الرباط - المغرب اليوم
على نحو جد محتشم تحضر الثقافة في البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية، بينما تولى الأهمية للقطاعات الاجتماعية كالتعليم والصحة والشغل، وهو ما ينعكس أيضا على أجندات الحكومات المتعاقبة؛ إذ ظلت الميزانية المخصصة لوزارة الثقافة على الدوام أضعف بكثير من ميزانيات باقي القطاعات الحكومية.الكاتب والصحافي عبد العزيز كوكاس أرجع ضعف اهتمام الأحزاب السياسية بالشأن الثقافي إلى وجود إشكال مركزي مرتبط بالتطور السياسي في المغرب يجعل الثقافة “مجرد عربة في القطار السياسي”.وقال كوكاس، إن هذا الوضع الذي جعلت فيه الثقافة في مرتبة دنيا، كان قائما حتى في أزمنة كان فيها زعماء الأحزاب مثقفين قبل أن يكونوا سياسيين، حيث تم الانزياح عن النهج الذي سلكته الحركة الوطنية التي أولت للثقافة أهمية كبرى.وأوضح أن الحركة الوطنية اعتبرت الثقافة أداة من أدوات التحرر من ربقة الاستعمار، “لكن بعد الاستقلال، هيمن السياسيون ذوو الأفق المحدود على الأحزاب السياسية، وجرى استبعاد المثقفين من الأجهزة التقريرية. ومن ثم، احتلت الثقافة هامشا صغيرا في المشروع الوطني لهاته الأحزاب”.تهميش الثقافة في مشاريع الأحزاب السياسية بدأ منذ أواخر سبعينات القرن الماضي واستمر إلى اليوم، “حيث تراجع الفعل الثقافي في تصورات ومشاريع الأحزاب السياسية، ولم تعد الثقافة سوى نقطة صغيرة في جدول أعمال الأحزاب”، يقول كوكاس.
ولفت المتحدث إلى أنه حتى اللجان الحزبية المكلفة بالثقافة تظل قليلة، ونشاطها داخل الأحزاب ضعيف، على خلاف اللجان الأخرى، مثل لجان القانون الداخلي والقانوني التنظيمي التي تعمل بشكل مكثف، وهو ما يفضي إلى تغييب الشأن الثقافي في البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية.وأبرز كوكاس أن هناك معطى آخر يزكي عدم اهتمام الأحزاب السياسية بالثقافة، يتعلق بعدم ترشيحها للأطر والنخب في الاستحقاقات الانتخابية، معتبرا أن إهمال الجانب الثقافي يظل مطروحا في جميع الأحزاب، “وهو ما أوصلنا إلى حياة سياسية بدون روح”.انطلاقا من الاطلاع على البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية خلال الاستحقاقات الانتخابية الأخيرة والاستحقاقات المقررة شهر شتنبر المقبل، يلاحظ أن الثقافة لا تزال “مهمشة”، بينما يتم التركيز على مجالات أخرى، في مقدمتها الشغل والتعليم والصحة.ماجدولين العلمي، عضو المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية مكلفة بالقضايا الثقافية ومنتخبة مفوضة في الثقافة، عزت ضعف اهتمام الأحزاب بالثقافة في برامجها الانتخابية إلى كونها تعتبر الثقافة شيئا ثانويا لا يمكن المراهنة عليه لكسب أصوات الناخبين.وقالت العلمي، وهي أيضا أستاذة بالمعهد العالي للفن المسرحي والتنشيط الثقافي، في تصريح لهسبريس، إن الأحزاب السياسية تراهن على الشغل والصحة والتعليم لكسب أصوات الناخبين، “بينما الثقافة هي الأساس وتتقاطع مع جميع القطاعات وتغذيها”.
ونبهت العلمي إلى العواقب الوخيمة لانتفاء الاهتمام بالثقافة، قائلة: “إذا همشنا الثقافة، فهذا يؤدي إلى انحسار الحس الوطني والانتماء الثقافي. ولكي نتفادى الانزياح في هذا المطب، ينبغي أن نجعل النهوض بالثقافة أولوية، لأنها السبيل الوحيد لترسيخ قيمنا الثقافية والحفاظ عليها”.وأشارت العلمي إلى أن الثقافة هي أيضا رافعة للتنمية، لما تتيح من فرص لإنعاش الشغل وتوفير مداخيل من خلال موارد متنوعة، كالسياحة الثقافية وغيرها، موردة أن حزبها وضع الثقافة ضمن أولويات البرنامج الانتخابي للاستحقاقات المقبلة.وأكدت العلمي أن المغرب يزخر بجميع المؤهلات والإمكانيات التي من شأنها أن تجعل من الثقافة محركا قويا للتنمية، نظرا لما يتوفر عليه من تراث ثقافي مادي ولا مادي.وتوقفت الفاعلة السياسية والثقافية عند إحدى الإشكاليات التي تعاني منها الثقافة في المغرب، وتتمثل في إنشاء مراكز ثقافية ومسارح تظل بدون جدوى، ذلك أن عدم توفير موارد بشرية لتسييرها يجعلها فضاءات إسمنتية مغلقة لا يستفيد منها أحد.
قد يهمك أيضــــــــــــــــًا :
أيمن بنعمر يؤكد أن دعم وزارة الثقافة المغربية يشجع الإبداع الفني