واشنطن ـ رولا عيسى
التقطت بعض الصور لعدد من العلماء يرتدون زي رواد الفضاء ويتجولون في الطريق الأحمر، فيما يبدو وكأنه عملية جمع عينات من الأحجار أو محاولة لرسم خريطة للموقع. وبعد انتهاء الرحلة، سيعود هؤلاء إلى وحدة إعاشة أشبه بالنموذج الأسبرطي، إذ يعيش الجميع في حالة من التقشف لندرة المياه، والكهرباء، والغذاء والأكسجين، بعيدًا عن أوطانهم. ومنذ الوهلة الأولى، ينتاب المشاهد الشعور بأنها صور من فيلم خيال علمي، تدور أحداثه على كوكب المريخ، إلا أن ذلك ليس صحيحًا، إذ أُرسل هؤلاء العلماء إلى صحراء يوتا في غرب الولايات المتحدة في مهمة بحثية. وتستهدف المهمة إثبات جدوى مسح سطح المريخ وعمليات استكشافه بواسطة آدميين، وذلك من خلال الاعتماد على صحراء يوتا الأميركية للقيام بعمليات مسح واستكشاف تجريبية في هذه المنطقة للتشابه الكبير بين البيئة في يوتا وبيئة المريخ. يُسمى هذا المشروع محطة بحث صحراء المريخ، إذ تُستغَل الصحراء في يوتا كموقع اختباري، تتم فيه عمليات ميدانية استعدادًا لإرسال بعثات بحثية بشرية إلى الكوكب الأحمر. ويرتدي العلماء في هذه البعثة التجريبية زي رجال الفضاء ويحملون على ظهورهم حقائب الإمدادات، ويعيش الرواد التجريبيون معًا في قاعدة اتصال صغيرة، تتوافر فيها بعض الضروريات فقط على أن يتم إنتاج أو تركيب أو استبدال كل ما من شأنه الحفاظ على حياة الطاقم البحثي داخل القاعدة أو موقع العمل. هذا وتم اختيار مدينة هانكسفيل، لتنفيذ المهمة البحثية التجريبية لقرب الشبه بين البيئة هناك، وبين البيئة على سطح المريخ. ويتكون الفريق البحثي من ستة من العلماء من بينهم علماء جيولوجيا، ومهندسون وبيولوجيون، يكونون فريقًا من الباحثين المتطوعين الذي يستهدف تطوير أساليب ميدانية لدراسة مسح الكوكب الأحمر. ويقوم الخبراء والعلماء المتضمنون في الفريق بالبحث التجريبي الميداني في إطار أعمال مشروع محطة بحث صحراء المريخ بكل ما يقوم به رواد الفضاء من أعمال ومهام، مثل انتقاء عينات الصخور والعودة بها إلى وحدة الإعاشة للتحليل، إضافة إلى دراسة جولوجيا و جيومورفولوجيا المنطقة. وعن المشروع يقول بعض مسؤولي محطة المحاكاة إن "المريخ يعتبر من التحديات البحثية التي تواجه العلماء في الوقت الراهن، إذ تستهدف جميع الدراسات في المجالات كافة، اكتشاف ما إذا كانت ظاهرة الحياة موجودة على سطح هذا الكوكب أم لا، من خلال الكشف عن أوجه الشبه بين الكوكبين، إذ يعتبر المريخ هو حجر رشيد بالنسبة لاكتشاف ما إذا كانت الحياة مقصورة على كوكب الأرض أم أنها موجودة في كواكب أخرى من هذا الكون الفسيح؟. ويزيد من أهمية كوكب المريخ في اكتشاف ظاهرة الحياة، وتسليط المزيد من الضوء عليها في كواكب أخرى غير الأرض في أنه أقرب الكواكب إلى الأرض، ومن ثمّ تكون الدراسة والبحث على سطح هذا الكوكب، ضرورية للبدء في بحث إمكان انتشار الجنس البشري وحياته في جميع كواكب المجرة أو غيرها من كواكب المجرات الأخرى. كما تم اختيار الموقع التجريبي لدراسات صحراء المريخ في صحراء يوتا، لما يتوافر بها من خصائص وظروف تشترك فيها مع الكوكب الأحمر على مستوى الظروف البيئية، الخصائص الجيولوجية والسمات البيولوجية. هذا ويتدرب الفريق البحثي على الكثير مما يتدرب عليه رواد الفضاء، ويتعرض الطاقم للكثير من التجارب التي تجعلهم مستعدين للقيام برحلة إلى الفضاء وإنجاز مهام علمية وبحثية على سطح المريخ.