عمان ـ بترا
لم يخف سمو الامير الحسن بن طلال رئيس المجلس الإستشاري للمياه والصرف الصحي من ان واقع الحال فيما يتعلق بمورد المياه ينذر بوجود أزمة وجودية، ما يتطلب خطة صلابة متوسطة المدى لزيادة الاستثمارات في البنى التحية للمياه. وخاطب سموه المشاركين في كلمة له بافتتاح اعمال مؤتمر المياه في الوطن العربي، والذي حمل شعار: "الواقع، التحديات والفرص"، لقد سعينا ومن منطلق رؤيتنا لهذا الواقع بالتواصل مع كل الفاعلين محليا ودوليا؛ لوضع المياه على سلم الأولويات، لتكون هدفا مستقلا ضمن أجندة التنمية لهذا العام، وصولا الى تحقيق الاهداف الإنمائية الخاصة بالمياه قبل عام 2015، وهو الموعد النهائي لتحويل الاهداف الى واقع. وقال سموه: إن المياه كمورد لا يعرف حدودا وفي ظل وجود خطط تتحدث عن الحاضر، لكن اين نحن من الخطط التي تستشرف المستقبل من منطلق رؤية ناظمة تلتقي عليها اطراف المعادلة الثلاث السياسية، والاقتصادية والاجتماعية والقطاع المدني. واكد سموه ان التحدي الماثل امامنا اليوم هو غياب تحديد الاولويات، ولا اتحدث هنا بنظرة داخلية، بل اتحدث بنظرة شمولية، وعلينا تطوير خطط مرنة على مستوى الأقليم تتعامل مع تحدياتنا، وهذا يتأتى من وجود قاعدة معرفية مبنية على الإنسان والمكان. وتطرق سموه الى دراسة اعدها الدكتور ناجي سفير من جامعة الجزائر تحمل عنوان "ماذا يرد المغرب" تُظهر الأولويات التي يحتاجها المغرب في مجال التعليم الخاص، وفيما يتعلق بالقيمة الرقمية وتطوير البحث العلمي المعتمد، وتشغيل براءات الاختراعات والمعرفة الاقتصادية، لافتا الى إمكانية ان يتجه المشرق العربي الى مثل هذا الدراسات والتي تظهر أهمية تحديد الاولويات عند رسم السياسات ووضع الخطط. وربط سموه بين الوصول إلى مقترب تأمين مياه نقية لملايين البشر، وبين درء مخاطر الكثير من الامراض المرتبطة بضمان جودة هذا العنصر، وأعاد التأكيد على أهمية وجود مجلس اقتصادي عربي يخطط للاولويات، معربا عن امله ان تقدم في قمة الكويت القادمة ورقة عمل حول القدرة التحميلية لدول غرب آسيا في ظل وجود ما يزيد عن 20 مليون مقتلع يحتاجون الى حفظ كرامتهم الانسانية. واعرب سموه عن امله ان تتم معالجة هذا القضايا في اطار الأمم المتحدة، لافتا الى استثمار فرصة وجود عربي في موقع اممي يساهم في وضع قضايا المياه على سلم اهتمام الفاعلين، معرجا في حديثه على الأولويات الوطنية، متسائلا هل هي المياه ام الطاقة ام التعليم، داعيا الى ضرورة البدء بالاهم ثم المهم. واشار الى ان عدد سكان الأردن سيصل في عام 2025 الى حوالي 10 ملايين، وفي هذا الإطار أليس من الصعوبة توفير احتياجات المياه لهم في ظل غياب المعرفة لمناطق تواجدهم. من جانبه، أشار وزير المياه والري الدكتور حازم الناصر إلى جملة من المستجدات التي طرأت على قضية المياه في المنطقة العربية ومنطقة جنوب المتوسط أبرزها الاحتباس الحراري وتزايد الشح المائي واستنزاف الموارد المائية في ظل غياب الإدارات الحديثة وترشيد الاستهلاك وضعف الحاكمية الرشيدة وما تعانيه المنطقة من صراعات اقليمية ودولية عكست بشكل واضح مفاهيم الحقوق المائية المشتركة. وأكد الناصر أن الظواهر والمؤشرات في المنطقة العربية تنبىء بأن المنطقة ستشهد في السنوات المقبلة المزيد من الاضطرابات والاعتصامات بسبب تأثير المياه على انتاج الغذاء والحبوب ومياه الشرب وخدمات الصرف الصحي مقترنة