دبدو - المغرب اليوم
نظمت المندوبية السامية لقدماء المقاومين، وأعضاء جيش التحرير، بتنسيق مع عمالة إقليم تاوريرت وجمعية ابن خلدون للأبحاث والدراسات في العلوم الإنسانية والاجتماعية وحماية المآثر التاريخية والبيئية بدبدو، اليوم الجمعة، ندوة علمية حول موضوع "ذاكرة المقاومة في منطقة دبدو".
وأكدت ورقة تقديمية لهذه الندوة، التي نظمت تحت شعار "إحياء ذاكرة مقاومة منطقة دبدو مناسبة لاستخلاص العبر واستشراف المستقبل"، استنادا إلى مصادر ووثائق تاريخية، أن الاستعمار الفرنسي اصطدم لدى محاولته دخول المجال الترابي لمنطقة دبدو، في بداية عام 1911، بمقاومة باسلة كبدته خسائر فادحة وتفاعلت معها الصحافة الدولية في ذلك الوقت، حيث احتلت مقاومة هذه المنطقة حيزا هاما على صفحات العديد من الجرائد الدولية آنذاك، لا سيما من خلال تسليط الأضواء على نتائج معركتي علوانة "15 ماي 1911" وبني ريص "23 ماي 1911".
ولفت المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير السيد مصطفى الكثيري، في كلمة بالمناسبة، إلى أن هذه الندوة، التي يتزامن تنظيمها مع الاحتفالات المخلدة للذكرى الثالثة والسبعين لحدث تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، تأتي في سياق المبادرات الموصولة والجهود الحثيثة لصيانة الذاكرة التاريخية والمحلية والتعريف بملاحم الكفاح الوطني من أجل نيل الحرية والاستقلال.
وأضاف أن هذه التظاهرة تعد مناسبة لاستحضار التضحيات الجسام والأيادي البيضاء لأبناء إقليم تاوريرت ومدينة دبدو في سبيل الحرية والاستقلال، المشهود لهم بحضورهم الوازن والمتميز في ملحمة الحرية والاستقلال وبالمشاركة الفعالة في كل المحطات النضالية من أجل العزة والكرامة والبناء والنماء.
وبعد أن توقف عند محطات من مقاومة ساكنة منطقة دبدو للاستعمار الفرنسي، لا سيما في معركتي علوانة وبني ريص، أكد السيد الكثيري أنه ينبغي توثيق هذه الصفحات المجيدة من تاريخ هذه الربوع والتعريف بها وتسليط الأضواء عليها من زوايا ومقاربات متعددة.
من جهته، أبرز عامل إقليم تاوريرت السيد عزيز بوينيان أن تنظيم هذه التظاهرة الثقافية يجسد الاهتمام المتزايد بالقضايا التاريخية التي عرفتها هذه المنطقة في مطلع القرن العشرين، مشيرا إلى أنها توخت ربط الماضي بالحاضر واستحضار المعارك البطولية التي قادتها قبائل منطقة دبدو ضد المستعمر.
وقال السيد بوينيان إنه إذا كانت مختلف المناطق بالمغرب قد عرفت حركات للمقاومة ضد الوجود الاستعماري، فإن مدينة دبدو ومحيطها لم تخرج عن هذه القاعدة، وذلك بالنظر إلى الوفاء الدائم والتلاحم القائم بين الشعب المغربي وملوك الدولة العلوية الشريفة.
من جانبه، أكد رئيس جمعية ابن خلدون للأبحاث والدراسات في العلوم الإنسانية والاجتماعية وحماية المآثر التاريخية والبيئية بدبدو السيد نور الدين الدخيسي على ضرورة توظيف الرصيد التاريخي للمنطقة في تحقيق التنمية المستدامة، سواء تعلق الأمر بصيانة ذاكرة مقاومة دبدو أو بحفظ الجوانب التاريخية الأخرى للمنطقة.
وأشار، في هذا الصدد، إلى أن جمعيته أعدت مشروعًا يهدف إلى تجميع الرصيد الوثائقي للمنطقة وصيانته من خلال خلق دار الوثيقة التاريخية، مبديا استعداد الجمعية للمساهمة في إغناء فضاء الذاكرة الذي سيتم إحداثه بمدينة تاوريرت.
وتم، على هامش هذه الندوة العلمية، عرض وثائق وصور تؤرخ لمقاومة ساكنة منطقة دبدو للاستعمار، وذلك بمدرسة ابن منظور التي شكلت فضاء للتعايش بين التلاميذ المسلمين واليهود.
كما تم، بالمناسبة، تكريم عدد من المقاومين المنحدرين من منطقة دبدو، فضلا عن تقديم إعانات مالية لعدد منهم ومن ذوي حقوقهم.