الرئيسية » تحقيقات وملفات
فتاة تسير الى المدرسة في تغزيرت

تغزيرت ـ أ.ف.ب

 في فصل الشتاء، تصبح قرية تغزيرت المعلقة في اعلى جبل في جنوب المغرب معزولة عن العالم، بسبب انقطاع الطرق الجبلية الوعرة التي تغمرها المياه او الثلوج وغياب التغطية الهاتفية.

يتقدم بوجمعة (30 عاما) بصعوبة على بغله في ممرات جبلية وعرة وضيقة ومحفوفة بالخطر في اتجاه قريته، مشيرا الى ان البغل هو وسيلته الوحيدة لنقل السلع الى حانوته الصغير حيث يبيعها لسكان القرية... لكنه يستخدمه احيانا لمساعدة المرضى في الوصول الى المستشفيات.

ويقول وهو يرافق مراسلي وكالة فرانس برس عبر هذه الممرات، اياما قليلة قبل تساقط الثلوج التي وصلت متأخرة هذه السنة الى المغرب، "تقطع الطرق عند هطول الثلوج والأمطار الغزيرة، لأن منسوب المياه يكون مرتفعا جدا في الوادي. حتى البغال لا تستطيع العبور، وبالتالي يكون الناس في عزلة لمدة طويلة بدون مؤن".

ويروي بوجمعة "يطلب مني الناس في القرية احيانا كثيرة نقل مريض على بغلي، لأن عدد البغال قليل جدا. اما من لا يتمكن من تأمين بغل، فيطلب مساعدة بعض الرجال الذين يحملون المريض على نعش خشبي (مخصص اصلا لحمل الموتى) ويمشون به ساعات طويلة حتى أسفل وادي الزات".

- الموت على الطريق -

بين تغزيرت ووادي الزات، عشرة كيلومترات من المسالك الجبلية الصعبة، قبل الوصول الى اول طريق غير معبدة مؤدية إلى قرية إغرم. هناك، قد يحالف الحظ البعض في العثور على سيارة، والا فعليهم الاستعانة ببغل او مواصلة السير على الاقدام حوالى 23 كيلومترا في اتجاه قرية تغدوين حيث يوجد مستوصف يفتقد الى الكثير من الاساسيات من مستلزمات المشافي والعيادات.

ويقطن تغزيرت الواقعة على بعد حوالى مئة كيلومتر جنوب مدينة مراكش قرابة خمسمئة شخص في حوالى تسعين منزلا مصنوعة من الصخر والطين. 


وتقول تلايثماس المقيمة في القرية مع سبعة من اولادها وعائلاتهم بحسرة، "الحوامل والشيوخ والأطفال المرضى يموتون في الشتاء بسبب عدم وجود مستشفى وغياب التغطية الهاتفية".

وللاتصال بالعالم الخارجي، يضطر الرجال إلى الصعود الى قمة الجبل. ويمكن لوزارة الصحة ان ترسل مروحية لنقل الحالات الطارئة والمستعجلة، لكن سوء حال الطقس يؤدي الى انقطاع الخطوط الهاتفية ما يحول دون التمكن من الاتصال بالوزارة وطلب الغوث. 

ويقول حسن ابو الظاهر (26 سنة) المقيم في تغدوين والذي يعمل مستشارا لخمس قرى منذ تشرين الاول/أكتوبر بعد نجاحه في الانتخابات المحلية، انه تم تسجيل "28 حالة وفاة بين النساء الحوامل والرجال المرضى الذين تم نقلهم على نعوش لإيصالهم إلى المستشفى في تغزيرت منذ 1999".

ويشير الى وفاة طفلين في القرية خلال 2016 "بسبب السعال" وعدم تلقيهما العلاج.

وتروي بلقاس نجمة (50 عاما) "عندما يقترب موعد وضع المرأة الحامل، يضعها رجال فوق نعش يحملونه على أكتافهم ويسيرون به ساعات طويلة"، مضيفة ان بعض النساء يفضلن الانتقال على ظهر البغل، "وذلك يهدد حملهن وقد يفقدن حياتهن في الطريق".

ويقول لحسن آسني (69 عاما) انه سبق له ان نقل قريبا له على نعش الى مستشفى. 

وآسني واحد من المحظوظين الذين يملكون بغلا يحمل عليه مؤنا لإعالة عائلته.

ويقول لفرانس برس "عند ارتفاع منسوب المياه في وادي الزات، نعبر بصعوبة، وعندها تكون نصف المؤن على ظهور البغال قد تبللت وفسدت".

والدقيق أهم هذه المؤن، إذ يصنع منه الخبز، إلى جانب الشاي وزيت الزيتون عناصر الوجبات الرئيسية إبان فصل الشتاء في تغزيرت، كما في باقي مناطق المغرب الفقيرة.

