واشنطن - يوسف مكي
قرّرت عملاق الإلكترونيات شركة "آبل" الدخول في منافسة مباشرة مع كبرى المساعدات الشخصية المنزلية، مثل "غوغل هوم" و"أمازون إيكو" بإطلاق مساعدها "سيري" على شكل سماعة منزلية تستمع إلى أوامر وأسئلة المستخدم وتبحث عن الإجابة في الإنترنت وتشغل الموسيقى، كما قررت تطوير وظائف أجهزة "آيباد" اللوحية لتصبح أشبه بالكومبيوترات المحمولة، مع الدخول في مجال الواقع المعزز وإيجاد منصة برمجية وبيئة تطبيقات غنية للمستخدمين.
وكشفت الشركة عن هذه التقنيات في مؤتمر المطورين WWDC 2017 الأسبوع الماضي من مدينة سان فرانسيسكو الأميركية. مساعد “هوم بود” أطلقت الشركة اسم “هوم بود” HomePod على مساعدها المنزلي الجديد الذي يستخدم موجات خاصة للتعرف على العوائق في الغرفة وتعديل درجة ارتفاع الصوت وفقاً لذلك. ويمكن للمستخدم الاستماع إلى الموسيقى الموجودة في خدمة “آبل ميوزيك” عبر الإنترنت من خلال السماعة، مع القدرة على سؤال أسئلة مرتبطة بالأغنية التي يستمع إليها، مثل “ما اسم المغني؟” أو “ما الألبوم الذي أطلقت فيه هذه الأغنية؟”، وغيرها.
وستطلق السماعة في لونين؛ الأبيض والأسود وبسعر 943 دولاراً في الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا في شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، وفي الأسواق الدولية خلال العام المقبل. وبالمقارنة مع المساعدات المنافسة، فنجد أن مساعد “هوم بود” أكثر تكلفة، حيث يبلغ سعر منافسه “أمازون إيكو” النصف تقريبا (180 دولاراً)، بينما يبلغ سعر مساعد “أمازون إيكو شو” Echo Show الذي يستخدم شاشة لعرض المحتوى عليها 230 دولاراً، مع إطلاق إصدار “أمازون إيكو دوت” بسعر 50 دولاراً فقط، بينما يبلغ سعر مساعد “غوغل هوم” 129 دولاراً.
ونذكر كذلك مساعد “سونوس” الذي يبلغ سعره 199 دولاراً. وبالنظر إلى الخدمات التي تدعمها هذه المساعدات المنزلية، نجد أن مساعد “هوم بود” محدود بخدمة “آبل ميوزيك”، بينما تدعم المساعدات الأخرى خدمات متعددة، مثل “سبوتيفاي” و”باندورا” لمساعدي “غوغل هوم” و”أمازون إيكو”، وأي خدمة ممكنة بالنسبة لسماعة “سونوس”. وباختصار، فإن نطاق عمل مساعد “هوم بود” محدود بما تقدمه “آبل” فقط عوضاً عن المنصة المفتوحة التي تقدمها المساعدات الأخرى، والتي تستطيع تلك المساعدات تعلمها وإضافة وظائفها بسهولة من خلال تطبيق المساعد على الهاتف الجوال.
وبمقارنة سريعة لخدمات الموسيقى التي تدعمها هذه المساعدات، نجد أن “آبل” تدعم خدمة واحدة فقط، بينما يدعم “أمازون إيكو” 9 خدمات، و4 خدمات في “غوغل هوم” وأكثر من 14 خدمة في “سونوس”.
كما يعتبر هذا المساعد الأكثر وزنا بـ2.5 كيلوغرام، مقارنة ب 1.1 كيلوغرام لـ”أمازون إيكو”، و476 غراما لـ”غوغل هوم” و1.9 كيلوغرام لـ”سونوس”. ولا يجب الحكم على السماعة الآن، ذلك أنها ستطلق بعد أشهر كثيرة في الأسواق، ولا يصح مقارنتها بخدمات أكثر نضوجاً وموجودة في الأسواق منذ فترة أكبر. ولكن معرفة الوضع الحالي قد يساعد المستخدم على اتخاذ القرار حول المساعد الأنسب لاحتياجاته.
وإن كان يستخدم خدمات “آبل” والأجهزة التي تدعمها، مثل الملحقات الذكية في المنزل والمصابيح والمكيفات الذكية، فلا مشكلة لديه. أما إن كان يستخدم ملحقات من شركات متعددة، فقد تكون المساعدات الأخرى أكثر ملائمة، أو قد يستطيع الانتظار إلى حين إطلاق مساعد “هوم بود” لمعرفة ما إذا كانت “آبل” ستدعم تلك الملحقات أم لا.ومن شأن هذا المساعد المنزلي الجديد إضافة المزيد من الضغط على شركة “سامسونغ” التي تطور حاليا مساعدها الشخصي “بيكسبي”، حيث إن “آبل” و”غوغل” أصبحتا تقدمان مساعدات في أجهزتهما وفي المنازل، ويجب إقناع المستخدمين بالفائدة من استخدام “بيكسبي”، مقارنة بغيره من المساعدات الموجودة في الأسواق، وخصوصاً أنها أصبحت متكاملة داخل سماعات منزلية للتفاعل اليومي معها.
