لندن ـ المغرب اليوم
اكتشف الباحثون أن حيوانات البابون البرية تتصرف على نحو مماثل للبشر في حياتهم الاجتماعية، موضحين أن البالغين من حيوانات البابون، يجدون دائمًا في مقدمة قواتهم، ولأن الآخرين، وهم عادة من صغار العمر، يميلون لتواجدهم في المركز أو في الجزء الخلفي من القوات، وقارن الباحثون ذلك مع سلوك البشر، حيث أن بعض الناس يضعون أنفسهم في وسط حشد تحيط به الأصدقاء، والبعض الآخر يفضل أن يجد زاوية هادئة للجلوس والتحدث.
وقال دكتورة مارجريت كروفوت، أستاذ مساعد في علم الإنسان في جامعة كاليفورنيا ديفيس، والمؤلف الرئيسي للدراسة: "إن الدراسة توضح كيف يمكن أن يختار الحيوانات مكانها ضمن مجموعتها الاجتماعية ويؤثر ذلك على بقائهم على قيد الحياة أو الموت"، مضيفة "الحيوانات في الجزء الأمامي من مجموعتهم قد يحصلوا على الطعام قبل باقي أفراد المجموعة، لكنها أيضًا أكثر عرضة للأن يتم انتقاؤها من قبل الحيوانات المفترسة."
ولمعرفة المزيد عن ذلك، أجرى الباحثون في جامعة كاليفورنيا في كاليفورنيا ديفيس، دراسة بشأن كيفية تأثير التفاعل بين أفراد المجموعة، على مكانتهم في القوات والعثور عليهم، وللقيام بذلك، قاموا بتجهيز عدد من حيوانات البابون البرية في وسط كينيا باستخدام أجهزة تعقب "جي بي إس"، وتم تتبع 26 من أصل 46 عضوًا من مجموعة البابون البرية، وتم برمجتها لتسجيل تقديرات الموقع بشكل مستمر خلال ساعات النهار، كما أجرى الباحثون ملاحظات سلوكية لتحديد من هو المهيمن في القوات.
.
فعلى سبيل المثال، تم تحديد ذكور "ألفا" استنادًا إلى الملاحظات المتعلقة بأولويته في الحصول على الغذاء، وتشريد الأفراد الآخرين في القوات، واستلامه سلوكًا خاضعًا من أفراد آخرين، ثم قام الباحثون بتحليل البيانات التي تم تسجيلها من قبل تعقب أجهزة الـ"جي بي إس" لتحديد الأنماط المكانية، ووجدوا أن أفراد المجموعة لديهم أنماط ثابتة لتحديد المواقع التي تراوحت من المقدمة إلى المركز، ومن الأمام إلى الخلف.
واحتل الكبار البالغين، الأماكن الأمامية والجانبية، في حين أن الأصغر عمرًا الذين لم يبلغوا بعد والشباب، احتلوا عادة الأماكن المركزية ووجدوا البعض منهم في الجزء الخلفي من القوات، وتشير نتائج الفريق إلى أن القواعد السلوكية البسيطة قد تفسر تفضيلات البابون الظاهرة لاختيار الأماكن بين المجموعة، على سبيل المثال، البالغون الذكور أكبر بكثير من الإناث البالغات ولها أسلحة مثيرة للإعجاب، مثل الأسنان الكبيرة.
وذلك يعني أنها ليست مهيمنة اجتماعيًا على الإناث فحسب، بل هي أيضًا أقل تعرضًا للحيوانات المفترسة، الأمر الذي من شأنه أن يؤثر على تواجدها في موقع خارجي أو جانبي مقابل موقع مركزي داخل المجموعة، وأضافت كروفوت: "الحيوانات التي تولي اهتمامًا بزملائها في المجموعة عند اتخاذ قرار بشأن مكانها ستنتهي حتمًا في وسط مجموعتها"، "وبالتالي فإن الاختلافات في الحساسية الاجتماعية قد تفسر لماذا يقرر البابون الأصغر سنًا في المواقف الأكثر أمانًا أن يكون في وسط القوات، في حين أن الذكور البالغين يجدون أنفسهم في مقدمة المجموعة ".
وقد لاحظ الباحثون منذ وقت طويل، أن تحديد المواقع المكانية له آثار هامة على اللياقة البدنية والبقاء على قيد الحياة، ولكن حيث يتم وضع الحيوان في مجموعته يعتمد ليس فقط على سلوكها الخاص، ولكن أيضًا على سلوك زملائه في المجموعة، وأوضحت كروفوت "أن الانتقاء الطبيعي في تلك الخصائص الناشئة أمر أساسي لفهم الديناميات التطورية للكائنات الاجتماعية".