الرئيسية » أخبار الثقافة والفنون
جواد مبروكي

الرباط - المغرب اليوم

أكّد جواد مبروكي أنه يلاحظ دائما في كل مكان وفي أي مناسبة بعض الأشخاص يتظاهرون بالتّدَين عن طريق أشكال أزيائهم (قميص طويل أبيض)، وهيئة وجوههم (اللحية وخِتم أثر السجود على جبينهم)، ورائحة المِسك تفوح منهم. وبشجاعة يأخذون الكلمة بين الجموع ويشرعون في حديث ديني، ويرشدون ويطلقون المواعظ كأنهم أنبياء جدد بعثتهم سماء العطاء لإنقاذ البرية من الضلال.

وأتساءل من بعثهم؟ وبأي حق يقتحمون هؤلاء الوعاظ حرمة مجالس الناس ويمنعون الأقرباء والأصدقاء من تبادل الأخبار ويفرضون عليهم كلماتهم ومواضيعهم؟

وبعد البحث والتحليل لهذه الظاهرة توصلت إلى النتائج الآتية:

1. صمتُ المثقفين وتحمُّل مواعظ الأنبياء الجدد

حتى المثقفون يصمتون ويستمعون رغم إرادتهم إلى خُطب هؤلاء الوعاظ ولا يستطيعون أن يُعبِّروا عن رفضهم لإقحام حريتهم خوفا من الاتهام بالإلحاد، على اعتبار أنه اعتراض على كلام الله الذي لا يعلوه شيء. ولكن ليس الله تعالى هو المتحدث!

مع الأسف الشديد، فإن التربية المغربية هي التي رسخت في ذهن المغاربة هذه الاعتقادات وكرست لديهم عدم الثقة في النفس، للتعبير بكل حرية عن آرائهم حتى لو كانت مخالفة لمضامين تلك المواعظ الدينية. وفهؤلاء الأنبياء الجدد رغم أنهم لا يتوفرون حتى على شواهد التعليم الثانوي، أدركوا نقطة ضعف المجتمع المغربي، بما في ذلك فئات المثقفين فيه، وأصبحوا يفرضون وجودهم ويبرهنون للجميع أنهم يفوقونهم في العلم والثقافة وحتى درجات الإيمان.

2. اعتبار الدّين عِلمًا

مع الأسف، رُسِّخ في الأذهان أن الدّين هو علم فوق كل العلوم وله علماؤه وليس لغيرهم حق مناقشتهم! وهكذا ينتهز هؤلاء الدعاة الجدد هذه الثقافة السائدة ويعتبرون أن عِلمهم يفوق علوم القاضي والمحامي والمهندس، بالرغم من أنهم لا يتوفرون في أغلب الأحيان على أي مؤهل دراسي يفوق شهادة البكالوريا.

وفي هذا التصور تناقض عظيم، لأن الدّين أعمال وسلوك وليس مجرد مواعظ بدون أعمال! كما أن الدّين غايته السامية تحويل الفرد إلى "إنسان راقٍ ونبيل" يخدم مجتمعه ووطنه بدون استغلال.

3. التصورات الخاطئة المتعلقة بهيئة المتدين الواعظ

المغربي منذ صغره رُسخ في عقله الباطن أن الإنسان العالِم في الدّين يجب أن تكون لديه لحية وعلى جبينه خِتم أثر السجود، والجلباب الأبيض لا يفارق بدنه، وينطق بالآيات والأحاديث كلما فتح فمه. وهذه التصورات الخاطئة تجعل الجميع يصمتون أمام هؤلاء الأنبياء الجدد الذين يستغلون هذه الاعتقادات الخاطئة لفرض هيبتهم وإلقاء مواعظهم.

4. دُعاة جدد أشبه بالقساوسة

كلما أحلل ظاهرة هؤلاء الأنبياء الجدد أراهم أشبه بالقساوسة، يرتدون أزياء خاصة ويجعلون من مواعظهم مهنة ومن كلمة الله مِلكية حصرية لهم، ولا ينقصهم سوى أن تُقام لهم مؤسسة أشبه بالكنيسة. وأرى أن هؤلاء الدعاة الجدد قد أقاموا لأنفسهم كنائس افتراضية بكل بناياتها في عقول المغاربة.

5. الجهل سبب تفشي ظاهرة أنبياء الوعظ الجدد

في الماضي البعيد لم تكن هناك مدارس تعليم متوفرة للعموم وكان الجهل قائما بين عامة الناس، ولهذا كانت هناك ثلة قليلة من الدعاة لِحفظ وتلقين التعاليم الدينية، وشكلوا حلقة وصل بين العِلم والمجتمع. لكن اليوم هناك مدارس وجامعات ومواقع إلكترونية، وبإمكان أي أحد أن يصبح بسهولة على دراية بأي ميدان من العلوم.

في الواقع، الإنسان المثقف متواضع جداً وليس في حاجة إلى الاستدلال بعلمه والتفاخر به، بينما الجاهل هو في حاجة دائمة ليبرهن عما لا يمتلكه من علوم ومعرفة! وأسهل طريقة لذلك هي من خلال أبواب استغلال الدّين بتصنيفه كعِلم، وهكذا فإن الأنبياء الجدد ما عليهم سوى ارتداء أزياء معينة وحفظ بعض الآيات والأحاديث وبعض القصص وأن يضيفوا إليها توابل اجتهاداتهم وفنونهم التمثيلية، المستوحاة من جهلهم، حتى يؤثروا في جموع الناس.

 

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

الساحة الرضوانية في ضيافة وزارة الثقافة المصرية بقبة الغوري
أولويات ميزانية الثقافة والتواصل تثمين سجلماسة ومعرضان للألعاب والإعلام
ماستر كلاس للمخرج أشرف فايق بمركز الثقافة السينمائية الأربعاء…
24 مدينة مغربية تتدارس عطاء الأديب والناقد برادة
ندوة تناقش أداء نخب العرب في الغرب

اخر الاخبار

«حزب الله» يوسع رقعة استهدافات صواريخه إلى تل أبيب
شروط المملكة المغربية لإعادة علاقاتها مع إيران
نزار بركة يُؤكد أن حزب الاستقلال يُواصل جهوده لتعزيز…
المغرب يُعزز دوره القيادي عالمياً في مكافحة الإرهاب بفضل…

فن وموسيقى

تتويج المغربي محمد خيي بجائزة أحسن ممثل في مهرجان…
رافائيل نادال يختتم مشواره ويلعب مباراته الأخيرة في كأس…
الذكرى التسعين لميلاد فيروز الصوت الذي تخطى حدود الزمان…
سلاف فواخرجي تؤكد أنها شاركت في إنتاج فيلم "سلمى"…

أخبار النجوم

ميرهان حسين تكشف مفاجأة عن أعمالها المقبلة
سلاف فواخرجي تتألق في فيلم ”سلمى” وتسلط الضوء على…
أول تعليق من حسين فهمي بعد حصوله على جائزة…
مها أحمد تسخر من قلة العمل وكثرة النجوم على…

رياضة

بيب غوارديولا يكشف سبب تمديد تعاقده مع مانشستر سيتي
كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
أبرز المحطات في مسيرة لاعب التنس الاستثنائي نادال التي…
المغربي أشرف حكيمي ضمن المرشحين الخمسة للفوز بلقب أفضل…

صحة وتغذية

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على…
فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً
وزير الصحة يُشير أن نصف المغاربة يعانون من اضطرابات…
نظام غذائي يُساعد في تحسين صحة الدماغ والوظائف الإدراكية

الأخبار الأكثر قراءة