الرئيسية » انترنت
مقاطع فيديو غريبة على "يوتيوب"

واشنطن - المغرب اليوم

ربما بدا غريبا أن العديد من مقاطع الفيديو على موقع "يوتيوب" التي تحمل أصوات همس وطقطقة وخدش باتت ظاهرة اجتماعية، بل وأصبحت وسيلة كسب رزق للبعض، غير أن العديد من الشركات بدأت تدرك قيمة تلك الأصوات التي تثير في المستمع شعورا خاصا، ما يعد بأرباح طائلة.

تخرج أوليفيا كيسبر مقاطع فيديو تقشعر لها الأبدان، ولكنها قشعريرة لذيذة، فهي تهمس في الميكروفون وتنقر بأطراف أصابعها على أشياء، وتمرر أناملها على فرشاة خاصة، وتخدش بيديها لفافات ورقية، وتسجل صوت التهامها للطعام على الشاشة، إنه أمر غريب وربما بدا للوهلة الأولى مخيفا، غير أنه بدأ يحرز نجاحا مبهرا، فالفيديوهات التي نشرتها على مدار الأعوام الخمسة الماضية اجتذبت أكثر من مليون مشاهدة المرة تلو الأخرى على قناتها على موقع يوتيوب، وبات لديها أكثر من 294 ألف مشترك.

والمشاهدون يقبلون على تلك المقاطع المسجلة على أمل التمتع بإحساس من اللذة يعرف اصطلاحا بـ(أوج الاستجابة الحسية الذاتية) وهو شعور بنوع من القشعريرة تبدأ من فروة الرأس وتسري إلى باقي الجسم مع استجابة لمؤثرات معينة. وكيسبر واحدة من مخرجين عديدين بدأوا يلبون طلب الكثيرين ممن يبغون التمتع بهذا الإحساس.

والمقاطع المُسجلة عادة ما تسير بإيقاع بطيء يشبه التنويم المغناطيسي وتمتد في العادة من 25 دقيقة وحتى الساعة. وتظهر المقاطع أشخاصا يقومون بمهام غريبة، بعضهم يمرر أنامله برفق على أشياء مختلفة، وآخرون يمسحون شعرهم بأيديهم. وتبث تلك الفيديوهات بطريقة ما "رسائل مخية" تعكسها تلك القشعريرة التي تبعث إحساسا قويا بالسكينة.

وتسجل تلك الأصوات بمسارين صوتيين لكل أذن باستخدام معدات عالية الجودة ما يعطي المستمع شعورا مجسما. ومن ضمن المقاطع التي سجلتها كيسبر مؤخرا ما عنون بأشياء طريفة مثل "التهام بيض الثعابين" - والمقصود به في الحقيقة أكل فاكهة نادرة تعرف بهذا الاسم، ومنها الآخر: "همسا! كل شيء سيكون على ما يرام!" والهدف منه الوصول بالمستمع لحالة نعاس هادئ.

وقبل عشر سنوات، لم يكن أحد يظن أن الهمس أمام الكاميرا سيدر دخلا ماليا، أما الآن فتلك الأشياء أصبحت معروفة على وسائل التواصل الاجتماعي ومصدر رزق لمنتجيها، ورغم أن الأمر في بدايته، إلا أنه يتوقع أن يزيد انتشارا مع إقبال شركات وعلامات تجارية معروفة على الاستفادة من تلك "الظاهرة الثقافية"، وبالنسبة لكيسبر التي تنتج مقاطعها من كوستاريكا ليس في الأمر ما يثير العجب، بل تعتبر نجاح تلك الظاهرة "أمرا محتوما" وتصفها بأنها "منتدى تسويقي آخر"، وتقول "من الملاحظ أن قنوات الاستجابة الحسية رائجة جدا، ومن ثم فلابد أن الشركات العملاقة لن تفوت فرصة الاستفادة منها".

وبنقر الشخص على الأحرف الأولى لعبارة "أوج الاستجابة الحسية الذاتية" ASMR على يوتيوب، سيجد 12,7 مليون نتيجة، وبعض الفيديوهات الأشهر شوهدت أكثر من 20 مليون مرة، ما يترجم بالنسبة لمنتجي تلك المقاطع إلى أرباح طائلة تصل آلاف الدولارات عبر الإعلانات التي يضعها يوتيوب برفقة فيديوهاتهم.

ويتعدى الأمر ذلك لرغبة الشركات المعروفة في أن تنخرط انخراطا مباشرا في الظاهرة وليس مجرد الإعلان عن منتجاتها، ففي العام الماضي أطلقت شركة إيكيا الشهيرة للأثاث حملة إعلانية سمتها "غرابة إيكيا" ضمنتها ستة فيديوهات حسية كان أحدها بطول 25 دقيقة كاملة.

ويستعرض الفيديو مجموعة من المنتجات المتعلقة بغرف سكن الطلبة بينما يشرح الراوي بلطف مزايا كل منتج مصحوبا بلمس ناعم لملاءات الأَسرَّة، وضغط الوسائد لبيان مدى راحتها، وخدش النسيج، وهز الشماعات المعدنية للملابس، بينما يواصل الراوي هامسا وصف تفاصيل من قبيل كثافة نسيج ملاءات الفراش، ونوع نسيج الأغطية المعروضة، فضلا عن الأسعار والألوان، ومنافذ البيع.