بارتفاع كلفة الطاقة، لافتا إلى أن 13 دولة من بين 22 دولة أعضاء في جامعة الدول العربية تعتبر من بين دول العالم الأكثر ندرة وفقرا في توفر مصادر المياه. ولفت إلى أن نقص المياه في البلدان العربية سيكون من الأسباب الرئيسة في عدم استقرار المنطقة، مشيرا إلى أن العجز المائي العربي الحالي يقدر بـ 45 مليار متر مكعب وسيصل بحلول عام 2030 إلى نحو 127 مليار متر مكعب، إضافة إلى تأثيرات التغير المناخي والانحباس الحراري التي تؤثر على معدلات الهطول والتي ستتناقص بحدود 20 بالمئة في ذلك العام. وقال رئيس الجامعة الأردنية الدكتور اخليف الطراونة في كلمته أن المؤتمر يأتي منسجما ومكملا لاستراتيجية التعليم العالي في حوض البحر المتوسط والتي تهدف إلى تعزيز دور الجامعات في تنمية الكفاءات العلمية والمعرفية الملائمة وتأهيلها في مجال الموارد الطبيعية والتغير المناخي والطاقة المتجددة لتكون الأقدر على العمل وفق متطلباته الوطنية. وعرض التطورات التي شهدها قطاع التعليم العالي والبحث العلمي خلال السنوات الماضية والتي شملت مكوناته الأساسية وسياساته، مثمنا التوجيهات الملكية السامية الرامية إلى اهتمام خاص بالتعليم العالي كأداة أساسية للتنمية الوطنية الشاملة من خلال تنفيذ برامج مختلفة بهدف تطوير واقعه من تحديث للاستراتيجيات بما يتلاءم والمستجدات على المستوى الوطني والعالمي. بدوره أكد الأمين العام لاتحاد الجامعات العربية الدكتور سلطان أبو عرابي أن المؤتمر جاء ثمرة تعاون بين الاتحاد والجامعة الأردنية التي لم تبخل منذ انضمامها للاتحاد بدعمه والمساهمة الفاعلة بكافة أنشطته وفعالياته، مشيرا إلى أن العالم بأسره يولي قضية المياه جل الاهتمام الأمر الذي يكتسب أهمية خاصة في الوطن العربي نظرا لمحدودية مواردها وشحها منذ سنوات بسبب ازدياد الكثافة السكانية بشكل كبير. إلى ذلك لفت مدير مركز المياه والطاقة والبيئة الدكتور أحمد السلايمة إلى أن المركز لعب دورا رائدا في تطوير وتنفيذ استيراتيجيات وطنية لتحسين وإدارة الموارد المائية في الأردن. بدوره استعرض رئيس اللجنة التحضيرية للمؤتمر الدكتور عباس العمري أهداف وغايات المؤتمر، مشيرا إلى المواضيع التي سيناقشها بمشاركة خبراء ومتخصصين وأكاديميين، بالاضافة الى عدد من المتحدثين الرئيسيين من 15 دولة منها مصر والعراق واليمن والسودان وفلسطين والسعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وتركيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا واليابان إضافة إلى الأردن. وتناولت الجلسة الأولى ورقتي عمل، الأولى قدمها امين عام وزارة المياه والري باسم طلفاح تطرق من خلالها إلى دور المجتمع المحلي في إدارة آمنة للمياه، والثانية قدمها الدكتور ذيب عويس بعنوان "الأمن المائي والغذائي في الوطن العربي :التحديات والإمكانيات". ويشارك في المؤتمر الذي نظمته الجامعة الأردنية ممثلة بمركز المياه والطاقة والبيئة في عمان، نخبة من الخبراء والعلماء في مجال المياه على المستوى المحلي والاقليمي والدولي. ويشكل المؤتمر الذي جاء تنظيمه بالتعاون مع اتحاد الجامعات العربية ووزارة المياه والري فرصة لتبادل المعلومات والمعرفة العلمية؛ للوقوف على أبرز التحديات التي يواجهها قطاع المياه في الوطن العربي، بهدف التوصل إلى حلول وسياسات تنعكس إيجابا عليه، وتسهم في إثراء التجارب والخبرات المحلية في الأردن.