واشنطن - رولا عيسى
هو شرٌّ على الرغم من أنه مقنع. ملاهٍ مستقبلية تجري فيها ممارسة الجنس مع الفتيات، حيث يتواجد فيها أهل المدن من الأميركيين الأصليين. ولكن قصة جديدة من الدراما التلفزيونية "سكاي أتلانتيك" على "وستوورلد" حيث يطرح الإساءة إلى الروبوتات شبه النابضة بالحياة من أجل إسعاد الإنسان. وقد أثار الأمر مجموعة من الأسئلة المقلقة حول العنف والاستغلال الجنسي ومتى ستصبح هذه الروبوتات الشبيهة بالإنسان حقيقة واقعة.
والجواب قريب جدًا لأن مصنعي الشرق الأقصى يعملون بالفعل على خلق آلات جديدة متمثلة في ربوتات الجنس ذات مظهر دقيق بشكل مدهش وستكون متاحة تجاريًا في وقت قريب بحيث يتوقع أن يبدأ طرحها في الأسواق العام المقبل، وهذه الموجة المقبلة من روبوتات الجنس ستكون مشابهة للبشر في المظهر والحجم كما سيكون لديها أعضاء تناسلية تشبه الإنسان وسوف تسمح بالجماع حسب توجه وذوق صاحبها.
ويجري تطوير الروبوتات في مصنع شركة "أبيس كرييشنز" في كاليفورنيا ، ومن المرجح أن يتم عرضها للبيع بالتجزئة مقابل 15 ألف دولار (12300 جنيه إسترليني) لكننا نستطيع أن نجزم بأن بأن الشركات المنافسة في أميركا واليابان وكوريا تتدافع للحاق بها.
وقد قام العلماء فعليًا بتصنيع روبوتات قادرة على المشي ولعب كرة القدم وصعود الدرج والنفخ في البوق والأعمال الفنية وغيرها من الأشياء الأخرى الى جانب مخلوقات اصطناعية بخلاف أنيتا الخاصة بـ"جيما تشان" والروبوت الخادم "سنث" على القناة الرابعة الشهيرة بالدراما البشرية والتي تعود هذه الليلة ولكن أحدث تقدم في مجال الروبوتات الاجتماعية يعد ثورة لا تزال تمثل أكثر من صدمة لأنها تأتي في مجال العلاقات الإنسانية الحميمة.
وكخبير في مجال الإلكترونيات الاستهلاكية هذا هو المجال الذي درسته لبعض الوقت، وفي البداية كتبت عن الحب والجنس مع الروبوتات قبل عقد من الزمان بحجة أنه ليس الناس فقط هم من يقعون في الحب مع الروبوتات وممارسة الجنس معهم ولكن يمكننا أيضًا الزواج بالروبوتات بحلول عام 2050 ولم أرَ شيئًا حتى الآن ليغير توقعاتي.
وتشمل العناصر الرئيسية لخلق روبوتات الجنس مزيجًا من دمية الجنس الخاصة بالكبار والتي تباع في الولايات المتحدة مقابل 5 آلاف دولار أو أكثر، بالإضافة إلى بعض صفات ألعاب الجنس الإلكترونية مثل تكنولوجيا الاهتزاز، وهناك بعض التقنيات الإضافية مثل عناصر تدفئة لمحاكاة دفء الجسد والكلام الاصطناعي لتمكين الروبوت من إجراء حديث مع أحبائه بطريقة جذابة ومثيرة.
ويمكننا أن نتوقع أن تكون أول روبوتات تشبه الدمى الحقيقية الآن مكلفة، ولكن دمى جنسية من السيليكون مزودة بتفاصيل في أميركا لكن مع مزيد من "الوظائف"، وسيكون هذا على نطاق محدود في البداية مثل بعض الكلمات الأساسية والحركات والاهتزازات البسيطة في استجابة للمس، والنقطة الحقيقية هي أن رغم ذلك ومع مرور الوقت بأنها ستصبح أكثر من شبيهة بالبشر مع تقدم التكنولوجيا والمواد الحديثة ما يجعلها متاحة ومتوفرة بسعر مناسب.