وتقول كيري هومشير المتخصصة في الإعلان بشركة إيكيا في الولايات المتحدة "لم تكن لدينا توقعات معينة بالنتائج لأن التجربة غير مسبوقة، ولكننا أردنا أن تكون فيديوهاتنا على أعلى مستوى من المصداقية حتى تلقى قبولا لدى معتادي فيديوهات الاستجابة الحسية".

وأتت الإستراتيجية أكلها كثيرا، بحسب هومشير، فقد راج الإعلان جدا حتى شوهد حتى وقتا هذا 1,8 مليون مرة. وتعزي إيكيا الفضل للإعلان في زيادة المبيعات بنسبة 4,5 في المئة في المتاجر، و5,1 في المئة على الإنترنت خلال الحملة الإعلانية.

وأنتجت ليللي ويسبرز أول فيديوهاتها الحسية قبل خمسة أعوام بينما كانت في التاسعة عشرة وكانت من طليعة مخرجي تلك المقاطع، وتضيف ديلا ماثيو، مديرة التصميم بشركة "أوجيلفي آند ماذر نيويورك" للإعلانات - التي شاركت إيكيا إنتاج المقاطع - أن "بعض المشاهدين فوجئوا بالإعلان غير المألوف، ولكن معتادي فيديوهات الاستجابة الحسية ساعدوا المشاهدين الآخرين على فهم الأمر".

ومع تسارع وتيرة البحث على فيديوهات الاستجابة الحسية على يوتيوب (إذ تضاعفت متابعة تلك المقاطع من يونيو/حزيران 2016 إلى الشهر نفسه 2018 بحسب بيانات غوغل) تقدم شركات أخرى على استخدام تلك الفيديوهات، ومن ضمن الشركات المهتمة شركة دوف للشكولاتة ودجاج كنتاكي وشركة نورلاند غولد لوس السويدية للبيرة، وغولد لوس بصدد إنتاج ألبوم من تلك الفيديوهات، وفي عام 2016 بدأت مجلة (W) للموضة سلسلة مقاطع ضمنتها مشاهير في فيديوهات حسية، كان بينهم غال غادوت وإميلي راتايكوفسكي وأوبري بلازا.

وتعمل الشركات الكبرى على توظيف مخرجين لتلك التقنيات ممن راجت فيديوهاتهم، ومنهم ليللي ويسبرز التي كانت من رواد المجال حين أنتجت أول فيديوهاتها الحسية قبل خمسة أعوام وهي بعد في التاسعة عشرة من عمرها، وتعمل ويسبرز في وظيفة دائمة بالتسويق الرقمي فضلا عن إنتاج مقاطع إضافية تتراوح بين مقطعين وثلاثة أسبوعيا تسوق منتجات.

وتشعر ويسبرز أنها قريبة من مشاهدي فيديوهاتها كـ"شقيقة كبرى لهم" خاصة أن 80 في المئة من متابعيها من النساء دون الثلاثين وكثيرات منهن بين الرابعة عشرة والسابعة عشرة من أعمارهن. وتدرك ويسبرز أهمية هذا النوع من التواصل كما تعي حدود التواصل عبر الإنترنت.

وتقول ويسبرز إن تلك الفيديوهات ذات الاستجابة الحسية قد تمثل "ملاذا آمنا للبعض" وتعرب عن ثقتها بفائدة الحديث العلاجي والتواصل بين البشر، وأحيانا تحث مشاهديها على طلب المساعدة من العالم الخارجي.

وبفضل هذا التواصل القوي تسعى الماركات العالمية لتبني منتجي تلك الفيديوهات، مثل ويسبرز، لترويج صناعتهم، وتدفع الشركات مقابل ذلك، إذ قد يتراوح ما تدفعه بين ألف وثلاثة آلاف دولار للحملة الإعلانية، اعتمادا على المشاهدة والتأثير، حسبما تقول سافانا نيوتون مديرة شركة ريتيوال نتويرك للاستفادة بالمواهب الرقمية، ولدى الشركة قائمة تناوب مكونة من منتجي تلك الفيديوهات، منهم ليللي ويسبرز وأوليفيا كيسبر.

بحسب بيانات "غوغل"، يصل البحث على تلك الفيديوهات عادة ذروته في العاشرة والنصف مساء، وربما كان ذلك لمساعدة المستخدمين على النوم.

وتساعد الشركة عملاءها من خلال توفير السيولة المالية المباشرة على منتديات مثل يوتيوب، فضلا عن توزيع الصوت على سبوتيفاي وآي-تيونز وتوفير شراكات المحتوى التجاري، وتقول نيوتن إن مستهلكي الفيديوهات الحسية "يشعرون بالقرب من المنتجين بشكل شخصي ما يحملهم على الوثوق برأيهم في سلعة أو أخرى".

