الرباط_ المغرب اليوم
على بعد أيام قليلة من بدء العمل بنظام تعويم الدرهم، بدأت تطفو على السطح توجسات للمواطنين وبعض المحللين الاقتصاديين، بشأن مدى تأثير تعويم العملة المغربية على الاقتصاد المغربي والقدرة الشرائية للمواطنين، لا سيما وأن التجارب التي اعتمدتها اقتصاديات دول نامية، آخرها النظام المصري، كشف أن تلك الدول لم تستطع تحقيق التوازن المالي، بل زادت من أزمتها الاقتصادية بعد تدني عملاتها إلى مستويات جد منخفضة.
وبدل أن يضمن تعويم العملات إعادة التوازن للعلاقات التجارية الدولية، عرف العالم حالة من عدم الاستقرار النقدي بسبب التقلبات المستمرة لأسعار الصرف ومعدلات تغيرها الكبيرة، التي لا تخضع أحيانًا لأي منطق عقلاني بسبب العوامل النفسية التي تؤطر حركة المضاربين العالميين.
تطمينات بنك المغرب
في محاولة منه لطمأنة الرأي العام، اعتبر مدير بنك المغرب عبداللطيف الجواهري، أن المغرب يتوفر على كل الضمانات "من أجل نجاح هذا التعويم الذي سيكون بشكل تدريجي"، مضيفًا أن "التعويم قرار اختياري في الوقت الذي تعيش فيه البلاد وضعًا ماليًا واقتصاديًا عاديًا".
وأكد الجواهري الذي كان يتحدث أثناء مؤتمر صحافي بشأن "الوضعية المالية والاقتصادية للمغرب" في الرباط، الثلاثاء، أنه سيعلن بمعية وزير المال محمد بوسعيد قبل نهاية هذا الشهر أن قرار تعويم الدرهم بشكل رسمي سينطلق ابتداء من الشهر المقبل، مشيرًا إلى أن المملكة المغربية تتوفر على إجراءات وضمانات للحد من الانعكاسات السلبية المتوقعة لقرار التعويم، لا سيما أنه حصل على قرض العام الماضي من صندوق النقد الدولي ضد الأخطار".
ولفت الجواهري في الوقت ذاته، إلى أن قرار التعويم التدريجي يحمل بعض المخاطر، مؤكدًا أن المغرب سيعتمد مشروع تعويم العملة بانتقال تدريجي نحو نظام صرف أكثر مرونة من أجل تعزيز تنافسية اقتصاده وقدرته على مواجهة الصدمات الخارجية.
تحديات تعويم الدرهم
اعتبر الخبير المالي، عبداللطيف بروحو، أن التحرير الكامل لسعر الدرهم سيجعل الاقتصاد المغربي في مواجهة مباشرة وغير مسبوقة مع تقلبات الوضعية الاقتصادية والمالية محليًا ودوليًا، مشيرًا إلى أن القدرة المالية للعملة الوطنية لا يمكن أن تتعزز إلا إذا تم تحقيق حد أدنى من التوازن على مستوى المبادلات الخارجية، وإلا فإن سعر صرف الدرهم سيتدهور بشكل متسلسل إذا تفاقم العجز في المبادلات المالية الدولية للمغرب.
وأضاف بروحو، أن السلطات النقدية ستكون متحكمة جزئيًا في عملية التعويم في الأعوام الأولى مع هامش كبير للتقييس، مبرزًا أن البلاد ستمر نحو التحرير الكامل، وأن بنك المغرب سيرفع يده بشكل نهائي عن ضبط سعر الدرهم بعد أعوام من تهيئة الاقتصاد الوطني للتحرير الكامل، لأن "المملكة المغربية لا زالت في بداية مرحلة تحصين الاقتصاد الوطني، ولا زال الاحتياطي من العملة الصعبة يراوح مكانه ويخضع لتقلبات وضعية المالية العمومية".
واعتبر بروحو أن "أي انخفاض في قيمة الدرهم سيؤدي بشكل مباشر لارتفاع نسبة التضخم، وهي النسبة التي تبدأ خطورتها إذا تجاوزت معدل 5 أو 6 في المائة، في حين يعتبر ارتفاع قيمة العملة الوطنية سببًا في انخفاض الأسعار أو على الأقل استقرارها".