الا ان نقل هذه السلع الأساسية يظل مكلفا وصعبا لسكان القرية الذين يعتمدون في معيشتهم خصوصا على الزراعة وتربية المواشي.

- سلع أساسية بضعف الثمن -

ويقول لحسن انه يستاجر بغلا اضافيا احيانا لان واحدا لا يكفي. ويضيف ان كلفة نقل مئة كيلوغرام من الدقيق قد تصل الى 120 درهما (اكثر من عشرة يورو)، علما ان سعر المئة كيلوغرام من الدقيق المدعوم من الحكومة يقارب 18 يورو.

وتعتمد عائلات كثيرة في قرية تغزيرت على حانوت بوجمعة حيث تباع السلع الاستهلاكية الأساسية باسعار باهظة على سكان القرية المعدمة.

ويبلغ ثمن قنينة الغاز الكبيرة 80 درهما (7,4 يورو) خلال فترات صفاء الطقس، في حين أن ثمنها الأصلي في السوق 42 درهما (3,8 يورو). أما في فصل الشتاء، فقد يصل ثمنها الى 100 درهم.

ويقول بوجمعة ان سبب ارتفاع الاسعار "هو كلفة النقل، إذ ان بغلي غير كاف لنقل كل السلع، فأضطر لاستئجار ثلاثة أو أربعة بغال أخرى ب300 درهم".

وللاقتصاد في مصروف الغاز، تخرج النساء في وقت مبكر كل يوم بحثا عن الحطب في الجبال الوعرة لساعات طويلة قبل ان يعدن في منتصف النهار، وبينهن بلقاس نجمة التي كانت تعد خبزا لأطفال متحلقين حولها، فيما تحرك بيديها المتشققتين بين الحين والآخر الحطب داخل التنور المصنوع من التراب.

وتغزيرت واحدة من عشرات القرى المغربية التي تعاني مثل هذه العزلة في الشتاء.

وتنعكس العزلة ايضا على تعليم الاطفال.

ويقول ابو الظاهر "منذ 1994، لم يسبق لأحد من أبناء تغزيرت أن تجاوز المرحلة الابتدائية بسبب العزلة، وأنا واحد منهم، فقد توقفت عن الدراسة في السنة الرابعة ابتدائي".

View on Almaghribtoday.net

أخبار ذات صلة

انخفاض ملموس في المساحات الغابوية المغربية المٌتضررة من الحرائق…
ظاهرة جديدة حيرت العلماء حيتان قاتلة تٌغرق يختًا بطول…
وزارة التجهيز المغربية تدعّو السائقين إلى توخي الحذر بسبب…
غواصون يرصدون مخلوقًا غريبا مٌنتفخًا قبالة سواحل المغرب
فاس تحتضن أول مختبر حي لسبو Living Lab Sebou…

اخر الاخبار

منظمة التحرير الفلسطينية تهنئ الشعب اللبناني بإنتخاب رئيس جديد…
وزير دفاع سوريا يؤكد أن الأسد استخدم الجيش لحماية…
مجلس المستشارين المغربي يؤجل تقديم السكوري لمشروع قانون الإضراب…
وفد مغريي يُمثل الملك محمد السادس في مراسم تنصيب…

فن وموسيقى

المغربية سميرة سعيد تسّتعيد ذكريات طفولتها وشغف البدايات بفيديو…
المغربية جنات تكشف عن موقفها من إجراء عمليات التجميل…
لطيفة أحرار تؤكد أن الجمهور الذي يعرفها فقط كفنانة…
وفاة الأب الروحي للأغنية الشعبية في مصر أحمد عدوية…

أخبار النجوم

يبدأ تصوير "عقبال عندكم" لحسن الرداد وإيمي سمير غانم…
هيفاء وهبى تطرح أحدث أغانيها "سوبر وومان"
مدين ينشر كواليس أغنية "باركوا" لمى فاروق بعد تصدرها…
أحمد سعد يمازح ويل سميث قائلا "بسم الله ما…

رياضة

محمد صلاح على موعد مع إنجاز تاريخى مع ليفربول…
المغربي عبد الرزاق حمد الله يُعرب عن سعادته بقيادة…
أشرف حكيمي يُتوج مع باريس سان جيرمان بلقب النسخة…
المغربي حكيم زياش يشترط على غلطة سراي الحصول على…

صحة وتغذية

المغرب يشهد ارتفاعاً مقلقاً في عدد الوفيات بسبب الإصابة…
الولايات المتحدة تسجل أول وفاة بشرية بسبب إنفلونزا الطيور
تناول الفواكه والخضراوات في نظامك الغذائي يُقلل من خطر…
المغرب يُعزز مكانته كمُصدٍر رئيسي للخضراوات الطازجة إلى بريطانيا

الأخبار الأكثر قراءة