ويمكن لمن يصلون لأوج النجاح عبر تلك الفيديوهات تحويل مواهبهم لأرصدة فعلية عبر تطبيق يدعى باتريون (Patreon)، الذي يتيح الفرصة لذوي المواهب من موسيقيين وأصحاب البث الجوال "البودكاست" للحصول على التمويل المباشر من معجبيهم والمشتركين فضلا عن الجهات الراعية مقابل تقديم المحتوى المتميز.

وتقدم أوليفيا كيسبر فيديوهاتها المتميزة للمشتركين الأوفياء قبل غيرهم كما توافيهم بمشاهد من وراء الكواليس وتتواصل معهم مباشرة عبر سكايب. وبعض منتجي الفيديوهات الحسية لديهم تطبيقاتهم الخاصة، منهم بن نيكولز الطالب في العشرين من عمره بجامعة ليفربول والملقب على الإنترنت بـاسم The ASMR Gamer، إذ يهمس لمشاهدين أغلبهم من الذكور حول ما يتعلق بتكنولوجيا المستهلكين وألعاب الفيديو وكرة القدم والبيرة.

يحب نيكولز ما يتميز به "مجتمع فيديوهات الاستجابة الحسية من خصوصية وانخراط وتفاعل أعمق من المجتمعات الأخرى على يوتيوب"، كما يقول، وبحسب بيانات غوغل، يصل البحث على تلك الفيديوهات عادة ذروته في العاشرة والنصف مساء، ما يعلله نيكولز باستعانة الأشخاص بتلك المقاطع لتساعدهم على النوم - وقد ألف كتابا عن ذلك بعنوان: "فيديوهات الاستجابة الحسية: ثورة في عالم النوم".

ويصف نيكولز الظاهرة بأنها الأسرع نموا بين ظواهر الاسترخاء على الإنترنت، إذ "تعين الملايين على الخلود لنوم هادئ الليلة تلو الأخرى، متجنبين الأرق والقلق".

وحتى الآن لم تجر أبحاث علمية تذكر على كيفية عمل تلك الفيديوهات، ويقول توني رو أستاذ علم النفس والأعصاب بجامعة سيتي يونيفرسيتي أوف نيويورك - شعبة الخريجين: "في الواقع ليس من دليل علمي يظهر أن تلك الفيديوهات تؤدي لنتائج يمكن الوثوق بها من الناحية العصبية"، ومع ذلك "فقد تساعد البعض على نوم أفضل وتقلل أعراض القلق والاكتئاب".

أما منتجو تلك الفيديوهات فلديهم ما يحملهم قطعا على تأكيد فائدة مقاطعهم، إذ تقول أوليفيا كيسبر: "الناس بحاجة ماسة للاهتمام القريب والتواصل المباشر والراحة عبر صوت بشري هادئ".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

رئيس المركز المغربي للحماية من الابتزاز الإلكتروني يُحذر من…
قائمة ممنوعات تواجه الممتحنين وأقساها الحرمان من فيسبوك
واشنطن تهدّد بإغلاق "تيك توك" إذا لم يتحول إلى…
«تويتر» يسم مجددا تغريدة لترامب بإشارة «ضارة أو مضللة»
حملة كبيرة لإيقاف عرض فيديوهات "روتيني اليومي" الفاضحة

اخر الاخبار

وزير الداخلية المغربي يؤكد الاهتمام الذي يوليه الملك محمد…
وفد برلماني شيلي يشيد بدينامية المشاريع التنموية بمدينة الداخلة
وزير الخارجية الأميركي يُشيد بالشراكة مع المغرب في مجال…
لفتيت يُبرز مجهودات وزارة الداخلية لمحاربة البطالة ودعم المقاولات…

فن وموسيقى

سلاف فواخرجي تفوز بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان أيام قرطاج…
كاظم الساهر يسّتعد للعودة للغناء في المغرب بعد غيابه…
المغربي حاتم عمور يستنكر عدم حصوله عن أي جائزة…
منى زكي تؤكد أنها تتأنى دائما في اختياراتها لأعمالها…

أخبار النجوم

الفنانة زينة تكشف عن مفاجأة جديدة في مشوارها الفني
تامر حسني يشوق جمهوره لدويتو مع رامي صبري
أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
أحمد السقا يكشف عن مفاجأة حول ترشحه لبطولة فيلم…

رياضة

المغربي أشرف حكيمي ضمن أفضل 100 لاعب لسنة 2024
نجم منتخب البرازيل وريال مدريد فينيسيوس جونيور يفوز بجائزة…
ليفربول يتواصل مع نجم برشلونة رافينيا لاستبداله بصلاح
يوسف النصيري يواصل تألقه رفقة فريقه فنربخشة في الدوري…

صحة وتغذية

نصائح سهلة للتخلص من الدهون خلال فصل الشتاء
وزارة الصحة المغربية تكشف نتائج التحقيق في وفيات بالمركز…
اختبار عقاراً جديداً يُعيد نمو الأسنان المفقودة
المغرب يُنتج أول اختبار لفيروس جدري القردة في أفريقيا

الأخبار الأكثر قراءة