أغادير - المغرب اليوم
أدانت المحكمة الإبتدائية في أغادير، سيدة أربعينية بشهرين حبسًا نافذًا وغرامة مالية قدرها 500 درهم إثر تورطها في جنحة النصب والتسول بإستعمال جواز سفر سوري مزور، وتدعى المعتقلة "الخريبكية" ولم تكن تدري يوما ما أن الأيام ستنتهي بها داخل السجن ، فبعد أن تزوجت من شخص رزقت منه بطفلين لم يكتب لهما أن ينعما بطفولة سعيدة في كنف الأسرة كغيرهم من الأطفال نظرا لإحتدام الصراع بين الأبوين وتوالي التوتر يوما بعد يوم، الشيء الذي عجل بإنتهاء ميثاق الزوجية بينهما.
ومع طلاق الخريبكية أصبح تحمل أتعاب الحياة اليومية وتوفير القوت اليومي لطفليها مستحيلا وصعبا ، سيما أن طليقها تنكر لها ولم تجد بدا من السفر صوب مدينة أغادير بحثا عن عمل يقيها من دهاليز الحياة المظلمة ويجتثها من الفقر المدقع الذي تتخبط فيه إلا أن حظها التعيس لم يسعفها في الحصول على عمل شريف في المدينة، ووجدت نفسها تزاحم اللاجئيين السوريين والأفارقة بمدارات الطرقات بمختلف أحياء أغادير وتمد يدها إلى نوافذ السيارات المارة عساها تظفر بدريهات تساعدها على تغطية مصاريف الإيجار والمأكل والمشرب وسد رمق طفليها اللذين يرافقانها في كل تحركاتها بمقاطع الطرق .
وتنتقل السيدة، هنا وهناك وتغير في تمركزها نظرا لكثرة المتسولين الأفريقيين والسوريين والمغربيين ولكون المارة يفضلون التصدق على اللاجئيين السوريين والأفريقيين ولا يكثرتون لتوسلها وصرخات طفليها ، وهو الأمر الذي حز في نفسها كثيرا وحاولت في كل مرة تجتمع فيها مع بعض السوريين والأفريقيين الذين تعرفت عليهم أثناء تواجدها بمدارات الطرقات إطلاعهم على الأمر وإفصاحها عن غيضها لتحيز المغاربة لهم دونها.
وإقترحت عليها صديقة سورية، أن تنتحل صفة متسولة سورية، و تساعدها على تعلم اللهجة السورية وسيكون ذلك فأل خير عليها وستنعم بعطف المارة ويكون دخلها اليومي كبيرا مقارنة مع البقاء في صفتها الأصلية، وعندما ذهبت الخريبكية إلى غرفتها التي تستأجرها في أحد الأحياء الشعبية الهامشية في أغادير ترددت كلمات صديقتها السورية في أذنيها طيلة تلك الليلة وعزمت في الصباح الموالي أن تخوض المغامرة وتنتحل صفة أم سورية وزودتها صديقتها بجواز سفر سوري ألصقت به صورتها وبدأت تعرضه على كل من يمر بمحاذاتها .
وأضحت الدراهم والإكراميات تتقاطر عليها ما شجعها كثيرا على الإبحار في سفينة الحياة الجديدة ، وفي ظرف شهرين تحسنت حياتها وتطورت أحلامها إلا أن القدر مرة أخرى أجهض حلمها بحياة سعيدة بعد أن قام أحد السوريين الذين كانت تختلط بهم في الطرقات بالتبليغ عنها لدى المصالح الأمنية في أغادير ، هذه الأخيرة التي أمرت بإيقافها وإرسالها إلى السجن بتهمة النصب والتدليس عن طريق التسول بإستعمال وثيقة إدارية مزورة، لتنتهي بذلك قصة إمرأة كافحت من أجل ضمان لقمة عيش كريم وسعت إلى توفير حاجيات طفليها بمختلف الطرق القانونية وغير القانونية، بعد أن رمى بها قدر الحياة بين مطرقة قلة ذات اليد وسندان الشارع.