستاذ جامعة مثل شارل سان برو بتصحيح كثير من المفاهيم الإسلامية عند الغرب سيكون حديثه مقبولا لدى الغرب لأنه يمثل ثقافتهم ولأنه حاول أن يكون موضوعيا وعادلا. وأشاد الطالب صالح المحرمي بإختيار الجامعة للمفكر الفرنسي شارل سان برو والمعروف عنه الاعتدال والحيادية خاصة في كتاباته التي تكشف الوجه الحقيقي للإسلام الوسطي في مواجهة الجهل والمفاهيم الخاطئة المنتشرة في الغرب ومحاولاته تنقية صورة الإسلام من الشوائب التي لحقت بها . وأشار إلى أهمية المحاضرة نظرا لوجود أكثر من 65 جنسية يمثلون طلبة الجامعة معظمهم من دول غربية وبالتالي أتاحت لهم الجامعة فرصة عظيمة للتعرف على الوجه الحقيقي للإسلام والعرب بعيدا عن الاكاذيب والشائعات.