ويعد الجلد الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من أجهزة الاستشعار الإلكترونية ما سيمكن الروبوتات من التفاعل من خلال المتعة (الاصطناعية) عند مداعبتها على سبيل المثال، وكما يحسن باحثو الذكاء الاصطناعي جودة الحديث من خلال الحاسوب. وسوف تطور الروبوتات المهارات المطلوبة للإغواء والهمس أثناء ممارسة الحب، كما ظلت "هانسون روبوتيكس" ومقرها هونغ كونغ في الطليعة من خلال تصنيعها للروبوتات شبيهة الإنسان منذ عدة سنوات وكذلك اليابان من خلال الرائد في مجال الروبوتات شبيهة الإنسان وهو البروفسور والمصمم هيروشي ايشيجورا في أوساكا، وفي الواقع فإن إصدارات إيشيجورا من الروبوتات تعد مقنعة بالنسبة له لدرجة أنه يرسلهم لإلقاء محاضرات عندما يكون منشغلًا، وكان المظهر على الأقل نابض بالحياة بشكل مذهل.
ولكن عندما يتعلق الأمر "آلة الجنس" المصنوعة من قبل "أبيس كرييشنز" والتي بدأت حياتها قبل 20 عامًا تعد رائدة، ولا تنسَ ألعاب الجنس الإلكترونية والمصطلح تقني لها "العضو الاصطناعي " والتي كانت متاحة منذ عقود، ويتوسع المجال بصورة سريعة حيث سيعقد المؤتمر الدولي الثاني عن الحب والجنس مع الروبوتات في شهر ديسمبر/كانون الأول في جامعة "غولدسميث" في لندن.
وكان المؤتمر قد ألغي في العام الماضي وكان من المقرر انعقاده في ماليزيا لأن رئيس الشرطة في كوالالمبور أصدر مرسومًا يقضي بأن موضوع المؤتمر غير أخلاقي. كما أعلن أنه سيسجن الجهات المنظمة وأنا من بينهم إذا بدأنا فعاليات المؤتمر.
وليس لدي شك أن البعض سيجد الأمر غريبًا، ولكن يمكننا أن نكون واضحين بشأن هذا وهو أن الإعلان عن الروبوتات المتجاوبة جنسيًا سيكون لها عواقب هائلة، كما شهدنا بالفعل تغيرات سريعة في العلاقات البشرية بفضل الإنترنت والموبايل ووسائل التواصل الاجتماعية والذي تسبب فيه نفس الانتشار التكنولوجي من زيادة كبيرة في اللقاءات الحميمية من كل نوع يمكننا تجربته من خلال الشاشات، وسيمكننا التقدم الكبير المقبل من استخدام التكنولوجيا في اللقاءات الحميمة مع التكنولوجيا نفسها من حيث الوقوع في حب التكنولوجيا وممارسة الجنس مع الروبوتات والزواج بها، وقد أظهر الناس بالفعل ميلهم إلى الانخراط بنوع من العلاقة مع التكنولوجيا فعلى سبيل المثال الملايين الذين حاولوا مغازلة أو إهانة "سيري" والمساعدين الآخرين عبر الإنترنت وقد حصد مقطع "مايكينغ سيري تاك ديرتي" على اليوتيوب حوالي 1.3 مليون مشاهدة وما بعده حصد شعبية أكثر حيث حصد 2.2 مليون مشاهد.
و الخيالات التي تميز العلاقة بين البشر والروبوتات ليست بالشيء الجديد. فبدءًا من كتاب ليفينز "ذا ستيبفورد وايفز" والذي تم تصوير للمرة الأولى في عام 1975 وحتى القائمة المتزايدة من الإنتاجات الأخيرة والحالية مثل "لارا آند ذا ريل غيرل" و"هير" والمسلسل التلفزيوني "هيومنز" والآن "وستوورلد"، ويهتم مات كاكمولين مؤسس أبيس كرييشنز بضمان بأن تتمتع دميته في المستقبل بكل مظهر للاستمتاع بتجاربهم "الجنسية" حيث قال "أود أن يتطور الناس عاطفيًا في الواقع وليس الروبوتات فقط. ولكن الطابع الحقيقي لتطوير هذا النوع من الحب الذي سيكون موجودًا".
وبالطبع هناك شكوك حيث قالت الدكتورة كاثلين ريتشاردسون من جامعة دي مونفورت إنها بدأت حملة ضد روربوتات الجنس بحجة أنهم سوف يشجعوننا على مراعاة البشر الحقيقيين وكأنهم ليسوا أكثر من مجرد "أشياء" حيث قالت "إن دمى الجنس مستوحاة من طرق الارتباط التي لا تتطلب عاطفة من خلال تعزيز وغرس هذه الكائنات ونحن في الواقع نعزز طرق الحياة غير المبنية على العاطفة مثل البالغين".
