طانطان - المغرب اليوم
منحت الدورة 14 لموسم طانطان الفرصة لعشاق القريض أن يسبروا غور "التبراع" أو الشعر الغزلي الشفوي النسائي "حصرا" الذي كانت المرأة الصحراوية تبوح عبره عما تكنه للرجل في عهود عزت فيه وسائل التواصل وكان الشعر الوسيلة المتوفرة.
ووقف عدد من عشاق الكلمة على بعض من أسرار هذا النوع من الشعر خلال ندوة بشأن موضوع "شعر التبراع المجتمع الحساني"، وذلك في إطار موسم طانطان المنظم من قبل مؤسسة ألموكار تحت الرعاية السامية للملك محمد السادس، والتي عرفت مشاركة باحثات ومهتمات سلطن الضوء على أهميته على اعتبار أنه يظهر البلاغة اللغوية للمرأة الصحراوية ومدى إبداعها.
واستعرضت الباحثات المشاركات في الندوة وفقا لما ذكره موقع "le360" تطور التبراع وماهيته واشتقاق اسم هذا اللون من البراعة أو العطاء، وبمعنى آخر محاكاة النساء بالكلمات لكل ما له علاقة بالمرأة الصحراوية "ليس بالضرورة العاطفية" بل حتى أمورا حياتية يومية.
ويُعرف المدير الجهوي لوزارة الثقافة بجهة كلميم واد نون طالب ماء العينين بويا العتيق هذا الشعر، الذي يعتبره البعض ظاهرة صوتية، بأنه لون من ألوان الادب الحساني، خصوصا في جانبه الشعري، أو كما يحلو للبعض أن يسميه بأنه غزل النساء في الرجال.
وأوضح بويا العتيق في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء على هامش الندوة التي حضرها بخاصة رئيس مؤسسة ألموكار فاضل بنيعيش، أن هذ الشعر النسائي مر بمراحل متعددة، حيث كان ينظم مع جهل قائله بالنسبة للعموم، لاعتبارات مجتمعية تتجلى أولا في كون المتبرعة (ناظمة التبراع أو الشاعرة) لا ترغب في البوح بمن تتبرع عليه وذلك بسبب قيود المجتمع التي كانت سائدة آنذاك، مما يستدعي إيصال هذا التبراع عبر وسيط.
ويقول العتيق "قد يكون صديقة أو خادما داخل البيت موثوق به، حيث كانت القيود المجتمعية على المرأة آنذاك شديدة جدا، ليكون "التبراع" بذلك لونا أدبيا "جيدا" سواء من حيث المضمون أومن حيث السبك".
وعرف التبراع مع تطور المجتمع الصحراوي، تطورا مهما إذ أصبح باستطاعة بعض النساء البوح بمشاعرها (ليس بالضرورة غزلا) ولو بطريقة مما جعله يتبوأ المكانة التي يستحقها كلون أدبي "جيد".
وأوضح العتيق أن التبراع "توقف في زمن الحداثة" لانمحاء الحائل الذي كان يحول بين الرجال والنساء، حيث أصبح ممكنا للمتبرعة أن تقول ما شاءت، ولو لم يكن ذلك بطريقة أدبية.
وتتواصل مختلف فعاليات الدورة 14 لموسم طانطان التي تنظم هذه السنة تحت شعار "موسم طانطان: عامل إشعاع الثقافة الحسانية"، وبحضور الصين ضيفة شرف ومشاركة أجنبية أخرى تمثلها دولة الإمارات العربية المتحدة.
ومن فعاليات الموسم، الخيم الموضعاتية المغربية والإماراتية وخيمة ضيفة الشرف الصين الشعبية و"قرية الصناعة التقليدية" التي تمثل الجهات الصحراوية الثلاث للمملكة.
وستعرف الدورة الحالية للموسم تنظيم ندوة بحضور يشارك فيها فاعلون اقتصاديون مغاربة وأجانب وذلك بهدف إنعاش مناخ الأعمال وفرص الاستثمار، والوقوف على الإمكانيات الواعدة في هذا المجال على المستويين العام والخاص وطنيا وبالجنوب المغربي.
ويعد موسم طانطان الذي تم إدراجه من طرف منظمة اليونسكو ضمن التراث الشفهي غير المادي والإنساني عام 2005، والمسجل ضمن القائمة الممثلة للتراث الثقافي غير المادي والإنساني عام 2008 ويختزن جميع مكونات الثقافة الحسانية، لحظة مهمة لقبائل الأقاليم الجنوبية المغربية للاعتزاز بتاريخهم، ومرآة حقيقية تعكس قوة وجمالية الثقافة الصحراوية كموروث حضاري مغربي عريق وحقيقي.