ريو دي جانيرو ـ د.ب.أ
تفوح الرائحة الكريهة على الفور بمجرد أن يضع ماريو موسكاتيلي مجدافه في قاع واحدة من البحيرات حول ريو دي جانيرو، المدينة المستضيفة للأولمبياد الصيفي.
ويقول البرازيلي موسكاتيلي، المتخصص في علم الأحياء، مع تحرك زورقه المزود بمحرك صوب بحيرة تيجوكا، بالقرب من القرية الأولمبية في غرب مدينة تيغوكا التي تقع على مشارف ريو "المياه ملوثة تماماً".
وأوضح موسكاتيلي أن بحيرة جاكاريباغوا، التي تقع على بعد مئات الأمتار من المواقع الأولمبية، ملوثة بمياه الصرف الصحي والقمامة.
وتمتد المياه الملوثة إلى خليج غوانابارا، موقع استضافة منافسات الشراع الأولمبية التي تنطلق في 5 أغسطس (آب) الجاري.
ويمثل التلوث البيئي مشكلة طويلة المدى بالنسبة لريو، المدينة التي تعهدت ببيئة طبيعية مثالية بصفتها موقع استضافة الأحداث الرياضية العالمية، كما أن الجبال المحيطة والمساحات الخضراء بالمدينة التي تطل على المحيط الأطلسي، تجعل من المدينة البرازيلية واحدة من أروع المدن حول العالم.
إلا أن الصورة المثالية الموضوعة على البطاقات البريدية تتناقض مع صور آلاف الأسماك النافقة التي تطفو على سطح مياه خليج غوانابارا وبحيرة رودريغو فريتاس، التي تستضيف المنافسات الأولمبية.
كل أنواع الصرف الخام يمكن مشاهدتها في خلجان المدينة، إذ أشار موسكاتيلي إلى أريكة نصفها مغمور في مياه بحيرة تيغوكا، القريبة من حي ريو داس بيدراس الفقير.
وتعهدت البرازيل بتطهير 80% من خليج غوانابارا، ليصبح واحداً من المواقع المميزة لدورة الألعاب الأولمبية، عندما فازت ريو بحق استضافة الأولمبياد.
وقال موسكاتيلي (52 عاماً) لصحيفة "أو غلوبو": "كانت الأشد أثماً من بين جميع الوعود الكاذبة".
وقدر موسكاتيلي حجم المياه الملوثة التي تتدفق من المناطق المحيطة بريو، والتي يسكنها نحو 5ر6 مليون شخص، إلى الخليج كل يوم بما يبلغ نحو 93 حمام سباحة أولمبياً تملؤها مياه الصرف الصحي، وأن 50% فقط من هذه المياه يتم علاجها.
ويحتج موسكاتيلي على الوعود الفاشلة لتطهير مياه ريو منذ أكثر من 20 عاماً، وأكد "السلطات تعهدت بأنها ستكون واحدة من نماذج الإرث البيئي".
وأثارت الممرات المائية الملوثة مشاعر القلق لدى الرياضيين المشاركين في الأولمبياد.
وقال البحار الألماني فيرديناند جيرز بشأن مواجهة مخاطر التلوث: "نحن نتناول المكملات الغذائية ونأخذ اللقاح، وسنقوم بالاستحمام على متن القوارب".
وعانى البحار الألماني إيريك هيل من "جرثومة مارسا" وهي بكتريا تأكل الجلد، في قدمه وفخذه بعد زيارته للبرازيل في العام الماضي، إذ وصف الأطباء مشاركته في اختبارات الأداء في خليج غوانبارا، بأنها جريمة.
وأكد موسكاتيلي أنه ينبغي تطعيم جميع الرياضيين ضد التهاب الكبد الوبائي "فيروس إيه"، وتوخي الحذر من الإصابة بعدوى أخرى مثل التهاب المعدة والأمعاء والتهاب الملتحمة.
ولكن تجنب المشاكل الصحية في ريو بات مسؤولية الرياضيين أنفسهم بعد فشل الدولة المضيفة في الوفاء بوعودها المتعلقة بالبيئة.
كما أن خليج غوانبارا لديه نظام محدود لإبقاء مياه الصرف الصحي بعيداً عن مارينا دي غلوريا، وهي نقطة انطلاق منافسات الشراع الأولمبية.
وفي كل يوم من أيام الدورة الأولمبية ستحلق مروحية لمراقبة محاولات 12 قارباً بيئياً لانتشال أكبر حجم ممكن من القمامة من المياه.
ولم يتوقف الدعم الدولي عن الدولة المستضيفة للأولمبياد، إذ وافق البنك الأمريكي للتنمية في 2011 على قرض للبرازيل بقيمة 450 مليون دولار لتطهير الخليج من أجل الدورة الأولمبية.
ويرى موسكاتيلي أن نجاح منافسات الألعاب المائية في الأولمبياد يعتمد على حالة الجو.
وقال موسكاتيلي: "إذا كان المد عالياً، والشمس مشرقة ستسير الأمور بشكل جيد لأن مياه الصرف الصحي سترقد في قاع بحيرة تيغوكا".
ولكن موسكاتيلي حذر من أن الأمور قد تتحول إلى الأسوأ إذا كان هناك رياح وأمطار، إذ ستتحرك حينها النفايات.