تطوير الأجهزة اللوحيةوبالنسبة لنظام التشغيل الجديد “آي أو إس 11” الذي سيطلق في خريف العام الحالي على الأجهزة المحمولة، فلا تقتصر وظيفته على إصلاح بعض الثغرات الأمنية وتطوير واجهة الاستخدام، حيث ستصبح أجهزة “آي باد” اللوحية أقرب إلى كومبيوتر “ماك” أكثر مما مضى، ذلك أنه يقدم شريطاً للتطبيقات أسفل الشاشة بشكل يشابه ذلك الموجود في الكومبيوترات التي تعمل بنظام التشغيل “ماك أو إس”، مع اختفاء الشريط عند عدم استخدامه، ومعاودة ظهوره لدى تحريك إصبع المستخدم إلى الأعلى. كما ستعود التطبيقات إلى وضعيتها السابقة عند تشغيلها مرة أخرى (أي أن التطبيق الذي كان يعمل في نصف شاشة سيظهر في النصف المخصص له ولن يظهر على كامل الشاشة إلا أن طلب المستخدم ذلك).
ومن النتائج الجانبية لهذه الميزة عدم الحاجة لاستخدام زر الشاشة الرئيسية بشكل مكثف بعد الآن.وأصبح نظام التشغيل الآن يدعم جر ملف من أي مكان ووضعه فوق أيقونة التطبيق الذي يرغب المستخدم بتشغيله، ليفتح نظام التشغيل ذلك الملف في التطبيق المختار. ويمكن استخدام هذه الميزة لتحرير الصورة في برامج مختلفة، أو تشغيل ملف فيديو في مشغل خاص، أو إرفاق ملف ما في رسالة بريد إلكتروني، وغيرها. ويكفي اختيار ملف واحد والضغط عليه مطولاً ليستطيع المستخدم اختيار عدة ملفات ونقلها بشكل جماعي إلى مكان آخر.وعلى الرغم من أن هذه التعديلات التي تحول “آي باد” إلى كومبيوتر شخصي محمول قد تجعله أكثر صعوبة للاستخدام بالنسبة للمستخدمين العاديين، فإن هذا الأمر سيسهل التنقل بين الكومبيوتر الشخصي والأجهزة اللوحية في واجهة استخدام متقاربة.
ويرى البعض أن هذه العملية هي بداية لتحول الشركة للتركيز على الأجهزة اللوحية أكثر من الكومبيوترات الشخصية. ويضيف نظام التشغيل الجديد بعض القيود إلى آلية الاستخدام بحيث لن يستطيع المستخدم تسجيل دخوله إلى كثير من التطبيقات باستخدام معلومات حساباته من الشبكات الاجتماعية، وسيكون مضطراً لكتابة اسم المستخدم وكلمة السر الخاصة بالتطبيق لتسجيل دخوله. تطوير الواقع المعززوبالنسبة لتقنية الواقع المعزز، أطلقت الشركة منصة “إيه آر كيت” ARKit البرمجية التي تسمح للمبرمجين استخدام بيانات الكاميرا ومستشعرات الميلان في الهاتف لصنع صورة رقمية ثلاثية الأبعاد للعناصر المختلفة الموجودة حول المستخدم، ومن ثم التفاعل معها بطرق مبتكرة.
وتأتي هذه التقنية لتنافس تقنية “غوغل تانغو” Google Tango الخاصة بالواقع المعزز التي أطلقتها الشركة في صيف عام 2014، وتقنية الواقع المعزز الخاصة بشبكة “فيسبوك” التي تستخدم برمجيات معقدة لتعلم آلية تفاعل العناصر مع بعضها البعض. ولكن الميزة الإيجابية لتقنية “آبل” هي أن الشركة تستطيع إضافة الدارات الإلكترونية اللازمة إلى جميع هواتفها المقبلة لتصبح منصة شاملة، على خلاف الهواتف التي تعمل بنظام التشغيل “آندرويد” التي تصنعها عدة شركات، والتي ينبغي عليها أن تضيف الدارات المذكورة إلى هواتفها، ليصبح السوق متقطعا وغير شموليا بالنسبة لـ”غوغل”.
وبالحديث عن تقنية “تانغو”، فهي تستفيد من ميزة وجود كاميرا إضافية خاصة بقياس عُمق وبُعد العناصر، على خلاف الكاميرا العادية الموجودة في “آي فون” التي لن تستطيع توفير المعلومات بالدقة نفسها مقارنة بـ”تانغو”. مثال آخر هو قدرة كاميرات “تانغو” على مسح الغرفة ككل ضوئيا وبناء مجسم متكامل لها في فترة زمنية قصيرة، بينما يجب استخدام ملحقات خاصة منفصلة في حالة الأجهزة التي تعمل بنظام التشغيل “آي أو إس”.ونتيجة لوجود هذه التقنية في أيدي “آبل”، فيتوقع أن تُطلق الشركة نظارات واقع معزز قريباً بعد تجربة هذه التقنية في الأسواق لبضعة أشهر أو عام، لتجد تلك النظارات عشرات أو مئات التطبيقات الجاهزة أو التي يمكن تعديلها قليلاً لتدعم العمل على النظارة، ولتواجه مصيرا أفضل من نظارات “غوغل غلاس” التي لم تجد الدعم الكافي من المطورين عند إطلاقها في عام 2013.