مونتريال ـ المغرب اليوم
كشفت مؤسسة «أونفيرونيكس» الكندية في دراسة نشرت أخيراً وإستغرق إعدادها نحو عامين (من تشرين الثاني - نوفمبر 2015 إلى شباط - فبراير 2016)، أن عدد المحجبات في كندا إلى إزدياد، وأن حوالى نصف النساء المسلمات محجّبات، مشيرة إلى أن «أكثر من 48 في المئة منهن يضعن حجاباً على رؤوسهن في الأماكن العامة، في مقابل حوالى 38 في المئة عام 2006، أي بزيادة 10 في المئة».
كما أظهرت الدراسة أن «6 في المئة يرتدين النقاب والجلباب الإسلامي»، والمسلمات المحجّبات الوافدات حديثاً هن «أقل تعليماً»، فضلاً عن أن الطالبات المججبات في مختلف المراحل التعليمية إلى تزايد. وأشارت إلى أن «يوم التضامن مع الحجاب» الذي تحتفل به العاصمة الكندية أوتاوا في 25 شباط، أصبح مناسبة سنوية ودعوة لإرتدائه من قبل المسلمات والكنديات.
خلفيات «هجمات 11 أيلول»
وكانت مسألة الحجاب في كندا أثيرت للمرة الأولى على خلفية أحداث 11 أيلول (سبتمبر) 2001 في الولايات المتحدة. وعدّ إرتداؤه حينذاك من المؤشرات الإرهابية. وسرعان ما اتسعت دائرة الإسلاموفوبيا في مقاطعة كيبيك، وأدرج الحجاب في نقاشات مستفيضة في إطار ما سمي «الملاءمات المعقولة»، عبر لجنة بوشار- تايلور عام 2008، إضافة إلى تشدد «شرعة القيم الكيبيكية» عام 2013 في العلمنة ومنعها المظاهر الدينية، بما فيها إرتداء الحجاب في المرافق العامة (المدارس والجامعات والمستشفيات والبلديات ومراكز الشرطة والمحاكم وغيرها). وخلافاً لحملات التضييق على الحجاب خلال حكم الحزب الكيبيكي وحزب المحافظين، فقد لاقى قبولاً وترحيباً واسعين في عهدي الليبيرال الكيبيكي والكندي، وتنامى عدد المحجبات في مجمل المقاطعات وفي معظم قطاعات العمل والإنتاج.
إختراقات واعدة
في عام 2013 سمحت شرطة مدينة إدمنتون عاصمة في مقاطعة ألبرتا (غرب، تضم 900 ألف نسمة، حوالى 3 في المئة منهم مسلمون) للمحجّبات بالانضمام إلى جهاز الشرطة. واعتمدت لهن زياً رسمياً خاصاً يغطّي الشعر والعنق ويحترم المعايير الدينية والمهنية. وأوكلت تصميمه إلى خياط إختصاصي في الألبسة الإسلامية ليليق بالوظائف الأمنية.
ويتميّز هذا الزي ببساطته وأناقته وعدم إعاقته للحركة في ارتدائه أو خلعه أو أثناء الخدمة. وتوصّل جهاز الشرطة بعد اختبارات عدة، إلى أن «الحجاب لا يشكّل أي خطر على المحجبة التي ترتديه ولا يُنقص من فعاليتها، ولا يتصادم مع مهماتها كشرطية خلال تعاملها مع المواطنين».
وتشدد شرطة المدينة على انضمام النساء إلى صفوفها، مشيرة إلى أن أكثر من 350 امرأة يعملن في أجهزتها الأمنية، وأن باب التطوّع مفتوح أمام الراغبات سواء كن محجبات أو سافرات.
وقالت ثريــا حافــــظ رئيسة «المجلس الكندي للمرأة المســلمة» - فرع إدمنتون، أن «المسلمين رحــّبوا بالقرار الإيجــــابي وتـــلقوه بـفرح وارتياح». ودعت إلى التــــرويج لارتداء الحجاب في دوائر الشرطة والمساجد والجمعيات الإسلامية والجامعات.
ورحّــبت إدارة شــرطة إدمنتون في ارتداء الحجاب ورأت فيه «رمزاً يجسد التنوع الديني والاجتماعي والثقافي في المدينة، ويسهل انخراط المرأة في الأجهزة الأمنية ومشاركتها في الحفاظ على السلامة العامة»، معتبرة أن «الحجاب الذي يتوّج البزة الرسمية، خطوة مهمة نحو مشاركة المرأة المسلمة في الحياة العامة واندماجها بها وكسر تابو التمييز والإنغلاق».
تورونتو أكثر تنوّعاً
ويؤكّد مدير «وحدة التنوّع» في شرطة تورونتو أندريه غو، أن جهازه ضمّ أول محجبة قبل عامين من اعتماده في إدمنتون. ولم يكن لدى المواطنين أي رد فعل سلبي إزاء ظهور محجّبات يُشهرن إنتماءهن للدين الإسلامي».
وأجاز رئيس قسم الشرطة في المقاطعة بيل بلير إرتداء اللباس الشرعي للمسلمة، مشيراً إلى أن منى طباش، كانت أوّل شرطية مسلمة محجبة في تورونتو، موضحاً أن عدد أفراد الجالية المسلمة بكندا في إرتفاع مستمرّ، ما يستدعي فتح الأبواب أمام هذه الفئة وتفهّم إنتمائها الديني. واعتبر أن طباش نموذج مشجّع للمسلمات المحجبات المتردّدات في الالتحاق بالشرطة الكندية، بسبب إلتزامهن الديني، لافتاً إلى أن «الشرطة الكندية تحترم النظام الغذائيّ للعناصرالمسلمة من الجنسين وتوفّر لهم أطباقاً حلالاً».
وفي المجال الأمني أيضاً، كانت وفاء الدباغ أول مسلمة ترتدي الحجاب في قوات الجيش الكندي وترتقي إلى درجة ملازم، وتنال ميدالية الخدمة الممتازة، إلا أنها أصيبت بمرض السرطان وتوفيت عام 2010.
وعلى الصعيد الإعلامي، كانت جينيلا ماسا أول محجّبة كندية تطل على الكنديين عبر الأثير ثم على شاشة قناة «سي تي في»، وتعمل حالياً في قناة «سي تي نيوز» في تورونتو.