وبالتأكيد فإن انتشار روبوتات الجنس كشركاء سيثير تساؤلات صعبة حول مستقبل العلاقات وبعد كل شيء فعلى ما يبدو انه لا مفر من أن روبوتات الآندرويد الشبيهة بالإنسان في نهاية الأمر ستكتسب العواطف المتطورة المصطنعة والشخصيات المصطنعة أيضًا، وقد كشف بحثي على مدى العقد الماضي بأن الأسباب الرئيسية لجعل الإنسان يقع في الحب يمكن أن تنطبق أيضًا وبشكل متساو على العلاقات بين البشر والروبوتات ومثال على هذا هو التشابه حيث يميل الناس لمن يشبهونهم أو أكثر أهمية ربما في المستوى التعليمي والتوجهات والمصالح المشتركة وسيكون من الممكن محاكاة كل هذه الخصائص من خلال برنامج ذكاء اصطناعي متطور، وأسباب أخرى مشتركة للوقع في الحب هي معرفة أن هذا الشخص يحبه شخص آخر.
ومرة أخرى فسيكون واضح نسبيًا بالنسبة للباحثين الذين يعملون على الشخصيات المصطنعة لتطوير البرمجيات التي تحاكي الإعجاب والحب للروبوت باعتباره شريك للإنسان ولإثارة مصلحة الإنسان في المقابل، كما ان هناك بعض الأسئلة الواضحة والصعبة مثل هل يعتبر من الغش للزجة أو الشريك إذا مارست الجنس مع روبوت على سبيل المثال؟ الإجابة في نظري "لا"، وإذا كان استخدام الهزاز لا يعد غشَا حيث يقدر عدد النسائ التي تشتريه في بريطانيا بحوالي 2.5 مليون امرأة كل عام إذًا لم تعد ممارسة الجنس مع الروبوت نوع من أنواع الغش؟
لذا أعتقد أن روبوتات الجنس ستكون نعمة كبيرة على المجتمع فعلى سبيل المثال فهي تشجع على المزيد من الصراحة في ما يتعلق بالأمور الجنسية، فيمكن أن تكون الربوتات بمثابة المعالج الجنسي وبالنسبة للأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية وجنسية فهم ليسوا بحاجة إلى خدمات البشر الباهظة بعد الآن، ثم هناك صراحة حيث ستقضي روبوتات الجنس على الفراغ الكبير فيما يتعلق بالوحدة والناس غير المحبوبين وخلق نوع من الإشباع العاطفي والجنسي بدلًا من شعورهم بالوحدة والإحباط الجنسي الذي يفسد حياتهم فهناك الملايين من الناس حول العالم يعيشون وحيدين لأن ليس لديهم من يحبهم، وقد يكون هذا لعدة أسباب أخرى مثل الخجل أو المعاناة من الكبت النفسي والجنسي، وقد يكزن هؤلاء الناس من غير المقبولين في المجتمع لسبب أو لآخر مثل القبح والنظافة الشخصية والافتقار إلى المهارات الاجتماعية وعدم القدرة على إثارة الاهتمام وخلق أحاديث مسلية على المستوى الصحيح مع من يجدونهم جذابين.
وبالنسبة لهؤلاء الأشخاص الذين يتحدون المجتمع فهناك سؤال آخر مناسب هو ليس "لم من الأفضل أن تحب وتمارس الجنس مع روبوت بدلًا من إنسان عادي؟ ولكن هل من الأفضل أن تحب وتمارس الجنس مع روبوت أو ألا تحب أو تمارس الجنس على الإطلاق؟" وبالتأكيد ستكون هناك وجهة نظر لأبيس كرييشنز حيث يستعدون حاليًا لإطلاق أول "آلة جنس" على الكوكب للتجارة وحتى هذه اللحظة على الأقل فالمستقبل لهم.
ديفيد ليفي هو مؤلف الحب والجنس مع الروبوتات (هاربر كولينز) وحصل على درجة الدكتوراة من جامعة ماسريخت عن أطروحته بشأن هذا الموضوع تحت عنوان "العلاقة الحميمة مع الشركاء الاصطناعيين".